حلّ فصل الشتاء ضيفا ثقيلا على السوريين وسط موجات من الصقيع والثلوج لم تشهدها البلاد منذ عقود، فأثقلت كاهلهم وزادت من معاناتهم المادية والصحية مع ارتفاع أسعار المحروقات ووقود التدفئة وانعدام الكهرباء في كثير من المناطق في سوريا، فضلا عن مئات الآلاف من النازحين القاطنين في مخيمات على الحدود في حالة يرثى لها.
وتزامنت موجة البرد مع توجه طلاب المدارس والمعاهد والجامعات في كافة أنحاء سوريا للتقدم لامتحانات الفصل الدراسي الأول ما شكل عائقا أمامهم حتى في مناطق سيطرة النظام والتي من المفترض أن تكون وزارة التربية والتعليم العالي على أتم استعداد لتوفير الدفء في القاعات لتسيير العملية الامتحانية بشكل جيد.
إلا أن صحيفة البعث الموالية نشرت مؤخرا مقالا بعنوان ” قاعات أم برادات؟”، طرح فيه كاتب المقال الواقع المزري الذي يعانيه طلاب الجامعات بطريقة ساخرة ومؤنبة وملقيا اللوم على الوزارة، وابتدأها بالمقارنة بين الوضع سابقا كيف كان الطلبة يطلبون إطفاء المكيفات و”الشوفاجات” داخل القاعات من شدة ارتفاع الحرارة وعدم شعورهم بالبرد فكل مستلزمات التدفئة مؤمنة مع وفرة الوقود ، وبين الواقع الحالي فقد اختلف الحال فالبرد القارس في ظل شح مادة مازوت التدفئة يهدد بتجمد الدم في عروق الطلبة وكذلك أفكارهم، فالقاعات الامتحانية الكبيرة تحولت إلى برادات، وفي أكثر من جامعة بما فيها الجامعات الخاصة!.
وبحسب الصحيفة فالجامعات حصلت منذ بداية العام على مخصصاتها كاملة من مادة المازوت، ولديها ما يكفيها لكافة الاستخدامات من تدفئة وكهرباء، إلا أن وزارة التعليم العالي وقفت خلف تقصيرها بذريعة أن مخصصات التدفئة يتم استغلال قسم منها لتشغيل مولدات الكهرباء وتأمين الإضاءة في ظل انقطاع الكهرباء المتكرر، وما يتبقى غير كاف لتشغيل المراجل بالطاقة القصوى.
تقول رنا وهي طالبة في كلية الآداب قسم اللغة العربية:” لم أستطع أن أكمل الامتحان من شدة البرد فالقاعات كبيرة والبرد شديد وكأننا في العراء، فقمت بتسليم ورقتي وانسحبت من الامتحان، بعد أن تجمدت يداي ولم أعد قادرة على الكتابة، هل يعقل أن تكون الحكومة غير قادرة على تأمين أدنى متطلبات العملية الامتحانية بشكل جيد، والمثير للغضب أن غرف الإداريين لاتنطفئ فيها المدافئ أبدا، هل ياترى تدفئة غرفهم أهم من مصير ومستقبل الطلاب، أين ضمائرهم، أم أن مصلحتهم أبدى من كل شيء”.
وبحسب صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فإن بعض الطلبة اضطروا لتقديم امتحاناتهم في أروقة الجامعة نظرا لعدم قدرة القاعات على استيعاب أعداد الطلاب وبحجة أن أعداد الطلبة الوافدين من الجامعات الأخرى بسبب ظروف الحرب قد فاق عدد الطلاب الأصليين.
لعل مناشدات الطلاب لم تلق آذانا صاغية من المسؤولين والمعنيين، فهناك أمور أولى من راحتهم ومستقبلهم الدراسي، فيقول أحد الطلبة ساخرا:” هل ينبغي علينا أن نسرق من غرفهم بعض الدفء لنستطيع الكتابة”.
مجلة الحدث ـ سماح الخالد