منذ استلام آل الأسد الحكم في سوريا وإلى اليوم يتجنب السوريون الحديث عن الشؤون السياسية وانتقاد الفساد الحكومي وضعف الخدمات في البلاد، ويكتفي السوريون بمقولتهم الشهيرة “الحيطان لها آذان” في إشارة لقوة المخابرات السورية التي تلاحقهم على الكلمة وتزرع أعينها في كل مكان.
واليوم يتكرر المشهدُ في ملاحقة السوريين على الكلمة ليصبحَ قانوناً رسمياً أصدره رأس النظام يوم الاثنين 28 آذار/مارس، وحمل الرقم 15 لعام 2022، الذي عدل خلاله عدداً من بنود قانون العقوبات السوري الصادر عام 1949 حيث ألغى عقوبة الأشغال الشاقة واستبدلها بالسجن المؤقت والمؤبد، ورفع الحد الأدنى والأعلى لعقوبة الغرامات التقديرية و الجنحية والجنائية.
بحسب ما نقلت “جريدة الوطن” عدّل القانون المادتين 285 و 286 الواردتين في قانون العقوبات لتحدد عقوبة كل سوري يقوم بدعوات ترمي إلى المساس بالهوية الوطنية أو القومية وإيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية بالاعتقال المؤقت، ويستحق العقوبة نفسها من نقل من سورية أنباء من شأنها بث اليأس أو الضعف بين أبناء المجتمع.
حدد القانون كل سوري يذيع أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها بالحبس ستة أشهر على الأقل، ويستحق بحسب القانون العقوبة نفسها كل سوري يذيع أنباء من شأنها تحسين صورة دولة معادية للمساس بمكانة الدولة السورية، كما يعاقب القانون بالحبس سنة واحدة على الأقل كل سوري يكتب منشوراً يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من سوريا أو التنازل عنه.
التعليقات من متابعي جريدة الوطن كانت ساخرة وتطالبه بالأولويات مثل تعليق “ابو محمد الخطيب” الذي كتب “ومتى سيصدر قراراً بالرد على الصهاينة الذين يمرغون أنفه بالتراب صباح مساء ام انهم اسياده واولياء نعمته” في حين سخر “أحمد مشهود” من متابعي الصفحة القاطنين في مناطق سيطرة النظام لعدم قدرتهم على التعليق بعد اليوم.
تعديل القانون جاء بعد غضب وانتقاد شعبي من سوء المعيشة
لم يعد معظم السوريون بمن فيهم القاطنون في مناطق سيطرة النظام يهابون من الحائط وأذنيه، وباتوا ينتقدون نظام الأسد وإداراته الفاسدة علناً بعد معاناتهم المريرة واليومية في العيش بمناطق تسيطر عليها حكومة النظام، ويتكلمون عن نقص الخدمات بكل وضوح على مبدأ “الضغط يولد الإنفجار”.
ينقل بعض المدنيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها من تبقى في مناطق سيطرة النظام، وتترجم تلك الأوضاع الصعبة بالصور التي يتناقلها ناشطون لطوابير المدنيين أمام أفرع الهجرة والجوازات لاستخراج جواز السفر والهجرة إلى بلد يستطيعون فيه العيش والهرب من جحيم المعاناة هناك.
وفي معظم المناشير التي يرصدها المركز الصحفي السوري لصفحات في مناطق سيطرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يشتكي الأهالي من نقص الخدمات كالانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي والمحروقات والغلاء المعيشي الفاحش مقارنةً بأجور العاملين في قطاع الدولة، الأمر الذي سيعتبره القانون مساساً في هيبة الدولة وأمنها، وغالباً لن تستطيع تلك الصفحات مواصلة الانتقادات والشكاوي.
تقول “ولاء” إحدى الطالبات الجامعيات التي كانت تدرس في مدينة اللاذقية أنّ معظم الأحيان تمضي وقتها على ضوء الشموع، وكان شغلها الشاغل البحث عن شحن للهاتف المحمول وشبكة خليوية للتواصل، في حين أن الأسعار المرتفعة تحرم الأغلبية من شراء الحاجيات اليومية.
الجدير ذكره أن مجلس الشعب أقرّ في جلسته المنعقدة في 3 آذار/مارس الجاري مشروع قانون يتضمن تعديل بعض المواد في قانون العقوبات، وذلك بحسب وكالة “سانا”، وتبع ذلك القانون إقرار مجلس الشعب في 17 آذار/مارس الجاري قانوناً أسماه تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة الالكترونية.
تقرير خبري بقلم: إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع