نظرا للدور الهام الذي تلعبه العلامة التجارية في حياتنا اليومية, و لما لها من مكانة مميزة في حياة الكثيرين, وتأثيرا كبيرا على أسلوب حياتهم, فالعلامة التجارية تعتبر بمثابة صلة الوصل بين المنتج والمستهلك يستطيع المُنتج من خلالها إيصال الرسالة التي يريدها للمستهلك. كما تلعب العلامة التجارية دورا مهما في المنافسة حيث يقوم التجار من خلالها بالتعريف بمنتجاتهم للمستهلكين كما لها أثر في خلق قيمة سوقية لدى المستهلك.
ويقصد بالعلامة التجارية أو الصناعية كل إشارة أو رمز يتخذ شعارا لتمييز منتجات مشروع تجاري أو صناعي، أو يتخذ شعارا للخدمات التي يؤديها المشروع, ليميز سلعة عن سلعة أخرى أو خدمات شركة عن خدمات شركة أخرى, كما تساهم في بناء سمعة الشركة وتنشئ حالة من الثقة مع المستهلكين, وتلتزم أي جهة تريد اكتساب علامة تجارية اتباع إجراء قانوني تمنح من خلاله العلامة التجارية مالكها حقوقا حصرية لاستخدامها لمنتجات معينة, ومع ذلك ظهرت العلامات التجارية المقلدة والتي يقصد بها اتخاذ علامة تشبه بشكلها العام العلامة الأصلية للسلعة أو للمنتج, ما يؤدي لخداع المستهلك وتضليله عنها اعتقادا منه أنها العلامة التجارية الأصلية. ونتج ذلك بعد الهجرة التي نتجت عن حرب طالت سنوات عديدة في سوريا وأدت إلى استقرار نسبي للسوريين في تركيا, بدأ السوريون وقتها بالدخول إلى سوق العمل والانخراط بالمجال الصناعي والتجاري فيه, ما أدى إلى إنشائهم معامل ومصانع لتأمين متطلبات السوريين في تركيا, وقد استطاعوا إثبات مكانة مميزة وتقديم أفكار جديدة بحكم خبرتهم بالصناعات المختلفة, لكن السلع لم تكن جميعها تحمل ماركات أصلية حقيقية بل كان معظمها سلعاً سورية مقلدة يتم تصنيعها في تركيا من منتجات غذائية وغيرها, وبدأت الآراء تنقسم بين اعتبارها حقا للصناعيين السوريين الذين نقلوا معاملهم ومصانعهم إلى تركيا وبالتالي يجوز امتلاك علامتهم التجارية, وبين من اعتبرها باب احتيال وغش وتقليد.
وتتمثل المشكلة الرئيسية لهذا البحث بأن العلامات التجارية السورية المقلدة قد بدأت تغزو الأسواق التركية بشكل ملحوظ, وبدأت تتسارع بشكل مثير للقلق مما يجعلنا نفكر بالآثار السلبية المحتملة لهذا التقليد على الاقتصاد واستدامة الأعمال في السوق التركي, وعلى سمعة ومبيعات العلامة التجارية الأصلية والثقة بها, وأيضا تأثيره من الناحية القانونية وإلى إمكانية تحول هذه المشكلة إلى صراع وتنازع بين المقلد وصاحب العلامة الرئيسي, ويمكننا التعبير عن المشكلة من خلال طرح السؤال الرئيسي, ما هو تأثير العلامة التجارية السورية المقلدة على اقتصاد الأسواق التركية وعلى سمعة العلامة التجارية الأصلية؟
وكيف تؤثر العلامات التجارية السورية المقلدة على الأداء الاقتصادي للعلامة التجارية في تركيا؟
كيف تؤثر العلامات التجارية السورية على سمعة العلامة التجارية الأصلية؟
كيف يتماشى التقليد مع القوانين الموجودة في تركيا؟
العلامة التجارية
مفهوم العلامة التجارية
لغة, كلمة “العلامة” تعني السمة أو الأمارة وجمعها علام أو علامات
وقد تباينت وجهات نظر الباحثين والمفكرين في محاولة تقديم تعريف واضح للعلامة التجارية، ويرجع هذا التباين إلى تعقيد طبيعتها من جهة، وإلى تنوع استخداماتها والأهداف التي تخدمها من جهة أخرى. ففي حين تُعَدّ العلامة التجارية أداة اتصال تربط المؤسسة بجمهور زبائنها، تُنظر إليها أيضًا كوسيلة توجيه وإرشاد. بجانب ذلك، تُمثل العلامة التجارية أداة تميز للمنتجات والمؤسسات في عالم تشتد فيه المنافسة. وتُصبح العلامة التجارية كآلية توليد للأدلة من خلال حوارات موجهة نحو جمهور المستهلكين، وذلك باستخدام مختلف وسائل الاتصال. ومن هذا المنظور، تعتبر العلامة التجارية أداة اتصال تنقل رسائل المؤسسة بشكل فعّال للجمهور المستهلك.
وهناك باحثون يرون أن العلامة التجارية هي عبارة عن أداة تميز وتمييز, فالجمعية الأمريكية للتسويق تعرف العلامة التجارية على أنها رمز أو اسم أو تصميم أو مصطلح أو مزيج معين, ويهدف إلى تعريف وتحديد سلعة معينة أو خدمات تُقدّم من قبل البائع أو مجموعة من البائعين, مما يميزها عن منافسيها.
ويعرّف فقهاء القانون العلامة التجارية على أنها “إشارة توسم بها البضائع والسلع والمنتجات أو تُعلّم بها تمييزاً لها عن ما يماثلها مـن سلع تاجر عن أخر أو منتجات أرباب الصناعات”
وتعرّف أيضا بأنها أداة تمييز للمنتجات من خلال مجموعة من العناصر التي يمكن للمستهلك أن يدركها بحواسه( كالشم واللمس والنظر)
والعلامة تُعَدُّ مفهومًا مميزًا لدى مختلف فئات السوق، وهي تشمل التصورات المتعلقة بالعلامة التجارية في ذهن المستهلكين، وتلعب هذه الارتباطات دورًا مباشرًا أو غير مباشر في قرارات الشراء للزبائن. يُمكن تمييز نوعين عامين من الارتباطات:: الارتباطات الوظيفية: تتعلق بالعناصر المادية والوظيفية للمنتج، حيث تبرز علامات مثل
Microsoft” بتخصصها في برمجيات الحاسوب،
Mercedes” بصفات الصلابة والمقاومة، و
بكونها مشروبًا غازيًّا منعشًا “Cola-Coca”
ومع ذلك، قد تكون هذه الصفات سهلة التقليد.
الارتباطات الرمزية: تنتقل من العناصر المادية المميزة للمنتج إلى العناصر اللامادية التي تميز. “Apple وتُعبر عن سيارة رجل الأعمال “Mercedes” ، و”Cola-Pepsi” مشروب الجيل عن الكمبيوتر المبتكر، وتتميز هذه الارتباطات بصعوبة تقليدها من قِبَل المنافسين.
