كتبت بيثان ماكرنان، مراسلة صحيفة «إندبندنت» تقريرًا من مدينة الرقة ما يطلق عليها عاصمة تنظيم «الدولة» والمراحل الأخيرة لاستعادتها من قبضته، مشيرة إلى أن ثمن الحرب سيكون باهظاً.
وكتبت من مقر مؤقت لقوات سوريا الديمقراطية في غرب المدينة، حيث استمعت لتواصل المقاتلين مع القادة وتنسيق الهجمات على ما تبقى من مقاتلي التنظيم. وتقول: « برغم استمرار موجات الغارات الجوية وطنين مروحيات الأباتشي التي تخرق جو المدينة الحار إلا أن خط القتال في الرقة هادئ معظم الوقت».
وتقول: إن تقدم قوات سوريا الديمقراطية توقف بسبب تحول المعركة إلى قتال شوارع ومن بيت لبيت. وتحصن مقاتلو حماية الشعب الكردي الذين يشكلون غالبية ما تعرف بسوريا الديمقراطية في كل بناية على طول الطريق. والهدف هو الحفاظ على خط القتال القوي حيث يصوب القناصة بنادقهم اتجاه أي تحرك في الشوارع وعينهم على أية سيارة انتحارية. وفي بيان صدر يوم الأربعاء جاء فيه إن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت على 80% من المدينة بعد هجوم مفاجئ شنته على مقاتلـي «الدولة».
وفي هجوم ليلي سيطرت «سوريا الديمقراطية» على صوامع للغلال في شمال المدينة في وقت يقول فيه القادة إن «عملية غضب الفرات» دخلت مراحلها الأخيرة. ويتوقع مقاتلون نهاية الحملة التي بدأت في حزيران/ يونيو بعد أسبوعين بشكل ينهي سيطرة الجهاديين على المدينة منذ ثلاثة أعوام. وليس من الواضح كم بقي في المدينة من المقاتلين. فقبل شهر قدر عدد من بقي منهم نحو ألف فيما غادر القادة وبقية المقاتلين البارزين إلى المعاقل القوية في الصحراء الشرقية.
وتقول إن القناصة والقنابل البدائية التي تم إخفاؤها على الطرقات وفي داخل البيوت كانت السبب في غالبية الضحايا الذين سقطوا في الآونة الأخيرة، لا هجمات مضادة من التنظيم. وقال جندي رفض الكشف عن اسمه: إنه شاهد عنصرا من قوات سوريا الديمقراطية وهو ينقل إلى المستشفى وقد مزقت قدمه وبدت عظام رجله عندما دخل بيتا لنهبه.
وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إن عدد قوات سوريا الديمقراطية يصل إلى 40.000 لكن خبرتهم العسكرية قليلة وتم تدريبهم بشكل سريع. كما أن العلاقات التي تربط المقاتلين الأكراد والعرب ليست قوية. وهناك عدد من المقاتلين أصغر عمراً من السن القانونية للتجنيد وهو 18 عاماً. وفي شارع مليء بأعمدة الإنارة التي سقطت بفعل القصف مرت سيارة بيك أب محملة بالمجندين الصغار وهم يحملون الكلاشنيكوف وأثارت عاصفة من الغبار الذي يغلف معظم المدينة اليوم.
ويواجه هؤلاء الأولاد عدواً مستعدا للقتال حتى اللحظة الأخيرة. وتقول دارسيم إزيتران عضوة وحدات المقاومة الأزيدية «طبعا هم صغار» و «كل الكبار قتلوا». ورأت في مسجد استخدم ملجأ مؤقتا للنازحين الصغار وهم يتجرعون زجاجة الماء بعد كل زجاجة بسبب حرارة الجو التي وصلت إلى 40 درجة مئوية. ويعتقد أن هناك أكثر من 300.000 مواطن في الرقة هربوا من بيوتهم في الأسابيع القليلة الماضية، إلا أن هناك أكثر من 15.000 لا يزالون عالقين وسط القتال داخل المدينة من دون ماء أو طعام.
وشاهدت الصحافية قافلة ضخمة من الشاحنات جاءت من مناطق الحكم الذاتي الكردي في العراق إلى الرقة تحمل عربات جديدة من الهمفي المصفحة وتعزيزات أخرى للقوات الأمريكية الخاصة التي تعمل في المدينة. وتساءل احد المواطنين:» هل تحمل ماء أو جرافات؟ وهل ستظل للمساعدة في إعادة الإعمار» مضيفاً: «سيهزم تنظيم الدولة حتماً ولكن ماذا بعد؟».