كانت قوية بالرغم من الظروف القاسية التي تمر بها، فقد أصبحت المعيل الوحيد لأسرتها الكبيرة، (فالاثنان وستون) عاما لم يعفوا أم الشهداء من الخروج باكرا للبحث عن لقيمات تسد بها رمق أحفادها الاثني عشر.
وأم الشهداء كباقي النساء في سوريا ممن فقدن المعيل، فندرة فرص العمل والقصف الشديد الذي طال المدن السورية وأدى إلى خروج الكثير من المنشآت عن الخدمة والحاجة الشديدة دفعا بالسيدة عائشة للبحث عن عمل.
فهناك ما يقارب (700)عائلة بلا معيل في مدينة معضمية الشام بريف دمشق، فالتقيت بها وهي تقدم التهنئة لوالدة الشهيد محمد حيث أمسكت بيدها قائلة:” مين بشوف مصيبة غيروا بتهون عليه مصيبتو.”
ففي فجر الجمعة (17 نيسان) 2013 قام الشبيحة بمداهمة المدينة وكان بيت السيدة عائشة أول بيت دخلوا إليه، تروي لنا ماحدث حينها:” كانت الساعة التاسعة صباحا وكنا جالسين في غرفة واحدة على الرغم من كثرة عددنا (أبنائي-زوجاتهم-أحفادي)، وفجأة سمعنا صوت إطلاق نار وكسر الأبواب فضرب الشبيح باب غرفتنا وإذا بأكثر من عشرة عناصر بينهم رجل يضع على كتفه شارات فعرفت أنه الضابط وكان يحمل ساطورا لتقطيع اللحم وسكينا كبيرة.”
وتكمل حديثها ارتفعت أصوات الصغار عاليا وأخذت النساء بالبكاء فنظرت إليهن بطرف عيني”، (سألناها لماذا) قالت” كن جميلات وكنت خائفة عليهم من الغدر.”
“ذهب الضابط إلى الغرفة الثانية واستدعى ابني أحمد وبعد دقائق نادى العسكري “وينو علي وسمير ثم خالد وبعد نصف ساعة طلب مني تحضير الفطور لهم، قمت بتحضير الفطور بشكل سريع عسى أن يكون هذا الفطور سببا في ترك أبنائي.
“تناول الشبيحة فطورهم في الغرفة التي أخذوا إليها أبنائي وبعد الانتهاء دخل الضابط إلى غرفتنا وقال لي :”روحي شوفي ولادك عم ينادولك”وخرجوا من البيت وهم يطلقون النار على أي شيء أمامهم،
انتظرت بضع دقائق لأستجمع بعضآ من قوتي التي فقدتها ودخلت الغرفة وأخذت أبحث عنهم” ترى هل أخذوهم معهم وضحكوا علي، وفجأة لاحت لي السجادة الملفوفه في وسط الغرفة ركضت وفتحتها كانوا أبنائي، لم أميز بينهم كانوا فوق بعضهم البعض والدماء تغطيهم كشرشف أحمر”.
وتضيف باكية:” نعم ذبحوا بتلك السكين جلست بضع دقائق لا أعرف ما أريد كان همي الوحيد أن أذهب بما تبقى من أسرتي، دفنت أبنائي بالفسحة القريبة من بيتي”.
“الحمدلله”هكذا ختمت السيدة عائشة قصتها، وأم الشهداء مثال لمن فقد المعيل وتبحث الآن عن عمل مهني ولا تحمل شهادة كي تستطع العمل بها رغم أن من يحملون الشهادات لا يجدون وظائف.
والقصف والطيران دمرا المعامل والمنشآ الاقتصادية التي تستطيع النسوة إيجاد عمل فيها فمعامل الخياطة التي لا تحتاج إلى شهادة وتستوعب الكثير منهن وتستطيع توفير عمل لهم في بيوتهن.
فأم الشهداء تعيش على ما يقدم لها من أهل الخير ولكنها تتمنى الحصول على عمل بالرغم من كبر سنها وكلها أمل أن تقوم بتربية أحفادها ليكونوا رجال الغد.
المركز الصحفي السوري_ خديجة محمد