أربعة مداخل يمكن للعلامة من خلالها التميز: اقترح “Lai Chantal”
المدخل الإيديولوجي: مثل الاهتمام بالبيئة وتطوير أنظمة الأمان الإلكتروني
المدخل النفسي: التركيز على صورة المستهلك الذاتية وجعل العلامة تلعب دورًا مكملًا أو مرآة لشخصيته.
المدخل الاجتماعي: تقسيم السوق وفقًا للانتماءات الاجتماعية
المدخل الثقافي: الربط بمعتقد أو أسطورة أو فلسفة جمالية. بالتالي، تظهر العلامة كمفهوم يمكن النظر إليه من مختلف الزوايا، عبر ثلاثة أبعاد: العلامة كنظام، العلامة كوسيلة اتصال، والعلامة كوسيلة تمييز وتفرد.
وبناءً على كل ما سبق فإنه يمكن بشكل عام تعريف العلامة التجارية بأنها “أي شكل يمكن تصوره كعلامة فارقة غير مخالفة للنظام العام، الهدف منها تمييز بضاعة أو سلعة أو خدمة عن أخرى”“.
نشأة العلامة التجارية وتاريخها
لابد عند دراسة مفهوم العلامة التجارية من العودة إلى بداية ظهورها, حيث ظهر استخدامها منذ القرون الأولى عندما انتقل الإنسان من الحياة البدائية التي تعتمد على الصيد والزراعة إلى السعي إلى تبادل الأشياء والمنتجات, ظهرت هنا التجارة وظهرت ملامح العلامة التجارية وظهر هذا العنصر بأثره الكبير في حركة الاقتصاد, لكنها لم تقتصر على شكلها البدائي بل تطورت عبر تطور العصور منذ عصر الرومان إلى العصر الحديث.
إن ظهور العلامة التجارية قديم قدم التاريخ وقدم ظهور البشر على سطح الأرض فمنذ العصر القديم وخاصة في العهد الروماني كانت التجار يستخدمون أسماءهم وأسماء المصادر التي ينتجون منها منتجاتهم ليميزوا بها هذه المنتجات المختلفة التي يقومون ببيعها, إذ كانت هذه العلامات على
شكل رموز أو أسماء أو أختام واستمرت على هذه الحال إلى نهاية العصور الوسطى, ثم توسعت ووصلت إلى فرنسا وإيطاليا حيث كان يسود نظام الطوائف الذي كان يفرض عليهم أن يميزوا منتجات كل طائفة على حدة وأن يضع كل صانع منتج علامة تدل عليه إلى جانب علامة الطائفة التي يمثلها, حتى يستطيع التعرف على مصدر إنتاج هذه المادة وهذه السلعة, وكانت مهمة جدا في ذلك الوقت لتحقيق فائدة المستهلكين أكثر منها للتجار والمصنعين لأنها لعبت دور الضامن لهم من الممارسات الانتهازية أو الغش من التجار الغير معروفين, ثم انعكست العلامات الطائفية بالإيجاب على علامات التجار المحليين مما جعل العلاقة بين مختلف العناصر الاقتصادية تمشي بطريق أكثر تنظيما.
أما في العصر الحديث فقد أشار عبادة محمد في بحثه نقلا عن دراسة سابقة أنه ومع بداية القرن التاسع عشر أصبح المستهلك والمنتج تحت سيطرة الموزعين الذين يوزعون المنتجات على أسواق الاستهلاك, وبقي ذلك حتى بداية منتصف القرن التاسع عشر مع بداية الثورة الصناعية, حيث شهد الاقتصاد تطورا كبيرا وبدأت تنتشر المصانع الكبيرة الضخمة والمتاجر والمحلات, ما أدى إلى اكتظاظ الأسواق بالسلع بشكل لم يكن له مثيل من قبل, هذا الأمر دفع المنتجين للبحث عن طرق جديدة لتصرف بها منتجاتهم بكميات كبيرة و أساليب متنوعة وسياسة تستطيع مواكبة ومواجهة التنافس الحاصل بين الأسواق والتجار, وكانت بداية الأمر باستخدام اللصقات التجارية والمطويات الإشهارية, وبدأ الموزعون والمنتجون يهتمون بالعلامات التجارية, وكان من أوائل الاستخدامات لها تبرير ارتفاع أسعار المنتجات.
وبالانتقال إلى عصرنا هذا عصر التكنولوجيا والإعلام والاتصالات وبعد الحرب العالمية الثانية, بدأت المؤسسات والشركات بتغيير الأساليب الإدارية والتسييرية, فبعد أن كان اهتمامهم ينحصر بالأصول المادية بدأت اهتماماتهم تتجه نحو الأصول اللامادية شيئا فشيئا, ما أدى إلى شيوع مفاهيم حديثة كثقافة المؤسسة, إرضاء الزبون والعميل, الاحتفاظ بالصورة الذاتية للمستهلك إلى آخره. هنا يجدر القول بأن المؤسسات حقا تأخرت بإدراك قيمة العلامة التجارية حتى بداية الثمانينيات حيث قبل هذه الفترة وجدت كتابات تهتم بالعلامة التجارية لكنها لم تحظى بالاهتمام
الكبير من قبل المدراء, إلى أن تمت صفقات كبيرة تبيع العلامات التجارية بمبالغ ضخمة, هنا أصبحت العلامات التجارية من أول الاهتمامات للمؤسسات. وهناك أمور عديدة ساعدت على تطور أهمية العلامة داخل المؤسسة:
أولا التنوع الكبير في المنتجات المعروضة في الأسواق
ثانيا الاهتمام الكبير بأساليب الاتصال
وثالثا التنوع الكبير لاستخدام النوع الواحد من المنتجات كالطاولات مثلا المختصة بالأكل أو المكاتب أو الحواسيب
رابعا تلاشي خصوصية المنتجات لدى المستهلكين فلم يعد اللباس العسكري خاص بالجنود وكذلك تنوع مناسبات تناول القهوة باختلاف أمكنتها ومسمياتها.
خامسا التشبع المتزايد للأسواق وبعد تلاشي هذه الخصوصية للمنتجات وتجردها من كل مدلول كان لابد من وجود عنصر رمزي للمنتج ومن هنا بدأ دور العلامة التجارية يبرز شيئا فشيئا.
سادسا تغير سلوكيات المستهلكين من التباين الزماني المكاني إلى التداخل الزماني المكاني حيث كان الحذاء الرياضي يلبس لغرض الرياضة فقط ثم أصبح يلبس في كل مكان أيضا.
سابعا انفصلت الرغبات الفردية عن المستويات الاجتماعية والانتماءات الثقافية والجيولوجية والعقائدية وأصبح الأغنياء يتناولون المأكولات الخفيفة المقدمة في الطرقات على سبيل المثال
ثامنا انتشار ثقافة الاستهلاك وهي المتغير الأهم فهي تفسير تسابق المؤسسات إلى بناء علامات قوية تستهدف الهستيريا الاستهلاكية التي طبعت الأفراد وذلك بسبب الانتقال من فلسفة بيع المنتجات إلى فلسفة التواصل عن طريق المنتج ثم العلامة وأيضا الانتقال من الاهتمام بالعناصر المادية إلى الاهتمام بالعناصر اللامادية.
