خرج الناشط الصحافي الأمريكي “آلان نيرين” عن صمته عندما تحدث وبكل صراحة عن القتل الكبير الذي يتعرض له المدنيون في سورية والعراق جراء سياسيات ممنهجة أو نتيجة أعمال خاطئة, وذلك في معرض حديثه لموقع “ديموكراسي” الأمريكي, ولمّح نيرين أن قوات الولايات المتحدة والمليشيات التي تدعمها اوالتي تغض الطرف عنها في كل من سورية والعراق تمعن في قتل المدنيين حيث ارتكبت هذه الأطراف عدداً من المجازر في بعض المناطق المذكورة دون فتح تحقيق موضوعي وشفاف في هذه المجازر لتحديد الجناة, ونوه إلى أن الجيش الأمريكي قصف المساجد والمدارس والمجمعات السكنية, وأكد أن الهجوم الكيماوي الأخير والذي قام به النظام السوري ضد المدنيين في مدينة خان شيخون لم يغير وجهة نظر الرئيس الامريكي دونالد ترامب في اللاجئين السوريين.
واتهم نيرين الولايات المتحدة وإدارتها الجديدة بقيادة “دونالد ترامب” بالتساهل في موضوع التعاطي مع الجريمة الكيماوية البشعة في خان شيخون حيث قال في رد له على سؤال للموقع يتعلق برأيه في الهجوم الأخير وتداعياته:
“هذا الهجوم أصلاً هو هجوم على شريك قديم للولايات المتحدة الأمريكية, وهو عمل وحشي مدان بأشد العبارات, لكنه ليس العمل الوحشي الوحيد الذي قام به النظام السوري ضد المدنيين في ذلك التسبوع, فالنظام السوري يرتكب المجازر بحق المدنيين بصورة مستمرة, حتى القوى المعارضة للنظام ليست بريئة من ارتكاب بعض الفظائع, هذا الهجوم الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية ضد قاعدة جوية سورية لن يساعد المدنيين ولن ينقذهم من المذبحة المستمرة, بل ربما يساعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حدٍ ما سياسياً, ولكن الولايات المتحدة قتلت بدورها الكثير, إذا إنها قصفت المساجد والمدارس والمجمعات السكنية, حتى إنها ارتكبت مجزرة شهيرة في أحد الأعراس في العراق على الحدود السورية, وتم تبرير المجزرة بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن تستهدف هؤلاء المدنيين بحد ذاتهم وإنما كانوا إلى جوار الاهداف المقصودة”.
يحاول نيرين أن ينبه العالم إلى هذا المصطلح الخطير الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية عندما تقوم طائرات التحالف الدولي التي تقودها واشنطن بارتكاب مجازر بحق المدنيين في سورية والعراق من خلال قصفها للمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في سورية والعراق, ألا وهو مصطلح “الضحايا سقطوا بالخطأ” وكأن الجريمة التي تقع بحق العشرات من المدنيين بالخطأ هي جريمة مبررة ولا تحتاج لفتح تحقيق من شأنه تحويل مرتكبيها للمحاكمة العادلة.
لذلك يتهم نيرين الولايات المتحدة بمحاولتها إضفاء صفة أخلاقية على جرائمها بحيث يكون الأمر مختلف عن تلك الجرائم التي يرتكبها كل من النظام السوري وروسيا بحق المدنيين العزل في سورية.
وقد استدل نيرين على كلامه بالإشارة لبعض الجرائم التي ارتكبها طيران التحالف في الموصل, وقد أصبحت هذه الجرائم التي تقول الولايات المتحدة الامريكية أنها وقعت بالخطأ في سجل الماضي حيث قال:
“ارتكب التحالف الدولي مجزرة بشعة في تاريخ 17 مارس من هذا العام راح ضحيتها أكثر من 300 مدني بمن فيهم الاطفال, وكان الأمريكيون في معظم الحالات يتذرعون بالعديد من الذرائع مثل أنها كانت حاثاً بالخطأ, وأننا كنا نستهدف تنظيم الدولة الإسلامية في المواصل ومواقعه العسكرية, أو أن التنظيم يستخدم المدنيين دروعاً بشرية, وإذا عدنا للتاريخ فإننا نرى أن هذه الذرائع متكررة, وهي نفسها التي استخدمتها إسرائيل خلال قصفها المتكرر على غزة, حيث كانوا يقصفون الشقق السكنية هناك, ويبررون ذلك بأنه بسبب وجود مقاتلين من حماس في تلك الشقق”.
وقد انتقد الصحفي الأمريكي نيرين ردة فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الهجوم على قاعدة الشعيرات انتقاما لقتل الأطفال بغاز السارين في حين أنه مستمر في تعهده بمنع دخول اللاجئين بمن فيهم الأطفال إلى الولايات المتحدة الامريكية.
من يدرس كلام هذا الصحفي الأمريكي بعناية يتأكد من حقيقة وجود أصوات أمريكية تنتقد جرائم ترتكبها دولتهم في البلاد العربية تحت حجج ومسميات عديدة ومنها ما تسميه الولايات المتحدة “الحرب على الإرهاب”, ومن يدقق في راي نيرين أكثر يدرك الحقيقة المرة وهي أن الدول الكبرى والعظمى دائماً ما تبرر لنفسها قتل المدنيين وأنه لا سبيل إلى محاسبتها, أما في روسيا الدولة المشاركة في جرائم النظام السوري بحق شعبه, فتكاد تكون هذه الأصوات المعترفة بالأخطاء التي وصلت لحد الجرائم البشعة معدومة, بل إن كل ما يتعلق بكلام الصحافيين والسياسيين الروس هو إنكار الجرائم بشكل متعمد كما يفعل ذلك النظام السوري تماماً الذي اتهم الأطفال القتلى بمجزرة الكيماوي في خان شيخون باحتراف تمثيل الموت!!
كل ما تقدم يدفعنا للسؤال التالي:
مالفرق بين إنكار الجرائم وتبريرها؟
ومن سيحاسب تجار القتل باسم سياسة المصالح في العالم؟.
المركز الصحفي السوري-حازم الحلبي.