كثُرَ الحديث كثيراً عن الأيتام السّوريين الذين فقدوا أحد أبويهم في الحربِ الدّائرة بسورية ,وكثُرَ الحديث عن معاناتهم النّفسيّة والجسديّة الّتي لا يقوى عليها الإنسان في سنِ الطّفولة , ومع غيابِ الدّعم لهم والحلول ,تتفاقمُ القضيّة ,وتتدهورُ أوضاع الأيتام في سوريّة وفي دول الجوار في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها .
ضرار طفلٌ من ريف حماة في 12 من عمره ,يتيم الأب ,يُقيم في مدينة الرّيحانية التُّركية ,يُعاني من نقصٍ في الرّعاية والاهتمام ,مما دفعه لإهمالِ تعليمه ودراسته والالتفات لأمورٍ أخرى ,كالسّعي للعمل وتكوين صداقاتٍ كي يُشغل نفسه بها ,بعيداً عن ملل الغُربة ومُعاناتها .
صادفَ ضرار العديد من الأصدقاءِ الّذين أثروا به ,فتغيرَت سلوكياته ,وباتَ طفلٌ لا يهاب شيء ,حتى والدته لم يعد يسمعُ كلامها ,أو يهتمُ لها ,يخرجُ متى شاء ,ويفعلُ ما يشاء فعلى حد زعمه ” أنا رجال اليت وبعمل يلي بدي ياه ”
ضرار أكبرُ إخوته الخمسة يعيشُ معهم ومع أمّه الّتي لا تعرف بمن ستهتم به أم بإخوته الّذين يحتاجون للتوجيهِ والمتابعةِ المُستمرة .
ضرار طفل يشربُ النّرجيلةَ والدخانَ, تعلمها من أصدقائِه الأكبرِ منه الّذين رافقهم في الآونةِ الأخيرة .
ضرار سيبقى تائهاً بلا مرشد له بسبب غياب الجهات والمنظمات الّتي ترعى شؤون الأيتامِ في دولِ اللجوء رغم وجود أعدادٍ كبيرةٍ من المنظمات التي حصرت عملها بالإغاثة والطّبابة .
وداد فتاةٌ لم تبلغ العاشرة, تعيشُ في مدينةِ الرّيحانية التّركية مع أبيها المعاق وأخوتها السّبعة وهي يتيمةُ الأمّ منذ ثلاثِ سنوات, وداد تركَت المدرسة بسبب أحوالهم المادية السّيئة, أباها غير قادرٍ على العمل وتأمين حياة مناسبة لهم, الأبّ لا يقوى على متابعة كلّ شؤون الأسرة, ما دفع الأولاد للتصرف بحريتهم وكيف يشاؤون .
وداد تذهبُ للوقوفِ عند إشاراتِ المرور, تقومُ ببيعِ المناديلِ للسيارات المارّة, تخرجُ من الصّباح حتّى المساء دون مُحاسب لها أو رقيبٍ عليها .
قالت وداد ” لا أرغب بالدراسة في تركيا وأهلي يحتاجون الخبز ولا يجدوه “.
لم تقم المنظماتُ بمساعدتهم تحت مُبرر ” الأب ليس مصاب حرب وليس لديهم شهيد كي يكفلوا عائلته “.
ومثلُ ضرار ووداد آلاف بل عشرات الآلاف من الأيتامِ الّذين يعانون من ألمِ الفقر وعدم الاهتمام, فقد نشرَت الأممُ المتحدة للطّفولة ” اليونيسف ” تقريراً ذكرت به أنّ عدد الأطفالِ السّوريين الّذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما بنحو مليون طفل سوري، ما يُعتبر كارثة إنسانيّة بكلِّ المعاني .
والحلُ الأنسب لهذه المُعاناة, تشكيلُ منظمات خاصة تُعنى بأمورِ الأيتام التّعليميّة وافتتاحِ مراكز خاصة لهم أو إنشاء مدن للأيتام, كما حصلَ بمدينة الرّيحانيّة التّركيّة حيث تمّ افتتاح مدينةِ أيتام خاصة تُقدم لهم التّعليم والسّكن والعِناية والاهتمام .
بقلم مصطفى طه باشا – مجلة الحدث