أشكال العلامة التجارية
نظرا للأهمية الكبيرة التي تتحلي بها العلامة التجارية من حيث انه من خلالها يتمكن المستهلك من تمييز المنتجات والبضائع عن غيرها, وتضمن عدم غش الجمهور أو ضياعه, وهي حافز كبير للمُنتِج ليبذل كل ما بوسعه لتتمتع منتجاته بجودة كبيرة تتفوق بها على مثيلاتها.
و في مجال المنافسة لابد هنا من الإشارة إلى العناصر التي تتشكل منها العلامة التجارية إذ أنها تتحلى بأشكال عديدة يمكن من خلالها تمييز العلامات التجارية عن بعضها البعض وتضمن أن تزيل اللبس عند المستهلك وعدم غشه, ويمكن أيضا أن تتخذ شكلا واحد أو عدة أشكال مجتمعة وأحيانا نميز العلامة التجارية من خلال الهدف أو الشخص المالك لها أو من حيث مرتبته في السوق الاقتصادية.
وبما أن العلامة التجارية هي الوسيلة التي تتميز من خلالها البضائع والمنتجات عن بعضها البعض فكذلك يجب أن تتميز عن بعضها البعض بالشكل والصورة أيضا, لذلك نميز عدة أشكال للعلامة التجارية:
الأسماء:
فمثلا يمكن أن تأخذ العلامة شكل الاسم وهذا الاسم يجب أن يكون مكتوبا بشكل مميز كأن يوضع في إطار معين أو تكون له ألوان معينة أو تركيبه خاصة, وهذا ما يميز العلامة التجارية, فإذا لم تكن مميزة بشكلها فإنها لن تساعد المستهلك على الاختيار المناسب للمنتج, ويمكن أن يكون هذا الاسم خاص بالشخص ويمكن أن يكون يشمل اسم عائلته مثل (فورد) في السيارات الأمريكية.
ولا بد أن أن يكون هذا الاسم واضح وغير غامض ولا يهم اللغة التي يكتب فيها لأن الاسم وجد ليعرّف التاجر أو المصنع أو البيعة, لذلك يجب أن يكون مميزا ومختلفة عن سواه من الأسماء ويمكن أن تكون كتابة الاسم بطريقة ملفتة للنظر بخطوط العربية بالخط الكوفي أو الفارسي وبأحرف كبيرة.
ويمكن أن يستخدم التاجر اسم غيره وطبعا يجب أن يأخذ إذن صاحب الاسم أو ورثته, ولا بد من الإشارة بأن أسماء الأماكن ليست علامة فارقة لأن الجميع يستطيع استخدامها لكن يمكن استخدامها إذا برزت الكلمات بشكل خاص.
الحروف والأرقام:
يمكن أن تتشكل العلامة التجارية من حروف فمثلا يمكن أن نستخدم الحرف الأول من الاسم, فمثلا تدل الحروف الأولى من بعض العلامات التجارية على السجائر, وأيضا استخدمت الحرف مع الرقم من أجل المشروبات الغازية المشهورة عالميا ويمكن أن تكون العلامة التجارية مجرد أرقام مثل 555 تستخدم في تمييز نوع من العطور أو .212 وتعتبر الأرقام من بين أهم العلامات التجارية المعروفة حاليا في المجال الصناعي والتجاري لسهولة نطقها و وضوحها.
الرسوم والصور والنقوش:
وكذلك يمكن أن تكون العلامة التجارية عبارة عن منظر طبيعي كنهر مثلا أو شجرة أو ربما يرمز إلى حيوان أو مناظر خيالية توضع في إطار معين يظهر بشكل معين, وهذا يدل على صفة الابتكار والاختراع والإبداع والتميز, وأيضا المناظر العامة للآثار كالأهرامات وهذه تكون حق عام يحق للجميع استخدامها, ويمكن استخدام صورة معينة لأحد الشخصيات بشرط استئذان صاحب الصورة إذا كان حي أو ورثته إذا كان متوفيا, وأيضا يمكن استعمال النقوش كعلامة تجارية مميزة كالزخرفة في الأقمشة ومواد البناء الحجرية ويمكن استعمال الرسوم في أدوات الزينة أو الأصباغ أو رسوم لزجاج للعطور.
الأشكال والألوان والأغلفة:
ومن الممكن أن تكون الأشكال والألوان أيضا علامة تجارية, إذا كانت الغاية منها لفت انتباه المستهلكين فيمكن أن تقتصر على لون واحد أو مجموعة من الألوان. ويجوز لأي تاجر أو منتج سلعة أو مقدم خدمة أن يتخذ من الألوان علامة تجارية, ويمكن أن يمثل اللون جزء من العلامة موضوع داخل شكل معين كنقطة صفراء مثلا, ويمكن اختيار لون أو مجموعة ألوان دون أن تكون حكرا على التاجر.
ويقصد بالأغلفة كل مايمكن وضعه على المنتج أو السلعة كالزجاجات والورق المستخدم للتغليف بحيث توضع بشكل مميز عن باقي المنتجات.
أنواع العلامات التجارية
تقسم العلامة بالنظر إلى الغاية المرادة منها إلى ثلاثة أنواع هي :
أولاً: العلامة الصناعية وهي التي يضعها الصانع ليميز بها منتجاته التي يقوم هو بصناعتها عن مثيلاتها من المنتجات الأخرى, ويراد بها العلامة التي يستخدمها مصدر الصنع .
ثانيا: العلامة التجارية وهي التي تميز تاجر معين يحرص على جذب العملاء, وذلك بأن يضع علامة مميزة عن مثيلاتها من المنتجات الأخرى, وتدل على حسن اختياره وعرضه للمنتجات التي يختارها ويطلق عليها علامة التوزيع ويستخدمها التجار في تمييز المنتجات التي يقومون ببيعها بعد شرائها سواء من متاجر الجملة أو من المنتِج مباشرة بغض النظر عن مصدر الإنتاج, وهي علامة حديثة تميز المنتج الذي يُنتَج من مؤسسة معينة وتعتبر العلامة التجارية إلزامية لكل سلعة..
وهناك أيضا أنواع للعلامات التجارية ويمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام أيضا:
علامة المُنتجين
وهي أيضا عدة أنواع:
–العلامة الفردية وهي العلامة التي تدل على علامة منتج, تقوم المؤسسة بوضعها على منتج وحيد تميزه عن بقية المنتجات, وتستخدم هذه الأنواع من العلامات عند انطلاق المؤسسة في النشاط أول مرة أو عند طرحها لمنتج جديد مبتكر, وهنا يصبح اسم المنتج العلامة ذاتها.
وهناك بعض العلامات التي أصبحت أسماء للمنتجات وهذا النوع من العلامات له مجموعة من الإيجابيات والسلبيات, ومن سلبياته ارتفاع تكاليف الترويج خاصة إذا كانت المؤسسة لديها مجموعة واسعة ومتنوعة من العلامات فعليها آنذاك أن توفر لكل علامة ميزانية ترويج خاصة بها, وأيضا لها مجموعة من الإيجابيات مثل, عدم تأثر بقية علامات المؤسسة بفشل إحدى علاماتها, وكذلك توحيد صورة المنتَج في ذهن المستهلك وارتباطه بعلامة وحيدة, أيضا فتح مجال التوسع للعلامة في حال نجاحها حيث يمكن تطويرها لتصبح علامة لتشكيلة من المنتجات التي ستنتجها الشركة.
علامة المجموعة
وهي العلامة التي تضعها المؤسسة على مجموعة من المنتجات المتجانسة و تنتمي إلى نفس الصنف مع التزام العلامة بمهمة واحد لجميع المنتجات.
من إيجابيات هذا النوع, انخفاض تكاليف الترويج مقارنة بالعلامة الفردية, وتساعد على التطوير
مثال كوكا كولا التي تضم مجموعة كوكالايت وكوكا دايت إلى آخره. السريع للمنتجات الجديدة,
-العلامة العائلية
وهي العلامة التي تضعها المؤسسة على مجموعة من المنتجات غير المتجانسة, ما يجعل المهمة التي تلتزم بها العلامة غير موحدة, وتختلف بحسب طبيعة صنف المنتجات وغالبا ما يكون هذا النوع نتيجة توسع علامة المجموعة.
العلامة الكفيلة وهي العلامة التي تستخدمها المؤسسة لمجموعة من العلامات وليس المنتجات وغالبا ما يستخدم هذا النوع من العلامات من طرف المؤسسات المنتجة للسيارات مثال ( رينولت).
علامة الموزع
هي العلامة الت تستخدمها المتاجر لتسمية محلاتها ومتاجرها وهي من أقدم أنواع العلامات التجارية, ومما زاد من أهمية هذه العلامة هو التطور الكبير للسوق وزيادة عدد المتاجر.
العلامة الإلكترونية
تطورت الأعمال الإلكترونية بشكل كبير في السنوات الأخيرة وظهرت منتجات تخدم السوق الالكترونية, هذا الأمر أدى لظهور مؤسسات منافسة في هذا المجال وسيطرت على السوق مثل محرك البحث غوغل وغيره.
العلامة المانعة
هي العلامة التي يسجلها صاحبها دون أن يستعملها ويكون القصد منها منع الغير من استعمالها, وعادة تكون شبيهة بعلامته التجارية الأصلية فيقوم بالتسجيل عليها تخوفا من أن يقوم الغير بتسجيل العلامة فتختلط لدى المستهلك.
خصائص العلامة التجارية
إن كل من يرغب بامتلاك علامة تجارية يجب أن يكون اختياره دقيقا لتلك العلامة بما يتوافق مع نشاطه التجاري أو الصناعي حتى تكون عونًا له ومساعدًا مهمًا في تحقيق أهدافه وطموحاته مهما كان هذا النشاط الذي يزاوله لذلك يجب أن تتحلى العلامة التجارية بصفات معينة, على سبيل المثال, أن تكون سهلة النطق تتمكن مختلف الفئات من نطقها, سهلة التذكر, سهلة الكتابة, تتمتع ببساطة التصميم و الشكل, صغيرة الحجم وجذابة المنظر, قابلة للثبيت على المنتجات, وأيضا أن تكون مختلفة ومميزة عن علامات الآخرين في مجملها وفي أجزائها, وأن تكون قابلة للتسجيل قانونيا.
وظائف العلامة التجارية
للعلامة التجارية وظائف عدة تخدم من خلالها المُنتج والمستهلك وتخدم المُنتَج أيضا وقد وردت عدة وظائف للعلامة التجارية في أبحاث عدة ذكرها المهتمون نورد منها مايلي :
العلامة التجارية أداة حيوية للتمييز
العلامة التجارية تعد أداة حيوية للتمييز، حيث تقوم بأحد أهم الوظائف وهي تمكين المستهلك من التعرف وتحديد البضائع، مانحة للمنتجات والسلع والخدمات هويتها الفريدة في السوق. تشكل العلامة التجارية أيضًا وسيلة لتمييز الصناع والتجار، ومقدمي الخدمات في ساحة التعامل التجاري، حيث تعكس هوية كل فاعل تجاري بشكل فريد.
العلامة التجارية أداة حماية للمستهلكين
العلامة التجارية تُعتبر ضمانًا أساسيًا لحماية جمهور المستهلكين من الغش والاحتيال، حيث تعمل على حماية المستهلكين من التجار الذين يحاولون استخدام أساليب التضليل في تسويق منتجاتهم أو خدماتهم, تكون العلامة التجارية وسيلة لتحديد جودة المنتج أو الخدمة وتمييزها عن المنتجات أو الخدمات ذات الجودة المنخفضة, هذا يسهم في حماية المستهلكين وتوجيههم نحو اختيارات أكثر وعياً وثقة.
العلامة التجارية تعتبر وسيلة فعّالة للإعلان عن المنتجات والبضائع والخدمات
العلامة التجارية تعتبر وسيلة فعّالة للإعلان عن المنتجات والبضائع والخدمات. أشارت الباحثتين سوار وليندة في بحثهما بأن سلوك المستهلكين يتأثر بشكل كبير بالإعلان، حيث يلعب الإعلان دورًا جاذبًا يشجع المستهلكين على اختيار المنتجات وطلب الخدمات المعلن عنها. صاحب المشروع يسعى من خلال الإعلان إلى أن يوضّح للجمهور أن منتجاته أو خدماته هي الأفضل في السوق، ويقوم بتجسيد هذه الرؤية من خلال اعتماد علامة تجارية، وهي وسيلة هامة للتعريف بالمنتجات وتمييزها عن المنتجات المماثلة.
تُعتبر العلامة التجارية وسيلة من وسائل المنافسة المشروعة
تُعتبر العلامة التجارية وسيلة من وسائل المنافسة المشروعة، حيث يتم تنظيم المنافسة بين الأعوان الاقتصاديين وتقييدها في حدود مشروعة. يركز الاهتمام الاقتصادي على دراسة وحماية العلامات التجارية كأساس لنجاح المشاريع الاقتصادية. تعتبر العلامة التجارية وسيلة لتمييز المنتجات
والخدمات وجذب العملاء، مما يدفع أصحاب المشروعات إلى تحسين منتجاتهم لكسب ثقة العملاء والحفاظ على شهرتها وموقعها في سياق المنافسة المشروعة.
