التزوير قديم منذ ظهور النقود, لم يكن التزوير مقتصرا على العملة الورقية إنما ظهر قبلها للنقود المعدنية أي قبل إدخال العملة الورقية بكثير, فخلال الحرب العالمية الثانية أقدم النازيون على تزوير الجنيه الاسترليني والدولارات الأمريكية, ويعتبر تزوير العملة الرومانية من أولى محاولات التزوير قديماً.
ساعدت الحروب في انتشار تزوير العملات بشكل واسع وممنهج، ويزداد خطر العملات المزورة في أوقات الأزمات (السياسية أو الاقتصادية) وذلك مع غياب الرقابة والانفلات الأمني, فهي عملية ليست سهلة وتحتاج إلى كثير من المراحل والخبرات في هذا المجال.
تتم عمليات التزوير بشكل سري مع أخذ الحيطة والحذر وتتم غالبا بشكل منفرد فكثرة الأشخاص فيها يعرض تلك العملية للخطر فيما تتبع أساليب منظمة وممنهجة في توزيع وصرف النقود.
تحتاج عمليات التزوير لأدوات خاصة من ورق قطني خاص وطابعات حرارية وعادية وجهاز للخشونة وجهاز ماسح ضوئي, وبعض المواد الأولية من لاصق ورق وشرائط هيلوجرام وغيرها من الأدوات, جميع تلك الأدوات تكون متداولة في الأسواق ولكن الخبرة والسرية هي الأساس في عملية التزوير.
العملة المزورة يجب أن تمتاز بالإتقان في صناعتها فهي تمر على العديد من الأجهزة الكاشفة, فأي شخص يحتاج من التدقيق في العملة التي بين يديه فاللمس البشري غير كاف لكشف العملة المزورة حتى لو كان الشخص ذا خبرة, فإتقان صناعة أوراق العملة هو الذي يحدد ذلك, بعض العملات وخصوصا الدولار وصل إلى درجة عالية من الاتقان في التزوير ويحتاج إلى جهات متخصصة للكشف عنه.
كلما زادت الدقة في التزوير كان الخطر المحدق والتأثير السلبي على الاقتصاد الوطني أكبر، فزيادة العملة المزورة في السوق أي زيادة الكتلة النقدية المتداولة والذي سينتج عنه ارتفاع الأسعار ما سيؤدي بدوره إلى ضغوط تضخيمية, عدا عن هبوط في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأخرى, وبالتالي ستفقد العملة المحلية مصداقيتها وثقة المتعاملين بها والذي سيدفعهم إلى التعامل مع عملة أخرى أكثر مصداقية من عملتهم المحلية (كالدولار واليورو) مثلا وهذا بدوره سيؤدي إلى تدهور وانخفاض قيمة العملة أكثر.
تداول العملة المزورة لن تكون تبعاتها وآثارها على العملة بحد ذاتها، وإنما سيتعداها ليشمل الأفراد والشركات والتأثير سيكون مباشر من خلال خسارة قيمة الأوراق المالية المزورة وعدم حصولهم على تعويض مقابل تلك الخسارة عدا عن تعرضهم للمسائلة القانونية إن وجدت تلك الأوراق لديهم, فيما ستعمد بعض الشركات لرفع سعر منتجاتها لتعويض الضرر الذي لحق بها نتيجة تلك الخسارة وهذا بدوره يخفض من قدرتها التنافسية في السوق.
يصنف كثير من الحقوقيين جريمة تزوير العملة تحت بند الجرائم الاقتصادية وليس الجنائية فيما يعتبرها البعض بـ «أم الجرائم الاقتصادية ».
تسعى الحكومات جاهدة لضبط تلك الحالات بإصدار القوانين والعقوبات المتعلقة بالتزوير واعتبارها قضية وطنية يعاقب عليها القانون وتمس الاقتصاد الوطني, وتبدأ تلك العقوبات من الحبس خمس سنوات مع الأشغال الشاقة وعقوبة مالية قدرها مئتان وخمسون ليرة سورية على الأقل, وتطبق تلك العقوبات على العملات الورقية والمعدنية الذهبية والفضية، علما أن هذه القوانين المنصوص عليها لم تتغير منذ أمد طويل.
يبقى دور الحكومات بتوعية مواطنيها بخطورة التزوير والتأثير الكارثي الذي يسببه على اقتصاد الوطن.
المركز الصحفي السوري-أسماء العبد