موسم قطف الحمضيات.. حل لمعلمي المدارس بعد ترك عملهم في تركيا

بدأ العام الدراسي الجديد في تركيا دون بارقة أمل تنهي مشكلة المعملين السوريين المفصولين عن العمل بعد مناشدات ومطالبات عدة وصلت أنقرة لكن دون حل، لتفتح المعاصر وورش الزراعة أبوابها لأصحاب الأقلام النيرة.

 

أبو أحمد 45 عاماً من إدلب معلم للغة العربية طيلة السنوات الثمانية السابقة في مدارس “اليونيسف” في مدينة الريحانية التركية لأخذ أجر بسيط يسد لقمة عيشه وأولاده، بدلاً من الأعمال الشاقة وأجرها الزهيد جداً التي لم يخطر في باله في يوم من الأيام العودة إليها، ومن بزوغ الضوء ينتظر باص “الورشة” للذهاب إلى قطف الليمون في مدينتي إسكندرون ودرتيول على البحر الأبيض المتوسط.

 

ترتجف يدا أبي أحمد التي مزقتها أشواك أغصان الليمون، تلك الأيدي التي علمت الأجيال كيفية العطاء والخير وحسن الأخلاق، يقول بصوت خفي يكاد يسمع وبتقطيع بين كلامه المتأسف على حاله ” أخرج يومياً من بيتي الصغير الذي يزعج باب النائمين قبل المستيقظين بسبب “صرصركته” المزعجة وسط الظلام، وكأنه يتأوه هو الآخر من البرد أو يشتكي أني قد أزعجت استراحته”.

 

ينتظر أبو أحمد قدوم الحافلة التي تأخذ وقتاً طويلاً للوصول إلى البستان، يشاهد العمال وهم في نوم عميق، فهذا رأسه قد مال على كتف زميله وآخر التصق وجهه “المتصقع” من البرد بزجاج الحافلة، وذاك ينفخ بيديه ويحاول تغطية نفسه ببطانية مهترئة، لا يقطعها سوى صوت المحرك الذي ينعم بالدفء فقط.

 

يبدع أبو أحمد في وصف معاناته التي لم يتخيلها أبداً، يقول “قالوا عنا لاجئين ولنا حقوق أريد السفر مع عائلتي لأستطيع إكمال دراسة الأولاد، هنا من الصعب تأمين ذلك، فهنا مصير الأطفال في المشاغل والورش قبل طلوع الشمس إلى الغروب” لافتاً إلى أنه يشتهي يوماً واحداً للجلوس مع عائلته على مائدة الإفطار أو الغداء كما هي عادتنا في سوريا.

يحترق قلب أبو محمد دون أن يجد ما يطفئ جمرته المشتعلة، فهو يرى مكانه بين الطلاب والكتب والأقلام الملونة مع اللوح الذي يسطر عليه أعظم العطاء ألا وهو العلم والتوجيه الصحيح لمسيرة الأجيال في بناء الهوية والحفاظ على الثقافة، بل يجد نفسه رقماً أو كلمة “هيي” لدى مناداته من صاحب العمل الذي لا يعرف في قاموسه معنى قلم وورقة إلا في جمع الحسابات وأجور العمال وهذا كل ما في همه، لا يعرف في حساباته أن الذي يعمل هو إنسان مثله وليس مجرد آلة يمتطيها كـ “التراكتور”.

 

ذهب عام آخر عن فصل ثلاثة عشر ألف معلم عن مهام التدريس في عموم الولايات التركية التي يتواجد فيها السوريون بكثرة ضمن برنامج دعمته اليونيسيف بالتعاون مع الحكومة التركية دون حل للغالبية منهم أو تعويض يحفظ حقوقهم.
طارق الجاسم / قصة خبرية

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist