اشتهرت مدينة إدلب، قبل الحرب التي تعصف بسوريا منذ تسع سنوات، بهدوئها وهوائها اللطيف وبيوتها المبنية بالحجارة البيضاء وشوارعها المزينة بالأشجار.
لكن إدلب التي تعد آخر معقل للمعارضة السورية باتت اليوم تعج بالنازحين بعد أن صارت وجهة للفارين من ويلات الحرب من مختلف المدن السورية، الذين يتخذون من مباني المدينة المتضررة جراء القصف وملاعبها وشوارعها مأوى لهم.
صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريرا يسلط الضوء على الوضع الإنساني الصعب، ومعاناة النازحين المحاصرين في المدينة التي تتعرض لقصف مستمر من قبل قوات النظام السوري المدعومة من روسيا التي باتت على بعد خمسة أميال من مشارفها.
وأورد التقرير الذي أعدته مراسلة الصحيفة كارلوتا غال التي زارت إدلب الأربعاء الماضي ووقفت على الأوضاع هناك، آراء بعض سكان المدينة الذين قالت إنهم تعودوا على القصف للحد الذي لم يعد يطرف لهم جفن لسماع أصوات الانفجارات.
وأشارت المراسلة إلى أن إدلب باتت محاصرة من قبل قوات النظام السوري المدعومة من روسيا من جهتي الجنوب والشرق، وعلى الشمال منها يعيش حوالي مليون نازح على الطرقات وفي بساتين الزيتون، في أسوأ كارثة إنسانية منذ اندلاع الحرب التي تمزق البلاد منذ سنين.
وتوقعت أن يؤدي استيلاء قوات الأسد على المدينة إلى فرار سكانها الذين يقدر عددهم بمليون شخص، مما يضاعف عدد النازحين في الشمال.
انتظار الموت
ومن ضمن سكان إدلب الذين قابلتهم المراسلة الدكتور حكمت الخطيب، وهو جراح عظام ألح على والديه لكي يغادرا إلى قرية شمالي إدلب، ولكن والدته قررت البقاء في مكانها بعد تعرض تلك القرية للقصف.
وقال الدكتور الخطيب “لقد هزتني كلماتها” فقد علقت على ما يجري بالقول إن “الخيار الوحيد هو انتظار الموت”.
ومن ضمن الأماكن التي زارها طاقم الصحيفة، الذي تجول في إدلب تحت حماية عناصر من جبهة تحرير الشام التي تسيطر على المحافظة وعمال إغاثة من هيئة خيرية سورية، ملعب المدينة الذي تحول إلى ملجأ للطوارئ وبات يؤوي 100 أسرة ممن فروا من قرى ومدن المحافظة هربا من القصف.
وأشارت المراسلة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن الخميس بين تركيا التي تدعم قوات المعارضة السورية وروسيا التي تدعم الحكومة السورية بدا ساري المفعول الجمعة، إلا أن الكثيرين لا يتوقعون استمراره في ظل إصرار الرئيس السوري بشار الأسد على مواصلة معركته لاستعادة إدلب، وعزم المعارضة السورية على المقاومة.
نقلا عن: الجزيرة – نيويورك تايمز