تظهر العلامة التجارية كرمز للثقة في صفة المنتجات والخدمات
تظهر العلامة التجارية كرمز للثقة في صفة المنتجات والخدمات، حيث تُظهر بوضوح خصائص المنتجات والبضائع مثل الجودة، التصنيف، الضمان، وطريقة التحضير. ينتج ذلك عن زيادة الثقة في تلك العلامة، مما يجعلها مفضلة لدى العملاء على حساب البدائل الأخرى. هذا يدفع مالك العلامة إلى تعزيز سمعتها وبناء ثقة العملاء من خلال الاهتمام بجودة المنتجات والحفاظ على معاييرها، مما يجعل العلامة موثوقة في نظر الجمهور وتعكس جودة المنتجات التي تُمثلها..
العلامة التجارية كوسيلة لتحديد مصدر المنتجات والخدمات
حيث أشارت سوار وليندة في بحثهما لهذه الوظيفة بأن العلامة التجارية كوسيلة لتحديد مصدر المنتجات والخدمات، حيث تمكّن من تحديد المصدر الإقليمي أو الشخصي للمنتجات والسلع والخدمات، مما يُمكّن المستهلك من التمييز بين المنتجات المتشابهة التي تنتمي إلى أطراف مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تسهل العلامة التجارية عمليات التجارة بين الصانع والبائع والمستهلك، حيث يكتفي المستهلك بذكر العلامة التجارية للتعبير عن اهتمامه في الشراء، دون الحاجة إلى البيانات الدقيقة والوصف المفصل، مما يسهم في توفير الجهد وتحقيق السرعة في عمليات التبادل.
تقليد العلامة التجارية
1.التقليد لغةً:
جذر الكلمة هو الفعل (قلد) قلد يقلد تقليدا, وحسب تعريف الجرجاني فإن التقليد هو إتباع الإنسان غيره فيما يقول ويفعل معتقدا للحقية فيه, من غير نظر وتأمل في الدليل, وقيل بأن التقليد هو قبول قول الغير بلا حجة ولادليل.
اصطلاحاً:
قلد الشيء نسخه أو أوجده ثانية بطريقة احتيالية بقصد التحريف أو نقل الشيء بطريقة الخداع والمكر بعيدا عن الاجتهاد والابتكار.
أما فقها:
فهو اصطناع العلامة التجارية نفسها, أي النقل الحرفي للعلامة التجارية نقلا كاملا أو للأجزاء الرئيسية منها إلى درجة أن يصعب التفرقة بينهم, ويقصد بهذا الاصطناع, الاصطناع الكامل والحرفي للعلامة أي التصنيع المادي لها.
وعليه فإن تقليد العلامة التجارية هو اختيار علامة معينة تشبه علامة أخرى مشهورة ومسجلة ولها حماية قانونية وتقليدها شكلاً مما يؤدي إلى حدوث خلط في ذهن المستهلك وبالتالي يعتبر تعديا على حقوق مالك العلامة.
: الطرق التي يتم بها التقليد
عادة يتم تقليد العلامات التجارية بطريقتين:
الأولى التقليد بالنقل:
وهو نقل العلامة نقل تاما متطابقا مع شكلها ومضمونها الأساسي أو نقل الأجزاء الرئيسية منها بحيث تطابق العلامة المُقلّدة العلامة الأصلية, وذلك من خلال نقل الأجزاء المهمة والرئيسية حصرا أما إذا تم نقل عناصر غير مهمة فهنا لا يوجد تقليد.
الثانية التقليد بالتشبيه:
وهو أن يتم تصنيع علامة تشبه تقريبا العلامة الأصلية وذلك لتضليل المستهلك, وهي منتشرة وشائعة كثيرا.
فمن ناحية الاسم يختار المقلد الاسم الموضوع في العلامة التجارية مع تغيير بعض الحروف أو إضافة حرف لا يغير نطق الكلمة أو تغيير ترتيب بعض الحروف. .
ومن الناحية البصرية يقوم المقلد بتقديم علامة معتمدا على نفس التركيب والبناء من ناحية الأشكال والألوان والرموز الداخلة في تركيب العلامة التجارية الأصلية.
تقليد العلامات التجارية وآثارها السلبية
تدل العلامة التجارية منذ زمن بعيد على مصدر المنتجات, ثم أصبحت رمزاً لصفات وخصائص
المنتجات ودرجة جودتها ، فوجود العلامة يوحي بالثقة وضمان الجودة للمستهلك, ثم ظهرت
وظيفة جديدة تضمن تصريفا أكبر للمنتجات وتعرف هذه الوظيفة بالوظيفة التسويقية للعلامة. وعليه فإن تقليد العلامات التجارية يعرقل أداء العلامة لوظائفها ، ويلحق ضرراً جسيماً بالمجتمع ، وليس فقط على الصناعة والتجارة ، بل يمتد إلى المستهلك الذى يقع ضحية الغش والتضليل، وخاصة بعد أن توسعت دائرة التقليد فشملت كل أنواع المنتجات والبضائع من ملابس ونظارات وساعات وقطع غيار سيارات وآلات صناعية وأجهزة كهربائية, كما امتدت تجارة البضائع المزيفة
إلى سلع يؤدى تقليدها إلى المساس بصحة الإنسان وتعريض حياته للخطر ، مثل المنتجات الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية وفرامل السيارات وقطع غيار الطائرات, وبالطبع لا يغيب عن الأذهان حوادث الطيارات التي حدثت بسبب قطع الغيار المقلدة والرديئة الصنع التي كان يستخدمها المُدّعى عليهم وكذلك العقاقير الطبية المغشوشة التي أودت بحياة الكثيرين.
وإذا ما تطرقنا للحديث عن تقليد السلع ومخاطرها على مستوى المستهلك أو الفرد الذي يعتبر أول ضحية للغش؛ ليس فقط بسبب أنه اشترى منتوجا غير أصلي وإنما لأن بعض المنتجات قد تودي حقا بحياة صاحبها, خاصة إذا كانت منتجات طبية وعقاقير, وأحيانا تصل إلى زيوت السيارات والآلات الصناعية, ولا نغفل عن أكل حقوق بعض الأفراد العاملين في مجال صناعة وتسويق هذه المنتجات والتي غالبا لا يدفع أصحابها الكثير من الحقوق للعاملين لديهم.
من الآثار السلبية الأخرى للتقليد التجاري على اقتصاد الدول ، تردد الشركات صاحبة العلامات التجارية عن الاستثمار في تلك الدول التي يكثر فيها التقليد، ومن ثم التأثير على منح الاستثمار والاستهلاك، ما يؤدي الى انخفاض مكونات الطلب الكلي الفاعل في تحقيق مستوى أعلى للناتج القومي, وكذلك يغرم الدول خسائر مباشرة بما يتعلق بالإيرادات الضريبية كالرسوم الجمركية مثلا, وذلك لأن المقلّد لايستعمل لتوزيع منتجاته شبكات رسمية, إضافة إلى تحمل الدولة مصاريف الرعاية الصحية نتيجة لحوادث العمل غير المعلنة, ولا نغفل عن الآثار السلبية على السلامة
العامة وأثرها على الاقتصاد الوطني المتمثل في زيادة البطالة بسبب خسائر الشركات التي تتعرض منتجاتها للغش والتقليد.. ويعتبر التقليد طريقة فعالة لتبييض أموال المنظمات الإجرامية ما يؤدي إلى اختلال توازن السوق وضعف الشبكة الاقتصادية.
