غزة: اتفاق تهدئة مع إسرائيل وعقد مصالحة وطنية يلوحان في الأفق

على خلاف الأسابيع الماضية التي شهدت سخونة كبيرة في الأحداث الميدانية، التي انطلقت يوم 30 اذار/مارس الماضي، وهو اليوم الذي بدأت فيه أولى فعاليات «مسيرة العودة»، حملت الأيام الماضية سلسلة أحداث سياسية، من شأنها أن تقود لانفراجة، تعود على سكان غزة بشكل إيجابي، من خلال «هدنة طويلة» بين الفصائل وإسرائيل، تشمل رفع قيود الحصار، إضافة إلى تحركات موازية تهدف لإسقاط حقبة الانقسام والبدء في تطبيق بنود المصالحة كاملة بين فتح وحماس.
فبعد أسبوعين من التوتر والتصعيد الميداني، والتي كادت أن تجرف الأمور نحو «حرب رابعة» بين حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، سيما بعد القصف الإسرائيلي المكثف لمواقع المقاومة ووسط غزة، أسفر عن وقوع ضحايا، وما تبعه من تشديد لحصار القطاع، حصلت انفراجة، ينتظر السكان المحاصرون تطويرها لتصل إلى تفاهمات حقيقية برعاية مصرية وأممية، تشمل رفع الحصار المفروض عليهم، تجنبا لأي مواجهة عسكرية مدمرة.
وبشكل لم يجر الإعلان عنه من قبل، ولم يكن مطروحا في أروقة المحادثات التي أجرتها وفود قيادية لحركة حماس في غزة مع المبعوث الدولي للشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، وفي مصر مع وزير المخابرات اللواء عباس كامل، وصلت قيادة حماس الموجودة في الخارج، وعلى رأسها نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري ليل الخميس إلى قطاع غزة، بعد حصوله على ضمانات مصرية وأممية بعدم استهدافه من قبل إسرائيل، من أجل البحث في ملفين هامين، وصلا إلى مراحل متقدمة.
وتجري قيادة حماس بكافة أركانها في غزة، مشاورات بعيدة عن وسائل الإعلام، وسط سرية كبيرة، لتحديد موقف نهائي مما طرح عليها، بخصوص التهدئة الطويلة مع إسرائيل، حسب ما جرى الكشف عنه خلال الساعات الماضية، وتشير المعلومات إلى أنها «تهدئة متدحرجة»، تبدأ بالتخفيف من آثار الحصار، على أن يلحقها تسهيل عمليات مرور البضائع، وإقامة مشاريع اقتصادية كبيرة وبنى تحتية، ويخصص أحد الموانئ المصرية لخدمة سكان غزة، بشكل مؤقت.
ومن المقرر أن يعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، اليوم اجتماعا لبحث هذه الأفكار التي نقلت إلى إسرائيل أيضا عبر الوسطاء المصريين والمبعوث الأممي، لتحديد رد تل أبيب النهائي.
وبما يشير إلى ذلك، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خليل الحية، أن مشاركة أبناء الشعب الفلسطيني في مسيرة العودة وكسر الحصار في قطاع غزة، شكلت ضغطا على قادة الاحتلال وحرّكت العالم تجاه الحصار الإسرائيلي.
وأضاف «ما نفعله منذ 30 مارس من مسيرات سلمية بسيطة، أزعجت غلاف غزة، وضغطت قادة الاحتلال، فتحرك العالم كله ليخفف من هذا الغول الذي اسمه المسيرات».
وتابع وهو يلمح لقرب التوصل لحل «مطمئنون أن هناك أفقا ومستقبلا لنا كقضية سياسية، وحصار غزة الظالم سيتبدد، فهناك توجهات للعالم وفي المنطقة بأنه آن الأوان لتخفيف معاناة قطاع غزة»، وأشار القيادي في حماس، الذي شارك في اللقاءات مع المسؤولين المصريين مؤخرا حول ملفي المصالحة والتهدئة الطويلة، إلى أن هناك توجها وقرارا، حتى عند الاحتلال، بإنهاء معاناة أهل غزة، لكنه قال «من يعيق ذلك هم المحاصرون»، دون أن يسميها، وقال «هم يحاولون التخفيف من هذه النتائج، لذلك نحن في الربع الأخير من عض الأصابع». وأكد الحية على أن حماس ماضية لتحقيق وحدة وشراكة حقيقية لمواجهة مشاريع تصفية القضية، بعيدا عن عقلية الإقصاء والتفرد.
