في ثورةٍ طالَ عُمرها , وتشتّت شعبُها , باتَ الحِصارُ أمراً عادياً لِشعبٍ اعتادَ الموتَ والقصف والدمار , لِشعبٍ ضاق ذرعاً بالحياةِ لِما عاناهُ من ويلاتِ الحَربِ .
” رفيدة وصُهيب ” طِفلان لم يبلغا العاشرة من عمرهما يعيشان في الغُوطة الشّرقية في ظلِّ الحِصار الخانق , يأتيان كلّ صباح إلى مدرستهم المُدمّرة حاملين حقائبهم , مُرتدين ملابسهم المُرتبة يقفان أمامَ المدرسة يتأملانها بحُزنٍ عميق , لكنّ في قلبهم وروحهم أملٌ كبيرٌ بالحصولِ على العلمِ , العلمُ الّذي مازالَ يجولُ في خاطرهم رُغم الحِصار والدّمار .
رفيدة وأخوها صُهيب قالا : ” لن نُسامحَ نظامَ الأسد لأنّه حَرمنا من مدرستنا ودمّرها ”
كلُّ يوم يأتيان وسيستمران بالمجيء يومياً , لأنّهم يشعرون بالسّعادة لرؤيةِ مدرستهم حتّى وإن كانَتْ مُجرّد أنقاض , وبناء يخلو من الطّفولة والبَهجة .
رفيدة وصُهيب قالا أيضاً : ” سنأتي كلّ يوم ولو كانت مُدمّرة لأنّها مدرستنا وليست مدرسة الأسد ”
مِثلُ رفيدة وصُهيب مِئاتٌ بل آلافٌ من الأطفالِ الذّين يُعانون من فُقدان مدارسهم , وفقدان التّعليم والأمان الّذي يَحظى بهِ كلّ الأطفالِ في العالم .
هؤلاء الأطفال يتحسرون ويتألمون , وكلّ ذنبهم هي الحربُ التّي لم يشاركوا بها , ولم يكن لهم يد بها , بل كانوا أداةً وضحية لتجارٍ تاجروا بالقضيّة , وسفاحين باعوا البلدَ من أجلِ كُرسي لا يساوي ظِفر طفل سوري .
سورية باتت أكثرَ دولة تُهدد الأطفالَ بالعالمِ من حيث الخطرِ والموتِ والضّياع , ومن حيث فقدان التّعليم والفقر والدّمار .
هل ستشرقُ الشّمسُ على سوريّة وتنجلي الغُمّة عنها , أم ستبقى تُصارعُ الدّمارَ والموتَ كلّ يوم , ويبقى أطفالها ضائعين مُتحسرين على حُلمِهم بالعلمِ والتّعليم ؟
بقلم مصطفى طه باشا – مجلة الحدث