أما فيما يخص أصحاب العلامات التجارية فقد جاءت على حساب الإساءة إلى سمعة المنتج، من جهة قضائه على ثقة العميل والمستهلك في العلامة التجارية فعندما يقتني العميل المنتج المقلد وتكون النتيجة عدم رضاه عنه سيؤدي ذلك إلى فقدان الثقة ولوم المؤسسة الأصلية التي يظن المستهلك أنه اشترى من منتجاتها .
إن حجم عمليات التقليد والقرصنة عالميا يمثل 5 إلى 10% من حجم التداول التجاري العالمي أي نحو 780 – 800 مليار دولار سنويا أي أن التقليد يكبد الدول والشركات خسائر تقدّر بمليارات الدولارات .
أما أثر التقليد على المؤسسات فإن التقليد يُضعف من قدرتها على التطوير بسبب انخفاض رقم أعمالها مع فقدان حصصها السوقية, بعد تاريخ طويل, إضافة إلى الضرر المعنوي والنفسي بسبب فقدان خصائص ومزايا العلامة التي يروجون لها, وكذلك ستنخفض الميزانيات المخصصة لها بسبب انخفاض الاستثمارات المخصصة في مجال البحث والتطوير ما سيضعف من فعاليتها. ولم يقتصر الأمر على التقليد ضمن الحدود بل تعدى الأمر ليصل إلى التصدير إلى دول أخرى, من تركيا إلى مصر مثلا, ممايؤدي إلى ضعف الاستثمار في هذا البلد المقلّد وخسارة أموال واستثمارات محتملة, وستنخفض مع الوقت صادراتها لاقتران منتجاتها وسمعتها بالتقليد وبالتالي ستلاقي رفضا من الدول الأخرى مما يؤدي إلى خسائر على مستوى العمالة.
أسباب انتشار السلع المقلدة
مما لاشك فيه أن ظاهرة التقليد أصبحت تحاصر الأسواق من مختلف الجهات وتشكل أساسا في بعض الدول لكن لابد أن وراء انتشارها الواسع أسبابا معينة أدت إلى رواجها بشكل كبير ومن هذه الأسباب:
انتشار ظاهرة التسوق عبر الانترنت والتطور التكنولوجي وارتفاع حجم المبيعات فيها.
غياب القيم عند البعض من التجار والمنتجين والموزعين, خاصة إذا كان الرادع الديني في حالة غياب عند بعض المجتمعات وكذلك قلة التشريعات التي تحمي المستهلك.
ضعف وعي المستهلك بالمخاطر الناتجة عن اقتناء هذه المنتجات وضعف دور المؤسسات في الرقابة .
انخفاض أسعار بعض المنتجات المقلدة مقارنة بالمنتجات الأصلية باهظة الثمن.
كثافة التجارة الدولية والتبادل التجاري في العقود الأخيرة بالنسبة للبضائع المقلدة
ظهور سلع ومنتجات جديدة حيث أن قيمة المنتجات التامة ونصف التامة تفوق قيمة وحجم المواد الأولية في التبادلات التجارية, وهذه المنتجات تتطلب قيمة إضافية مما يجعلها مستهدفة من قِبل نشاط التقليد.
السلع السورية المقلدة في تركيا
الوجود السوري في تركيا
بعد الثورة السورية التي بدأت في بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة والتي نتج عنها هجرة أعداد كبيرة من السوريين خارج سوريا, كان لتركيا حصة الأسد من المهاجرين الذين وصلوا الأراضي التركية واستقروا فيها بشكل مؤقت ما لبث أن صار الأمر أشبه بالاستقرار بعد عدة سنوات.
وما لبثت أن عادت أعداد المهاجرين للتزايد شيئا فشيئا ووصل عدد المهاجرين خارج سوريا إلى 5,6 مليون لاجئ, وفي تركيا وحدها حوالي 3,7 مليون أي مايعادل 4,25% من عدد السكان الأتراك بعد أن فتحت بابها للمهاجرين إثر اشتداد العمليات العسكرية وانعدام الأمن والأمان جراء البراميل المتفجرة التي يلقيها نظام الأسد على الشعب.
الهجرة السورية إلى تركيا أثّرت في مختلف جوانب المجتمع والسياسة التركية، محدثةً جدلًا واسعًا, وتتنوع تأثيراتها بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأصبحت جزءًا من إشكاليات القضية السورية بشكل عام. وتعكس الأفكار النمطية حول المهاجرين السوريين في تركيا بعض التحديات، حيث تسهم في توجيه الرأي العام والتوترات السياسية, لذلك نرى أن هناك حاجة إلى توجيه الضوء إلى الإسهامات الإيجابية للمهاجرين السوريين في الاقتصاد التركي لتعزيز فهم صحيح وتقليل التوترات, حيث أنه لم يكن السوريون عبارة عن مهاجرين فحسب، بل شكلوا عنصرًا حيويًا في الحياة الاقتصادية، إذ يعملون في مختلف القطاعات ويساهمون في تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج والصادرات, لذلك لابد من الحديث عن التأثيرات الاقتصادية لتواجد السوريين في سوق العمل.
التأثير الاقتصادي للسوريين في تركيا
يبدو ملحوظا أن التواجد السوري أثر بشكل أو بآخر على الشعب المضيف, وكان واضحًا على العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. هذا الأثر شمل مجالات مثل سوق الإيجارات والسكن، وأسعار السلع والخدمات، بالإضافة إلى تأثير على سوق العمل والعمالة الرسمية وغير الرسمية، مما يؤثر على معدلات البطالة والتوظيف. كما أدى إلى تغيير في إنتاج السلع والخدمات وتقديم سلع جديدة أو ذات مواصفات جديدة. كما تسبب في زيادة في الإنتاج والصادرات التركية، مما يظهر تأثيراً شاملاً على الاقتصاد والمجتمع.
وتظهر الدراسات تباينًا في التأثير الاقتصادي للعمال السوريين في تركيا، حيث أشارت بعضها إلى تسببهم في بعض حالات البطالة بسبب المنافسة في الأجور وساعات العمل، بينما أكدت دراسات أخرى على إيجابيات الهجرة، مثل إيجاد فرص عمل للمواطنين التركيين. وخير مثال ولاية غازي عنتاب كيف انخفضت فيها معدلات البطالة في العامين 2013 و2014، وهو فترة ذروة الهجرة السورية إليها. يبرز هذا النموذج أهمية التفكير الشامل حيال وجود السوريين في مختلف القطاعات والنظر إلى التأثير بشكل متكامل دون تجاهل بعض الحالات المعزولة.