أما عضو المكتب السياسي للحركة القادم من الخارج والموجود في غزة للمشاركة في الاجتماعات الخاصة بالهدنة والمصالحة، فقال إن حركته تريد كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة «مرة واحدة وإلى الأبد».
وحسب ما يتردد حول مقترحات التهدئة الطويلة، فإن المخابرات المصرية، قدمت خلال اللقاء الأخير لوفد حماس القيادي برئاسة العاروري، تفاصيل «أكثر دقة» لمقترحات التهدئة والمصالحة، بعد نضوج الأفكار بشكلها النهائي، وتقديمها لإسرائيل المعنية بملف التهدئة، ولحركة فتح المعنية بملف المصالحة.
وتشير صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أن المقترحات المقدمة بخصوص ملف «التهدئة الطويلة» تشمل السير في مسارين، الأول يبدأ بتحسين وضع السكان، قبل الدخول في محادثات حول إبرام صفقة تبادل أسرى، وهي مطالب قدمتها حماس، في بداية الوساطات الحالية.
ولفت التقرير إلى أن الأولوية في قطاع غزّة، هي لتقديم مساعدات عاجلة لقطاعات المياه والكهرباء والصرف الصحي، والوقود والمعدات الطبية، في حين أن صفقة تبادل الأسرى، تبدأ بعد حدوث تقدم في ملف تخفيف الحصار على القطاع، وبعد التوقيع على اتفاق المصالحة.
وحسب ما كشف، يبدأ اتفاق «الهدنة الطويلة» بفتح معبر رفح بشكل منتظم ومنح امتيازات عند المعابر مع إسرائيل، على أن تلتزم إسرائيل بذلك، ويتبعه اتفاق بين فتح وحماس لدفع رواتب الموظفين والسيطرة على قطاع غزة.
ويأتي بعد ذلك مرحلة إعمار وربط ميناء غزة ببورسعيد لنقل البضائع، على أن يكون ذلك في إطار هدنة مع إسرائيل تمتد من خمس إلى عشر سنوات، وعقد صفقة تبادل أسرى.
وحسب ما يتردد من تقارير إسرائيلية فإن المخابرات المصرية تضغط بشدّة على حركة حماس والسلطة الفلسطينيّة من أجل التوصل لاتفاق مصالحة جديد، بدلا عن الذي جرى توقيعه يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي لم يجر تطبيقه.
وفي عملية بدت أنها تتماشى مع المخططات الموضوعة لتخفيف أزمات غزة، سمحت سلطات الاحتلال خلال الأيام الماضية، بإدخال معدات من أجل استكمال بناء منشأة تحلية مياه وثمانية مجمعات مياه كبيرة، كانت منعت إدخالها منذ أشهر.
وترافق ذلك مع إعلان الاتحاد الأوروبي، عن تشغيل أكبر حقل طاقة شمسية في قطاع غزة، وتشغيل محطة لتحلية مياه البحر، جنوبي القطاع، والتي تغذي حاليا 75 ألف مواطن في محافظتي خان يونس ورفح بمياه الشرب، والمتوقع أن يصل إنتاجها بحلول العام 2020 لـ 250 ألف مواطن.
وفي السياق تشير معلومات ترددت مؤخرا، أن المبعوث الدولي تمكن من حشد دعم مالي يفوق 650 مليون دولار أمريكي، لاستثمارها في مشاريع تخص غزة في المرحلة المقبلة.
وهناك أنباء عن حدوث اختراق في حوارات مصر التي عقدت مع فتح وحماس، خلال الأيام الماضية، حول اتمام عملية المصالحة بشكل كامل، بما يشمل عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، بناء على نتائج ردود الفريقين حول المقترحات الأخيرة التي قدمها جهاز المخابرات المصرية.
ولأجل ذلك وجهت المخابرات المصرية دعوة للطرفين «فتح وحماس» لعقد لقاءات ثنائية برعايتها، من أجل البدء يشكل عملي في تطبيق باقي بنود اتفاق المصالحة العالقة منذ أشهر.
القدس العربي

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist