هاجم معارضون أتراك سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان بخصوص اللاجئين السوريين في تركيا على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وذلك فور إعلان أردوغان منح تسهيلات تسمح للاجئين السوريين بالحصول على الجنسية التركية والعيش كمواطنين وليس كلاجئين.
وعلى وسم (هاشتاق) «لا أريد سوريا في بلدي» كُتبت أكثر من 60 ألف تغريدة خلال الساعات الأولى التي أعقبت تصريحات أردوغان التي أطلقها في ولاية كيليس الحدودية مع سوريا والتي يعتبر أكثر من ثلثي سكانها من اللاجئين السوريين، حيث شارك هناك بإفطار ضم اللاجئين أعقبه خطاب جماهيري في ميدان وسط المدينة.
وخلال الخطاب قال أردوغان إن وزارة الداخلية في بلاده اتخذت خطوات من شأنها تسهيل منح الجنسية للراغبين بالحصول عليها من اللاجئين السوريين، مؤكدا «سنعمل على إتاحة إمكانية حصولهم على الجنسية، من خلال مكتب أسسته وزارة الداخلية لهذا الغرض».
وخاطب أردوغان الجمهور الذي كان يضم عددا كبيرا من السوريين بالقول: «سأزف إليكم خبرا سارا. سنساعد أصدقاءنا السوريين من خلال منحهم الفرصة إذا كانوا يرغبون بالحصول على الجنسية التركية»، مضيفاً: «نعتبركم إخواننا وأخواتنا، لم تبتعدوا عن وطنكم لكن فقط عن منازلكم وأراضيكم لأن تركيا هي أيضا وطنكم».
ولأول مرة تصل حدة الاحتقان عند شريحة واسعة من المعارضين والقوميين الأتراك إلى هذا الحد، حيث استخدمت في التغريدات كلمات عنصرية وقومية متشددة وعرقية غير مسبوقة، وتخللها الشتائم التي طالت في بعض جوانبها الأجانب بشكل عام.
وكتب أحد المغردين: «لقد وقعنا في الكابوس. ما كنا نخشاه ها هو يحصل، اليوم أردوغان يريد تجنيس 3 ملايين سوري في بلدنا»، وطالب آخر على الهاشتاق نفسه بـ«جمع كل السوريين ووضعهم في المخيمات المخصصة لهم على الحدود مع سوريا ثم إعادتهم جميعهاً إلى بلادهم فور انتهاء الحرب هناك»، بينما كتب آخر: «قلنا مظلومين، استقبلناهم ورحبنا بهم، لكن أن يتم تجنيسهم! لا، هيا إلى بلادكم».
وربط آخرون بين إمكانية التجنيس ووحدة الأراضي التركية في المستقبل، وكتب أحد المغردين: «من بين كل 10 مواطنين يوجد مواطن سوري.. جغرافيا البلاد تتغير. لا تسمحوا لهم أن يخدعوكم بشعارات الأخوة»، وبالغ آخر بالقول إن «تركيا باتت دولة تحت الاحتلال»، فيما اجتهد آخر بتحذير المواطنين من أن «أردوغان يمنح السوريين اليوم الجنسية وغدا سيطالبون بالأرض»، وتساءل آخر «هل هربتم من الحرب أم أتيتم لاغتصاب وطننا».
وغرد صاحب أحد الحسابات الموثقة على تويتر: «قبل ثلاثين عاماً أتينا بمليون كردي فتحولوا جميعا للقتال في صفوف بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) واليوم تأتي لنا يا أردوغان بثلاثة ملايين سوري ليتحولوا إلى دواعش (تنظيم الدولة)». ورأى آخر أن «العرب الذين يجنسهم أردوغان اليوم سينقلبون علينا، وبعد أن كنا بمشكلة الأكراد ومطالبهم بالاستقلال سنتحول لمشاكل أكبر وربما يطالب العرب والسوريون بعد سنوات باستقلال ودولة وأراض».
ويعيش في تركيا قرابة 3 ملايين سوري، 250 ألف منهم في المخيمات الحدودية ويتلقون مساعدات كاملة من الحكومة التركية. أما الباقون فيتوزعون بين المحافظات المختلفة ويتلقون مساعدات محدودة في مجالي التعليم والصحة بالإضافة إلى تسهيلات الإقامة الإنسانية والعمل.