إنّ التأثير الاقتصادي الإيجابي للوجود السوري في تركيا يظهر بشكل واضح في مجالات التصدير، حيث ساهم المهاجرون السوريون في تحفيز الصادرات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, وقد أظهرت الشركات المملوكة للسوريين نسبة أعلى في التصدير مقارنة بالشركات التركية، حيث تميل 55% من الشركات السورية إلى التصدير، مقارنة بـ 31% من الشركات التركية. ويشير عدد الشركات المملوكة للسوريين، الذي بلغ حوالي 20 ألف شركة في عام 2021، إلى دور فاعل في تعزيز الاقتصاد التركي,وإن تلك الزيادة في عدد الشركات المصدرة وتنوع الإنتاج يعززان العرض، مما يسهم في انخفاض أسعار السلع والخدمات.
ومن اللافت ازدياد عدد الشركات السورية الحديثة التي تأسست في تركيا في عام 2011 بنسبة 0.2% من إجمالي الشركات التركية الجديدة، وشهدت زيادة في عام 2013 حيث بلغت نسبة الشركات السورية 1% من إجمالي الشركات الجديدة. ومع ازدياد العدد، وصلت الشركات السورية الجديدة في عام 2015 إلى نحو 1600 شركة، ممثلة نسبة 4.2% من إجمالي الشركات الجديدة في تركيا. يتركز نشاط رجال الأعمال السوريين في جنوب شرق تركيا والمدن الكبرى، خاصة في اسطنبول حيث تمثل الشركات السورية الجديدة نسبة 2.3% من الشركات الجديدة. وكذلك بمنطقة جنوب شرق تركيا، حيث ارتفعت نسبة شركات سورية جديدة في غازي عنتاب إلى 1.13% في عام 2015، بينما وصلت إلى 15% في مدينة مرسين الساحلية، وتجاوزت 35% في مدينة كلس. وتمتلك رؤوس الأموال والشركات السورية التي تأسست في تركيا عام 2015 نصيب الأسد بنسبة 22.3% من إجمالي الاستثمارات، محتلة المرتبة الأولى بين المستثمرين الأجانب في البلاد.
السوريون وسوق العمل في تركيا
يظهر بوضوح أن الاستثمارات السورية الخاصة قد توزعت في مختلف مدن تركيا، ورغم الطابع الربحي لهذه الاستثمارات، فإنها ساهمت بشكل كبير في التخفيف من وطأة اللجوء وحل جزء من مشاكل السوريين في تركيا. تمثل هذه الاستثمارات محطة هامة في خلق مجتمع سوري مستقر في تركيا، حيث تم افتتاح معامل إنتاج لمختلف أنواع السلع الغذائية بأسماء تجارية مشهورة في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، يشهد وجود محال تجارية مختصة في بيع هذه المنتجات انتشارًا في أحياء المدن التركية التي يقطنها السوريون. ليس هذا وحسب، بل تم أيضًا افتتاح مجتمعات طبية سورية خاصة، حيث يعمل بها أطباء سوريون يقدمون خدمات طبية بأسعار ميسورة مقارنة بالأسعار التركية، مما أضاف قيمة إيجابية واستقرارًا للمجتمع السوري في تركيا.
واقع المنتجات السورية المقلدة في تركيا
بعد انتشار المصانع والمعامل السورية في تركيا بشكل ملحوظ, بدأت تظهر في الأسواق منتجات سورية مقلدة يتم تصنيعها في تركيا مثل (القهوة والأرز والشامبو والصابون والمحارم والشيبس والكثير من المنتجات السورية المعروفة) وقد دار جدل واسع إثر انتشار هذه المنتجات في السوق التركي, خاصة بعد أن لاقت رواجا كبيرا لها, فمنهم من اعتبرها غش وتزوير ومنهم من اعتبرها حق لأصحاب المعامل الذين نقلوا معاملهم إلى تركيا.
ورغم أن تلك المنتجات ربما لا تحمل معظمها نفس المواصفات التي يحملها المنتج الأصلي, إلا أنها لاقت رواجا كبيرا خاصة في ظل انخفاض أسعارها مقارنة بالمنتج الأصلي.
فعلي سبيل المثال شامبو هامول السوري الذي تم تقليده في تركيا, دون علم صاحبه, بعد فترة قدم صاحبه الأصلي إلى تركيا وقدم الأوراق اللازمة لافتتاح شركة هامول, وجاء الرد بالرفض لأن الاسم مسجل سابقا, قابل صاحب المنتج الأصلي الشركة المقلدة وطلب منهم أن يتم التنازل عن الاسم لصاحبه وجاء الجواب بالرفض بحجة أن جميع الأوراق رسمية وقانونية.
إن الحجة التي يتذرع بها منتجو المواد المقلدة هي عدم وجود تسجيل وحماية للماركة الأصلية في تركيا, وبأن أمورهم تسير وفق القانون ولا يوجد أي مساءلة,.
فيما يخص دور السلطات التركية في متابعة التجار والمصنعين الذين يتلاعبون، يقول الاقتصادي التركي أوزجان أونيصال نقلا عن صحيفة العربي الجديد: إن المسؤولين عن تسجيل وحماية الملكية في تركيا لا يعرفون أسماء العلامات التجارية السورية. يُضيف أنهم يُسجلون أي علامة أو تصميم يُقدمه الصناعي السوري والذي لم يُسجل أو يكون محميا على مستوى عالمي من قبل, ويُضيف أونيصال أن دور تركيا ينحصر في رقابة الإنتاج السوري والتحقق من المواصفات القياسية، وأنها تقوم بسحب عينات من المعامل بشكل مستمر لتخضع للتحليل والتطابق.
ولا بد من الإشارة إلى أن بعض الصناعيين يُطلب منهم كتابة “صنعت في سورية” على منتجات تم تصنيعها في تركيا. ويشير إلى أن المواد الأولية تكون تركية، ولكن المنشأة والعمال هم سوريون، ولكن لا يتم كتابة أن المنتجات مُصنعة في تركيا حسب طلب المستثمرين.
أسباب سرقة بعض العلامات التجارية السورية
يرجع السبب في سرقة بعض العلامات التجارية المشهورة بسورية سابقاً حسب ما أوردته صصحيفة العربي الجديد لسببين، الأول استسهال الصناعيين ومحاولة تسويق إنتاجهم على حساب سمعة وجهد الآخرين، والثاني تخلف دائرة حماية الملكية بسورية عن أداء واجبها وعدم ربطها بدوائر حماية الملكية العالمية، ما أتاح سرقة علامات تجارية مشهورة.
عن ذلك يشير صاحب شركة هامول إلى أنه كان بإمكانه رفع دعوى قضائية على الشركة المقلدة أنه كان يعرف تماما أن الأمر لن يعود بأي نفع, وإن عادت بالنفع فإن الأمر سيكلف سنوات طويلة بالإضافة لتكاليف الدعوى والمحامي القائم بالدعوى مما دفع به للسفر إلى أوروبا والبدء من جديد.
وأشار صديق لصاحب معمل صابون عفرين الذي تم تقليده أيضا في تركيا إلى أنه اكتفى بالتصدير لفرنسا بدل تركيا بعد ظهور منتج شبيه بمنتجه. ولا يخفى على أحد المنتج الغذائي السوري المشهور( ديربي) الذي تم تقليده في المناطق المحررة وفي تركيا أيضا من قبل شركة داديخي التي لم تتجاوب بعد التواصل معها, ما اضطر صاحبها الأصلي للجوء للقضاء معتمدا على شهادة الحماية التركية التي تحملها الشركة.
