ذكرت منظمة الأمم المتحدة أمس الأربعاء، أن الهجمات الوحشية ضد أقلية الروهينغا المسلمة في القسم الشمالي من ولاية راخين كانت على قدر من التنظيم والتنسيق المحكم وبنيّة لا تقتصر على حمل السكان على الرحيل عن ميانمار بل أيضا على منعهم من العودة.
ويأتي إعلان المنظمة العالمية بعد اطلاعها عن كثب على الأوضاع التي تعيشها الأقلية المسلمة في المخيمات والتي يصفها مراقبون بالكارثية بسبب انتشار العديد من الأمراض والأوبئة التي أودت بحياة الكثير منهم.
وأكد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد أن قوات الأمن في ميانمار طردت بوحشية نحو نصف مليون من مسلمي الروهينغا من ولاية راخين الشمالية وأحرقت منازلهم ومحاصيلهم وقراهم لمنعهم من العودة.
وفي تقرير استند إلى مقابلات مع 65 من الروهينغا الذين وصلوا إلى بنغلاديش الشهر الماضي، قال المكتب إن “عمليات التطهير بدأت قبل هجمات المتمردين على مواقع للشرطة في أغسطس الماضي، وإنها شملت عمليات قتل وتعذيب واغتصاب للأطفال”.
ولفتت الأمم المتحدة إلى أن عمليات طرد الروهينغا بدأت قبل الهجمات التي شنها مقاتلون من الأقلية في أواخر أغسطس، في تناقض تام مع الرواية الرسمية التي تقول إن حملة القمع جاءت ردا على أعمال عنف.
وقال الأمير زيد، الذي وصف عمليات الحكومة في ميانمار بأنها نموذج صارخ للتطهير العرقي، إن “تلك العمليات بدت كأنها حيلة خبيثة لتهجير أعداد كبيرة من الناس بالقوة دون أي احتمال لعودتهم”.
وذكر أحدث تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة أن “معلومات موثقة توضح أن قوات الأمن في ميانمار تعمّدت تدمير ممتلكات الروهينغا وإحراق مساكنهم وقراهم، ليس فقط لدفع السكان إلى النزوح بأعداد كبيرة لكن أيضا لمنع الفارين من العودة إلى منازلهم”. وأضاف التقرير أن تدمير قوات الأمن التي عادة ما كانت مصحوبة بمسلحين من بوذيي راخين للمنازل والحقول ومستودعات الغذاء والمحاصيل والماشية، جعل احتمال عودة الروهينغا إلى حياتهم الطبيعية في ولاية راخين “شبه مستحيل”.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حكومة ميانمار بـ”وقف العمليات العسكرية ضد الروهينغا المسلمين وإتاحة وصول الدعم الإنساني دون عوائق”، محذرا من أنه في حال لم تضع الحكومة حدا لهذا العنف الممنهج فإن الوضع ينذر بالامتداد إلى وسط ولاية راخين، حيث قد يضطر 250 ألف مسلم آخرين إلى الفرار.
وأورد التقرير دلائل تشير إلى أن قوات الأمن في ميانمار زرعت ألغاما أرضية على امتداد الحدود في محاولة لمنع الروهينغا من العودة، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات على أن العنف لا يزال مستمرا.
ودشنت ميانمار الثلاثاء الماضي أول محاولة لتحسين العلاقات بين البوذيين والمسلمين منذ أن أجج العنف الدامي توترا طائفيا ودفع نحو 520 ألفا من المسلمين للفرار إلى بنغلاديش.
وتعتبر الأمم المتحدة الروهينغا الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم، ويبلغ تعدادها نحو مليون شخص محرومين من الجنسية في ميانمار التي تقول إنهم من بنغلاديش.
صحيفة العرب