زيارة  زيلينسكي إلى الولايات المتحدة: لماذا يقسم الرئيس الأوكراني الطبقة السياسية الأمريكية؟

وبينما يتراجع الدعم لأوكرانيا داخل الحزب الجمهوري، الذي يركز على الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن إدارة كييف للصراع لا تحظى بالإجماع أيضًا بين إدارة بايدن.

بعد منصة الأمم المتحدة ، صالات البيت الأبيض. ومن المتوقع أن يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة يوم الخميس 21 سبتمبر لعقد اجتماع في واشنطن مع نظيره الأمريكي جو بايدن. وأكد الرئيس الديمقراطي، وهو من أشد المؤيدين لكييف، مواقفه خلال خطاب ألقاه يوم الثلاثاء أمام دول الأمم المتحدة:  “روسيا وحدها هي التي تقف في طريق السلام، لأن الثمن الذي يجب دفعه من أجل السلام [وفقًا لموسكو] ، هو الاستسلام”  أوكرانيا و التنازل عن أراضيها .

وعلى الرغم من هذه الوحدة الواضحة، فإن الصداقة بين رئيسي الدولتين مرت أيضًا بمناطق من الاضطراب. وفي الأشهر الأخيرة، تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن انزعاج حكومة بايدن من لهجة الرئيس زيلينسكي وكذلك طلباته الملحة للحصول على أسلحة وموارد. وبينما يدرس الكونجرس الأميركي حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا، تقدر بنحو 24 مليار دولار ، فإن هذه القضية تظل مثيرة للخلاف بشكل خاص داخل الحزب الجمهوري، الذي أصبح أقل ميلاً إلى دعم كييف.

حليف مرهق في بعض الأحيان

في مواجهة روسيا، التي ضمت شبه جزيرة القرم لأول مرة في عام 2014 قبل غزو بقية أوكرانيا بعد ثماني سنوات، أراد فولوديمير زيلينسكي دائمًا ضمان دعم واشنطن. في سبتمبر 2021، خلال اجتماعه الأول مع جو بايدن، حصل الرئيس الأوكراني على تصريحات إيجابية، ولكن لم يكن هناك التزام حازم فيما يتعلق بدعم الانضمام إلى الناتو.

بشكل استباقي، ميز الرئيس زيلينسكي نفسه بالمطالبة بأسلحة أكثر تطوراً، مما أثار في بعض الأحيان عدم الراحة بين حلفائه الغربيين. أولاً فيما يتعلق بمسألة الدبابات التي تم توريدها أخيرًا إلى كييف. كما أن دبابات أبرامز في طريقها إلى أوكرانيا، كما أعلنت الدفاع الأميركية. وخوفا من التصعيد، استغرقت الولايات المتحدة أيضًا ما يقرب من عام لقبول نقل طائرات مقاتلة من طراز F-16، ذات تصميم أمريكي، إلى الجيش الأوكراني عبر عدة دول أوروبية.

وعلى الرغم من الطلبات المتواصلة من كييف والبرلمانيين الأميركيين، لا يزال الرئيس بايدن متردداً في إرسال صواريخ طويلة المدى من نوع ATACMS،  قادرة على ضرب مسافة بعيدة خلف الحدود الروسية. “بشكل عام، نحن لا ندعم الهجمات داخل روسيا. لقد ركزنا على تزويد أوكرانيا بالمعدات والتدريب الذي تحتاجه لاستعادة السيادة على أراضيها”، كرر البيت الأبيض بحذر في مايو/أيار، ثم في يوليو/تموز. وكانت تتفاعل بشكل خاص مع هجمات الطائرات بدون طيار التي وقعت في روسيا في الأشهر الأخيرة، حتى لو لم تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عنها مطلقًا.

الرأي الأمريكي منقسم للغاية

بالنسبة للحكومة الأمريكية، فإن موقف فولوديمير زيلينسكي ذاته هو الذي يثير التساؤلات أحيانًا. وكما حدث في يوليو/تموز، عندما أدان رئيس الدولة في تغريدة ملتهبة ” الشروط ” المفروضة على أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وقال في ختام رسالته التي علقت في حنجرة القيادة العسكرية الأميركية، بحسب ما أوردته صحيفة « واشنطن بوست» ، إن «عدم اليقين نقطة ضعف» .