وبينما طالب مغردون بالاستفتاء كان آخرون أقل حدة في طرحهم، حيث كتب أحدهم: «احتضان اللاجئين الفارين من الحرب أمر رحبنا به ودعمناه لكن تجنيسهم أمر مختلف تماما ولا نقبل به»، وكتبت مغردة تركية أخرى: «التركي يدفع الضرائب ويعمل مثل الحمار ويدافع عن الأرض ويقدم الشهداء ويأتي السوري ليتجنس بهذه السهولة».
من جهتها هاجمت مجموعة أخرى اللاجئين بسبب أعداد المواليد لديهم، على غرار: «لو كانوا هؤلاء (يقصد اللاجئين السوريين) مسلمين حقاً لما تركوا بلادهم ولبقوا هناك للجهاد لكنهم تركوا بلادهم وأتوا إلينا، كل شخص لديه زوجات عدة و15 طفلا، ليعودوا إلى بلادهم فوراً»، و«اللاجئات السوريات أنجبن في ثلاث سنوات أكثر من 30 ألف طفل، ماذا تتخيلون الوضع بعد سنوات عندما يتم تجنيس 3 ملايين سوري ينجبون بهذا الشكل الجنوني؟».
وكتب مغرد آخر: «هربوا من وطنهم بسبب الحرب إلى تركيا، ولكن ماذا فعلوا: أتوا بـ150 ألف مولود جديد (إحصائية غير موثقة)، هل فهمتم الخطر؟»، وكان لهذا المغرد أمنية مختلفة: «تأتي لاجئة بطفلين، وتنجب اثنين جددا، وتتلقى مساعدات طبية وتعليمية من الحكومة بشكل مجاني، يدخلون الجامعات بدون امتحان قبول ويحصلون على منح مالية، بتنا نتمنى لو كنا لاجئين في دولة أردوغان».
وربط آخرون بين نية أردوغان منح الجنسية ومحاولاته لزيادة أعداد أنصاره ومؤيديه في الشارع التركي للاستمرار في الحكم وتمرير الدستور الجديد والنظام الرئاسي. وقدم مغرد مقترحا مختلفا فكتب: «اللاجئون السوريون يعيشون في تركيا ويذهبون إلى سوريا لقضاء إجازة العيد والعودة للحياة عندنا، كيف يمكن فهم ذلك؟ طالما يستطيعون الدخول والعيش هناك ليبقوا في بلادهم».
في المقابل حاولت أعداد أقل بكثير من المغردين الدفاع عن اللاجئين وأردوغان ومهاجمة النزعة غير المسبوقة في الهجوم عليهم، وكتبوا على وسم «لا نريد أنصار الأسد في بلدنا»، فرأى أحدهم أن القائمين على الوسم «يمارسون إرهاب الأسد بالكلام وهم ضد التلاحم الإسلامي»، وكتب آخر: «نقول لمن يكتب لا نريد سوريا في بلدنا نحن أيضاً لا نريد مذهبيا أو داعما للأسد أو عدوا للإنسانية في بلادنا»، و«لا نريد في بلدنا من يدعم إسرائيل والأسد وروسيا المجرمة»، و«أنا أيضاً لا أريد في وطني أشخاصا متعصبين للدين والعرق والقومية». وشدد هذا المغرد على أن «هذه الكتابات والتصرفات لا تليق بتركيا وشعبها.. أنتم تسيئون لتركيا وأنفسكم بهذا الهجوم على اللاجئين»، ودافع آخر عن أردوغان بالقول: «لو أردت أن تهاجم رئيس الجمهورية هاجمه بمنطق وعقل ولا تكون عرقيا أو عنصريا»، وتساءل بالقول: «هل انعدم عندكم الشرف لتهاجموا لاجئين هاربين من الحرب»، و«تقولون لمن هجروا من منازلهم وقتل أطفالهم أمام أعينهم لا نريدكم في بلدنا، يا للعار».
«القدس العربي» – إسماعيل جمال