ما أبعد اليوم عن الأمس !!
كثر الحديث عن مؤتمر للسلم في سوريا، وصفقة للبيع تبيع آلام الثورة من جديد، ويمكن أن تجعلنا نقف أمام لغز عويص يدور في أروقة السياسات التي شكلت أسافينا في الثورة، بدْء من الاجتماعات الدولية والسياسية التي تكررت بين الدول العظيمة شأنا، وأخيرا في مؤتمر بروكسل الذي وقعت فيه 36 منظمة تمثل المجتمع المدني، عن خضوعها وخنوعها، بأن السلام واجب و( حاجة بكفي قتل لازم نعيش بسلام )، تحت عباءات ارتدت جميع أزياء التنكر وكان الاسم الأبرز هو ( السلم )، فقد تذكر هؤلاء الآن أن أطراف النزاع تساوت وأن الشعب ضاق من حرب دق ناقوسها قبل سنوات وما زال يدق، ولكن ها هنا تعادلت الضحية مع الجلاد، وهاهنا يقف الطفل الذي فقد أهله تحت أنقاض برميل متفجر، ويتساءل بأي ذنب تصافحون قاتلي، وبأي ذنب أعيش تحت سلامكم المعهود حتى أٌقتل مرة أخرى بسلام لا سلام فيه، سوريون انقسموا بين مشجع ومندد، وشخصيات كانت تستنكر باتت تؤيد نسيان القتلى والمعذبين والمعتقلين والثكالى والمدن التي أزفت ساعتها حين قالت لا للأسد، فلم تنم يوما إلا بين مطرقة وسندان روسيا والأسد، تهجير ديمغرافي، أصبح ( هندسة ديمغرافية) ، وجحا الطويل أولى يلحم ثوره على رأي البائع والشاري!!.
فالآن لم يعد بشار الأسد على رأي المثقفين والمؤسسات والمنظمات هو دراكولا، بل المخلص حتى بات الكل يدعو الدول بفتح السفارات وفك الحصار عن الأسد، وذلك بحجة مراعاة مصالح ( اللاجئين السوريين )، مع أن الأجدر هو المطالبة والتوقيع والنداءات كانت يجب أن توجه بالاعتراف بالائتلاف الذي لم يتم الاعتراف خلال سبع سنوات، وفتح سفارات وقنصليات تمثل اللاجئ الذي فر من ويلات من يريدون فتح سفاراته، ونتيجة ذلك أن تصبح المطالب معكوسة متبدلة كزي الأفاعي والسحالي، وقد ذكرني هذا الاتفاق الراعي للسلام، بتوقيع حصار درعا، وعندما وقف بعض الممثلين الأحرار وبعض المثقفين لرفع الحصار عن الأمهات والأطفال وإدخال الحليب للأطفال درعا !!
عندها عوقب الجميع وهدد الجميع واتهم الجميع بالتخوين، لأنه طالب بفك حصار عن مدينة ثارت ضد قاتل أطفال، نعم الوضع متشابه جدا، ولكن بفارق بسيط أن بشار لا يريد حليبا ولا طعاما ولا سلاما، بل يريد وطنا مزقه وعاث فيه فسادا تحت أنظار عالم ساكت، وطنا لم يترك فيه مجالا لعيش ولا لحياة إلا بين جماعات متطرفة أو نظام قاتل، أو هكذا يظن كل من يساوي ( الأطراف المتصارعة ) ببعضها، على العالم الآن أن يفتح ذراعيه للطفل الكبير، الطفل الذي تربى على الدماء, إذا فالسلام يبدأ ببشار وينتهي عنده وكل الشعب السوري بعد مؤسسات ( الهندسة الديمغرافية ) تحصيل حاصل، وبات علينا جميعا الاعتراف بأن الكل بلاريب ينتظر وقته، من رافعي الشعارات حتى يضع أسفين بنعش ثورتنا ويتشدق بعد المصالحات التي توالت عسكريا وسياسيا وإعلاميا، ومن كل دولة ادعت أنها ضد الظلم ووقفت تصفق للإمعان فيه، ما يدرينا غدا؟ وبعد هذا كله، وبعد أن توالت الطعنات والضربات أن يطالب هؤلاء وأمثالهم بعقد اجتماعات ومحاكمات دولية، من أجل محاكمة الشعب لأنه ناهض بشار الأسد،وأنه يجب أن يأخذ القصاص العادل !!.
زهرة محمد – المركز الصحفي السوري