وعلى الرغم من هذه الاضطرابات، يظل جو بايدن والمعسكر الديمقراطي متمسكين بـ ”الدعم الثابت” الذي وعد به الرئيس الأميركي بعد زيارته المفاجئة لكييف في 21 شباط/فبراير. ومع ذلك، فإن التعبئة لصالح أوكرانيا ليست واضحة جدًا في الولايات المتحدة، حيث يقول 56٪ من السكان، على سبيل المثال، إنهم يثقون في فولوديمير زيلينسكي ، وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث نُشر في يوليو.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، بعد زيارته الثانية للولايات المتحدة، يبدو أن الزعيم الأوكراني نجح في عملية الإغراء التي قام بها مع الجمهور الأمريكي. لكن مرت أشهر، وتآكلت المشاعر الإيجابية تجاه استمرار المساعدات لأوكرانيا، وفقا لعدد من استطلاعات الرأي الوطنية. في أغسطس/آب، سلط استطلاع أجرته شبكة “سي إن إن” الضوء على وضع غير مسبوق: يعتقد 55% من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أن الكونجرس يجب أن يتوقف عن تمرير حزم المساعدات الجديدة، في حين وعدت البلاد بالفعل بأكثر من 73 مليار دولار لحليفتها، وفقا لمعهد كيل .

ركز الجمهوريون على الانتخابات الرئاسية

وعلى الساحة السياسية الأميركية، فإن الدعوات لوقف الإنفاق على أوكرانيا هي الأكثر عدداً من الجانب الجمهوري. يريد أكثر من نصف مؤيدي الحزب القديم الكبير (56%) من الولايات المتحدة أن “تفعل أقل” في هذا الصراع (مقارنة بـ 15% من الناخبين الديمقراطيين)، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة يوجوف لصالح شبكة سي بي إس نيوز . ولكن هنا أيضا، يتمزق المسؤولون التنفيذيون في الحزب الجمهوري والمسؤولون المنتخبون أنفسهم مع بدء حملة ترشيح المرشح التالي للانتخابات الرئاسية لعام 2024.

نظرًا لكونه المرشح الأوفر حظًا في استطلاعات الرأي لهذه الانتخابات التمهيدية (حوالي 55% من نوايا التصويت في المتوسط ​​اعتبارًا من 20 سبتمبر ) واعتباره قريبًا من نظام بوتين ، فإن الرئيس السابق دونالد ترامب يعارض بشكل منهجي إرسال الأسلحة والأموال إلى أوكرانيا. وبدلا من ذلك، يريد من يعتبر نفسه قادرا على «حل الصراع في 24 ساعة» إقناع فولوديمير زيلينسكي بالتوقيع على اتفاق مع روسيا، وهو ما أقسم الرئيس الأوكراني على عدم القيام به. وينضم إليه في هذا الخط حاكم فلوريدا الجمهوري، رون ديسانتيس ، الذي يأتي في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، والذي يرى أن أوكرانيا “ليست واحدة من المصالح الكبرى للولايات المتحدة” .نصف مارس.

وهذا يكفي لإحباط بعض أعضاء الحزب المحافظ، الذين ما زالوا يعتزمون التأثير في المناقشات الداخلية وكذلك في الكونجرس. وفي منتصف أغسطس/آب، انطلقت حملة “جمهوريون من أجل أوكرانيا”، بميزانية بلغت مليوني دولار، لإقناع المسؤولين المنتخبين في الحزب بالتصويت لصالح تقديم مساعدات جديدة لكييف. وفي تصنيف تفاعلي نُشر يوم الاثنين، سلطت الحركة الضوء على أنه من بين 222 مسؤولًا جمهوريًا منتخبًا في مجلس النواب، أدلى 60 منهم علنًا بتعليقات تعتبر “مناهضة لأوكرانيا”.

وبعد زيارة فولوديمير زيلينسكي، ستظل كل الأنظار متجهة إلى واشنطن، حيث يتعين على الكونجرس أن يقرر الجانب الجديد من المساعدات المقدمة لكييف. ويجب أن يتم هذا التصويت الحاسم في موعد لا يتجاوز 30 سبتمبر، وهو الموعد النهائي لوضع اللمسات النهائية على الميزانية الفيدرالية الأمريكية.