ان يصل الامر برئيس الحكومة العراقية نوري المالكي المنتهية ولايته الى حد القبول بما كان يرفضه طوال السنوات السبع الماضية, بل السعي اليه, فهذا يعني ان الرجل يدفع ببلاده الى التقسيم, هذه الكأس التي لا يقوى العراق على تجرعها مهما كلف الامر العراقيين من تضحيات.
عندما طرحت قيادة القوات الاميركية في العام 2007 تشييد جدار عازل حول بغداد, رفض المالكي ذلك, واعتبره بداية التقسيم, واليوم تحت وطأة الثورة العشائرية عادت هذه القضية الى التداول, لكن هذه المرة من خلال المالكي نفسه, اذ اعلنت مصادر مقربة منه الى ان الخطة الامنية الرابعة لحماية بغداد ممن تسميهم “الارهابيين” تتضمن بناء سور عازل حول العاصمة, فماذا يعني ذلك, وهل بدأ الرجل يستوحي افكاره من رئيس الحكومة الاسرائيلي الراحل أرييل شارون, وهل يعني ذلك ان هذا المتشبث بالسلطة حتى الرمق الاخير يتوهم أن جدارا عازلا يمكن ان يجعل الشعب يقبل استمراره بالسلطة الى الابد, بعدما تغيرت الظروف جراء الفشل المريع في إدارة الجيش والدولة؟
رغم ان المالكي حقق نتيجة لا بأس بها في الانتخابات النيابية الا ان ذلك لا يؤهله لتولي رئاسة الحكومة من دون تحالفات جوهرية مع احزاب ممثلة في البرلمان, وهذا الامر بات من المستحيل حاليا بعد التطورات الاخيرة, لا سيما خسارة الحكومة المركزية مدينة كركوك الستراتيجية التي كانت طوال العقد الماضي محل خلاف بين الاكراد وبقية المكونات العراقية, ووصل الامر الى حد الحرب بين الطرفين, بل نشبت معارك عدة في هذا الشأن.
بعد كل هذا يبدو ان المالكي الذي يسعى اليوم الى تشييد سجنه بيده, وحصر نفسه في بغداد لا يدرك بماذا تسببت سياسته الخرقاء, ولذلك لن تفيده الاسوار والجدران, ولا حتى لو بنى سورا عظيما كسور الصين, لانه هو من اسقط الهيكل على رأسه.
“صحيفة السياسة “