على عكس كل بقاع الأرض ما إن تظهر بوادر أزمة في أي دولة عربية تجد بأن أنظمة هذا البلد تتسارع وتتسابق للاستنجاد بقوى أخرى، إما إقليمة أو دولية لبيع بلدانها بهدف الحفاظ على كرسي القيادة، بل يصل بالبعض أن يطلبوا التدخل العسكري في بلدانهم ضد شعوبهم كما حصل بسوريا، تسارع النظام السوري لبيع سوريا ومقدراتها لإيران الطامعة بالتوسع واسترجاع أمجاد زائلة، ولم يكتف بإيران بل اتجه للدولة التي عرف عنها الارتزاق بالقتال والبيع والشراء للفيتو التي تملكه في الأمم المتحدة.
تسارعت الأحداث خلال الشهر الفائت والاجتماعات السياسية ولقاءات المساومات حول قضية الشعب السوري شارك فيها الجميع ما عدا السوريين، وظهر في هذه اللقاءات وماتبعها من تصريحات إعلامية بوادر شقاق بين حليفي الأسد في قتل السوريين إيران وروسيا، وهو صراع مصالح ومناطق نفوذ حيث ينظر كل طرف منهم للقضية السورية من زاوية تختلف كل الاختلاف عن زاوية الآخر.
فقد تحدث تقرير صادر عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في منتصف الشهر الماضي عن فشل روسيا وإيران في سورية وتحدث عن عمق الخلاف الروسي الإيراني ” الإسرائيلي أن الروس والإيرانيين لم يفشلوا فقط في حسم المواجهة ضد الثوار، “بل إن كثافة القصف الروسي وعمق التدخل الإيراني، مع كل ما نتج عنه من خسائر فادحة في أوساط المدنيين السوريين، لم يفلحا في التأثير على دافعية قوى المعارضة السورية على مواصلة القتال ضد النظام والسعي لإسقاطه” .
وعن الخلاف قالت الدراسة: إن الروس يحاولون “توظيف تدخلهم في سوريا من أجل تحقيق مكاسب في ساحات أخرى وهم يبتزون الغرب من خلال التواجد في سوريا لتقديم تنازلات في ساحات أخرى، مثل أوكرانيا”.
وتحدث المركز عن الخلافات بين طهران وروسيا وقال أنه يظهر في التصور للحل في سوريا، حيث أن موسكو تريد بأن يتم التوصل “لحل سياسي يضمن صيانة مصالحها في الساحل السوري” والروس مستعدون للتسليم بشرعية سيطرة القوى الإسلامية السنية على مناطق في وسط سوريا، والأكراد في شمالها.
أما الإيرانيون يريدون القضاء على أي نفوذ في سوريا غير نفوذ الأسد أو حاشيته وتوقع المركز أن يزداد الخلاف الروسي الإيراني ليصبح أزمة حقيقية ستؤثر على مستقبل العلاقة بين طهران وموسكو، فالروس لا يعنيهم الأسد بقدر ما يعنيهم الحفاظ على مصالحهم أما الإيرانيين يتمسكون بالأسد ولا يريدون المساوة على مستقبله لأنهم يعتبرون قتالهم في سورية نابع عن قتال عقائدي.
يدرك الإيرانيون جيدا بأن من ناصروهم في سوريا لا يرغبون كثيرا بالنموذج الإيراني ويفضلون الروس على إيران لعدة أسباب وأهمها الجانب الاقتصادي؛ لذلك لاتجد من السوريين والمحسوبين على النظام من يفضل السفر لإيران، الذين لا يروق لهم النموذج الإيراني في العيش، والتشديد في المأكل والملبس و هم أميلُ إلى الروس: اجتماعيًا، و اقتصاديًا، و ثقافيًا، لذلك يشعر الإيرانيون أنهم أمام منافس قوي على النفوذ في سوريا.
وتحدثت وسائل إعلامية عن سعي موسكو لإحكام قبضتها على قوات النظام بما فيها الأمنية، إذ تسعى لزيادة سلطة الأمن العسكري، عقب التخلص من رئيسها السابق رفيق شحادة المحسوب على الإيرانيين، على خلفية تفاقم صراعه الشخصي مع رئيس شعبة الأمن السياسي رستم غزالي والذي توفي في ظروف غامضة”.
وقد نشر موقع العربي الجديد مقالة عن الخلاف من خلال تشكيل معارضة حميميم جاء فيها “فوجئ وفد معارضة حميميم، الذي شارك في مباحثات جنيف 3 باسم معارضة الداخل، وهو سبق أن شُكّل في مطار حميميم العسكري، القاعدة العسكرية للقوات الروسية في الساحل السوري، نهاية الأسبوع الماضي بأن الجهة المسؤولة عنه بشكل مباشر، والتي كانت تزوده بالتعليمات والتوجيهات وتستلم منه تقارير بنشاطه، قد تم تغييرها من مكتب الأمن الوطني الذي يرأسه اللواء علي مملوك، المقرب من الإيرانيين، إلى شعبة الأمن العسكري برئاسة اللواء محمد محلا المعروف عنه الولاء للروس”.
يزداد تشظي النظام يوما بعد أخر بزيادة التدخل الإيراني الروسي بكل كبيرة وصغيرة، ولا تجد قيادات دمشق سوى الصبر والمزيد من التنازلات للحفاظ على كرسي زائل لامحالة.
المركز الصحفي السوري- اكرم الاحمد