البضائع السورية المقلدة والتصدير
بعد الانتشار الواسع الذي حققته الكثير من المنتجات السورية المقلدة في تركيا وانتشارها في مختلف الأسواق التركية, لم يكتف المقلدون بإنتاج هذه المواد وتسويقها محليا بل بدأ البعض منهم
بالترويج لها خاصة عن طريق التسويق الالكتروني في دول أخرى مثال على ذلك في مصر ودول شمال أفريقيا والعراق وذلك بعد أن تطور الأمر إلى قيام بعض الصناعيين السوريين بتسجيل بعض العلامات رسمياً في المؤسسات المختصة بحماية الملكية الفكرية في تركيا، منها على سبيل المثال “بن حسيب وصابون حلب”.
ولا بد من الإشارة إلى أنه يتعين على التجار الذين يعملون في دول أخرى تحديد معايير جودة مثل شهادات الجودة وشهادات مختبرات الصحة لضمان تلبية المنتجات للمعايير الدولية، خاصةً مع تزايد التطلعات لقبول منتجات عالية الجودة في الأسواق العالمية، بما في ذلك تركيا ودول أوروبية مثل سويسرا والسويد.
تأثير السلع السورية المقلدة في تركيا
إن معظم السلع السورية المقلدة في تركيا بالمجمل لاتحمل نفس مواصفات المنتج الأصلي, بل تتميز بصفة واحدة تدفع السوريين للإقبال عليها وهي انخفاض سعر المنتج مقارنة بالمنتج الأصلي, فعلى سبيل المثال لم تعد مواصفات شامبو هامول السوري المخصص للأطفال هي نفسها مواصفات الشامبو الأصلي الذي كان يباع في تركيا, هناك أيضا بسكويت الفاخر وزيت فرزات وسمنة الأصيل التي لاتحمل جميعها المذاق الأصلي الذي كانت تتمتع به سابقا في سوريا, وكثيرا
ما يتعرض المواطن السوري للغش والخداع ظنا منه أنه يشتري المنتج الأصلي, ذلك لأن المنتج يحمل الاسم ذاته أو ربما يكون قريبا منه, ومواصفات التغليف نفسها.
وتترك السلع السورية المقلدة في تركيا تأثيرًا سلبيًا على التجارة والمستهلكين، سواء كانوا من تركيا أو سوريا, حيث يواجه الزبائن صعوبة في التمييز بين المنتجات الأصلية والمقلدة..
بالإضافة إلى الخسارات المادية التي يتعرض لها أصحاب المنتجات الأصلية, خاصة فيما يتعلق بالتصدير خارج تركيا.
ريم قرامو / صلاح الدين حمد
المراجع
-
د جيهان الطاهر محمد عبد الحليم, مخاطر السلع المقلدة وآثارها في الفقه الإسلامي. مجلة جامعة الملك عبد العزيز, (2021)
2.ظاهرة التقليد: المخاطر وطرق المكافحة, أ.د عبد العزيز شرابي, مجلة الاقتصاد والمجتمع(2008)
3.الهجرة السورية إلى تركيا: تأثيرات اقتصادية وارتدادات مجتمعية, مركز الحوار السوري, 2022
-
, د زهير حرح, دهيثم الطاس, حقوق الملكية, الجامعة الافتراضية السورية, سوريا,2018
-
أمل المرشدي, دراسة قانونية حول تقليد العلامة التجارية وطرق حمايتها, 2023
6.ضياء عودة, منتجات سورية مقلدة تنافس وتسوّق في تركيا, جريدة عنب بلدي, 2017
-
زياد فائزة, جرائم تقليد العلامة التجارية, جامعة العربي بن مهيدي, 2014,2015
-
سارة بن صالح, جريمة تقليد العلامة التجارية, الجزائر,2016
-
درير جمال, صورة العلامة التجارية, الماهية والمكونات, جامعة الجزائر, 2016
-
د. جعفر كاظم جبر د. صادق زغير محيسن د. عامر زغير, العلامة التجارية المشهورة, جامعة ميسان / كلية القانون, مجلة جامعة ذي قار,2016
-
عدنان عبد الرزاق, علامات تجارية سورية مقلدة في أسواق تركيا, العربي الجديد, إسطنبول, 2016
-
سوار صفصاف , ليندة زغــــــــــــــوان, العلامة التجارية وعلاقتها بالـــمستهلك, جــــــــــامعة محمد الصديق بن يحيى, جيـــــــــجل,2020,2021
-
عبادة محمد, تطوير صورة العلامة التجارية أداة من أدوات تحقيق الميزة التنافسية, جامعة قاصدي مرباح ـ ورقلة
Andréa Semprini, le marketing de la marque, les éditions liaisons, paris14 1992
لدين: الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية، دار الفرقان، عمان، ،1983 15.ناهي صلاح ا
16.صلاح زين الدين، الملكية الصناعية والتجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، ،2000 .
17.محمود أحمد عبد الحميد مبارك, العلامة التجارية وطرق حمابتها, جامعة النجاح الوطنية, نابلس , فلسطين,2006.
-
ابتسام حمبلي, حماية المستهلك من السلع المقلدة, الجزائر 2018,2019.
19.بن قية رحيمة، النظام القانوني للعلامات في التشريع الجزائري ، الجزائر 2015،2016.
20.الجرجاني, معجم التعريفات, تحقيق: محمد صديق المنشاوي, دار الفضيلة, القاهرة, دط, دت
21.فتيحة لعلام, حماية العلامة التجارية من جريمة التقليد في القانون الجزائري, أم البواقي, 2013,2014.
22.سميحة العجال, جريمة تقليد العلامة التجارية في التشريع الجزائري, جامعة محمد بو مضياف, 2016,2017.
23.عبد العزيز شرابي, محمد أمين فروج, ظاهرة التقليد: المخاطر وطرق المكافحة,2008.
24.جيهان الظاهر محمد عبد الحليم, مخاطر السلع المقلدة وآثارها في الفقه الإسلامي, جامعة الملك عبد العزيز, 2021
925.صراح خوالف , حماية المستهلك من تقليد العلامة التجارية, , جامعة سيدي بلعباس, 2020
26.واقع اللجوء السوري في تركيا, مركز حرمون للدراسات المعاصرة, 2020
27.ساشا العلو , السوريون في تركيا تجمعات تتكون شروخ تتبلور ومجتمع مدني يتخبط, مبادرة الإصلاح العربي,2018
28.عدنان عبد الرزاق, علامات تجارية سورية مقلدة في أسواق تركيا, جريدة العربي الجديد, إسطنبول, 2016
29.أمين ميرة, السلع السورية المقلدة في تركيا وأثرها على الأسواق التركية, جريدة أوراق 2023
ef0357
234skh