أصبح باراك أوباما، الأحد 20 مارس/آذار 2016 أول رئيس أميركي مباشر لمهامه تطأ قدماه أراضي كوبا منذ ثورتها في 1959، وأشاد عقب وصوله ب “الفرصة التاريخية” لإنهاء عداوة موروثة من أيام الحرب الباردة.
وقالت الكوبية “أماريليس سوسا” بحماسة وهي تتابع من وسط هافانا النقل المباشر للتلفزيون لوصول أوباما تحت المطر، “أنا متأثّرة جداً، هذه لحظة كنا جميعاً ننتظرها، انظروا، إنه هنا في كوبا”.
وبعد لحظات من وصول الطائرة الرئاسية قال أوباما في تغريدة “كيف الحال يا كوبا” مستخدماً عبارة شعبية. وأضاف “وصلت لتوّي وأنا أنتظر بفارغ الصبر لقاء الكوبيين والاستماع إليهم”.
ونزل أوباما من الطائرة والابتسامة تعلو محيّاه، تحت زخات المطر، ماسكاً مطرية، رفقة زوجته ميشيل وابنتيه ماليا (17 عاماً) وساشا (14 عاماً).
وقال معلّق التلفزيون الكوبي الذي كان ينقل الحدث مباشرةً من مطار جوزيه مارتن ، وهو اسم أب استقلال كوبا المستعمرة الإسبانية السابقة، “إنها مناسبة تاريخية”.
ويهدف أوباما من هذه الزيارة التي يؤديها قبل 10 أشهر من مغادرته البيت الأبيض إلى أن يجعل من التقارب مع كوبا الذي كان أعلنه فجأة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2014 مع الرئيس الكوبي راوول كاسترو، واقعاً لا يمكن التراجع عنه.
وقبل ساعات من وصول أوباما أوقفت السلطات الكوبية عشراتٍ من المعارضين في هافانا إثر مسيرة.
وكان أوباما الذي من المقرّر أن يلتقي معارضين الثلاثاء، قال إنه سيثير “مباشرة” موضوع حقوق الإنسان أثناء اجتماعاته الاثنين مع الرئيس الكوبي راوول كاسترو.
تشديد الإجراءات الأمنية
وفي المدينة القديمة بهافانا خلت الشوارع من المارّة، بسبب نزول المطر ولكن أيضاً بسبب تشديد الإجراءات الأمنية فيها.
وقال المهندس “آرييل هيرنانديز” (42 عاماً) إنه “حدثٌ ضخم (..) أعتقد أنه سيغير المستقبل” مضيفاً “منذ أن كنت صغيراً رويت لي قصة الثورة وهذه القصة تقوم أولاً على أننا ضد الولايات المتحدة”.
وقال أوباما لدى لقائه العاملين في فندق بهافانا العاملين في السفارة الأميركية “إنها زيارة تاريخية وفرصة فريدة”. وكان البلدان أعادا العلاقات الدبلوماسية بينهما في يوليو/تموز 2015.
وأضاف في إشارة إلى آخر رئيس أميركي مباشر زار كوبا “في 1928 قدم الرئيس (كالفين) كوليدج في سفينة عسكرية، وقطع المسافة في 3 أيام. لكني قطعت المسافة في 3 ساعات فقط”.
وتحت مطرٍ غزير تجوّل أوباما مع زوجته وابنتيه، على القدمين، مساء الأحد في شوارع مدينة هافانا القديمة المصنّفة ضمن التراث العالمي لليونسكو.
والتقى في كاتدرائية المدينة الكاردينال جايمي أورتيغا أحد مهندسي التقارب الكوبي الأميركي.
لا لقاء مع فيديل
وستبلغ زيارة الرئيس الأميركي ذروتها عندما يلقي الثلاثاء في مسرح هافانا الكبير خطاباً ينقله التلفزيون الكوبي.
ولاحظ “ريتشارد فينبيرغ” من معهد بروكينغز بواشنطن أن “فكرة (أوباما) تتمثّل في العمل على انتقال تدريجي وتشجيع هبوطٍ مرن لكوبا مع تفادي حدوث عنف أو أزمة هجرة كبيرة”.
وأضاف “إنها استراتيجية بعيدة الأمد، إنه ينظر إلى ما بعد القادة الحاليين” في إشارة إلى رحيل راوول كاسترو (84 عاماً) الذي يفترض أن ينهي مهامه في 2018.
وبحسب البيت الأبيض فإنه ليس من المقرر أن يلتقي أوباما الرئيس الكوبي السابق الزعيم فيديل كاسترو (89 عاماً).
وعلى الرغم من أجواء الحماس المرافقة لهذه الزيارة التي لم تكن واردةً من قبل، فإن الحظر الذي يؤثر على نموّ كوبا منذ 1962 يبقى قائماً وقد يتأخّر تحول التغيرات التي تأمل فيها واشنطن إلى واقعٍ ملموس.
وقبل الزيارة ذكر وزير الخارجية الكوبي “برونو رودريغيز” في خطابٍ اتّسم بالحزم الخميس بأن هافانا ليست على استعداد لطرح مواضيع وثيقة الصلة بسيادتها. وقال “لا يستطيع أحدٌ الادعاء بأن على كوبا التخلّي عن واحدٍ من مبادئها… لإحراز تقدُّم في اتجاه التطبيع”.
وأصدر البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة سلسلةً من الإجراءات لتخفيف الحظر الذي يعود أمر رفعه بالكامل للكونغرس.
وقد أعلنت شبكة ستاروود الفندقية مساء السبت أنها حصلت على موافقة وزارة الخزانة لافتتاح فندقين في هافانا، فأصحبت الشركة الأميركية الأولى المتعدّدة الجنسيات التي تدخل كوبا منذ ثورة كاسترو في 1959.
أ ف ب