يأتي الصيفُ وقبله الشتاء إلى الشمال السوري حاملاً معه صعوبات ومعاناة كبيرة، يعيشها ساكنو المخيمات الذين لجأوا مكرهين إلى خيام لا تمنع عنهم لا حرَّ الصيف ولا برد الشتاء.
في خيمة على أطراف بلدة كفرلوسين القريبة من باب الهوى الحدودي مع تركيا، يعيش “أبو عبد الستار” مع عائلته في ظروف صعبة وقاسية، تتغير بين الفينة والأخرى بحسب الظروف الجوية الطبيعية والاقتصادية المادية.
نقص الدعم والخدمات تزيد من صعوبات فصل الصيف
يقول أبو عبد الستار أنه يجد في فصل الصيف صعوبات كبيرة، كون خيمته البلاستيكية تعكس الحرارة على رؤوس ساكنيها وتجعلها لهيباً تكوي جباههم، ويضيف أيضاً “تفتقر المخيمات للعوازل الحرارية التي تخفف من حدة الحر في فصل الصيف، وتساعد على تخفيف المعاناة في الشتاء أيضاً، واليوم بات توزيع مثل تلك العوازل نادراً عمّا كانت متوفرة بكثرة”.
وأيضاً يجد النازحون صعوبةً في تأمين وسائل التبريد والتخفيف من الحر، كالمراوح غير متوفرة في معظم الخيام، حيث تحتاج تلك المخيمات للطاقة الكهربائية لتشغيلها، في حين يعتمد معظم سكان المخيمات على الطاقة الشمسية والبطاريات لتأمين الكهرباء، أما الماء البارد بات نادراً لصعوبة تأمين الثلج وغلاء ثمنه.
ولعل من أبرز ما يعاني منه النازحون اليوم بحسب أبو عبد الله، هو نقص المياه الصالحة للشرب والاستخدام البشري، ففي الصيف تزيد الحاجة لاستخدام المياه أكثر مما في الشتاء، ويقول “في الصيف يكثر الغبار في المخيمات، نخرج لدقائق فنعود مكسوين بالغبار، فنضطر للاستحمام أكثر من مرة في اليوم، ولا نجد سبيلاً لتخفيف الحر عن أنفسنا وعن الأطفال إلا بالاستحمام”.
المياه مشكلة رئيسية في صيف المخيمات
تشكل المياه عصب الحياة، وفي مخيمات النازحين نجد أن الحاجة إلى تأمينها بشكل يومي تزداد، نظراً لعدم حيازة الأهالي هناك على خزانات مياه كبيرة أو آبار منزلية كتلك التي كانت في بيوتهم، كما أن المخيمات أكثر عرضة للحرائق في فصل الصيف، وإن تلك الخيام بحاجة لمياه نظيفة تخفف الأمراض الجلدية الناتجة عن سوء خدمات الصرف الصحي وانعدامها في معظم المخيمات واستخدام المياه الملوثة.
بحسب تقرير نشره فريق منسقو الاستجابة أمس الخميس حول المياه في مخيمات الشمال السوري أظهرت خلاله أن 55% من المخيمات المنتظمة تعاني صعوبة في تأمين حاجتهم من المياه اليومية، بينما 85% من المخيمات العشوائية تعاني من نفس المشكلة.
وأضاف الفريق أن 590 مخيماً محرومون من الحصول على المياه النظيفة والمعقمة مع احتمال زيادة أعداد تلك المخيمات مع توقف مشاريع دعم المياه في المنطقة، وأكد الفريق أن العوائل النازحة في المخيمات تنفق 20% من دخلها على المياه في الشتاء و33% من الدخل في الصيف ثمناً للمياه.
كيف يتكيف النازحون مع فصل الصيف؟
يضطر النازحون لاستخدام وسائل بدائية أكل عليها الزمن وشرب، لكنها عادت مجدداً للظهور مع النزوح وارتفاع الأسعار بشكل كبير، ففي تأمين مياه باردة يعمل أبو عبد الستار على حفظ مياه الشرب في قارورة فخار صغيرة وأخرى كبيرة، وتغليف تلك القارورتين بكيس “خيش” حتى تحفظها وتظل باردة.
ويعمل معظم سكان المخيمات على وضع بطانيات على جدار الخيمة وسقفها من الداخل وذلك للتخفيف من حدة الحرارة في الصيف وتأمين الدفء شتاءً، واليوم تجد مخيمات تحولت إلى بناء طوب وأخرى تحوي على فسحة خارجية، لكنها مسورة يجلس فيها سكان الخيمة وقت الحر، ويحاول الأهالي زراعة أشجار الزينة لتأمين الظل على الخيمة.
إبراهيم الخطيب/تقرير
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع