لطالما حلم السوريون بمنطقة آمنة، حيث لا ضمان من حرب أتت أكلها لسنين طوال من عمر الثورة السورية، أفقدتهم حقوقهم الواحدة تلو الأخرى أمام عالم متفرج، لا يحرك ساكناً للحد من معاناة ملايين السوريين الذين يواجهون الموت في كل لحظة مع تصعيد النظام والحلفاء للقصف الذي يخترق كل الاتفاقات التي تنص على ضمان وقف إطلاق النار.
لا خيار يطرح على الساحة السورية من جديد سوى “المناطق الآمنة” التي من شأنها حماية النازحين السوريين وضمان عدم انتقالهم لدول أخرى؛ بعد تعهد الرئيس الأميركي الجديد “دونالد ترامب” بإقامتها، ومع دعم تركيا والدول العربية تتجدد الآمال بأفق مستقبلية من شأنها انتقال الملف السوري إلى الزاوية السلمية.
لكن لا بد من تنسيق عسكري في الميدان قبل انعقاد أستانه ثالثة؛ كون المناطق الآمنة ليست مطلبا دوليا فحسب: بل هي مطلب سوري شعبي إنساني ويجب أن لا تدخل المعادلة الدولية في تحقيق المناطق الآمنة وتُغيب المعادلة الداخلية في الداخل السوري مما يجعل معادلة الرابح والخاسر مطروحة ومن أجل أن يعود الشعب السوري إلى حياته الطبيعية في المناطق الآمنة.
مع كشف “أردوغان” الرئيس التركي مساعي بلاده في إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا في مستهل زياراته للدول العربية: يظهر إصرار تركيا أمام أمريكا جلياَ على هذه المنطقة العازلة مما يجعلها تتجاوب وخصوصاً أنها ستواجه أمرين؛ الأول أن يكون لديها حليف استراتيجي كدولة تركيا ب 80 مليون وثاني أقوى قوة في النيتو عداك عن القوة الإقليمية في الشرق الأوسط.
أو أن تستمر أميركا في الازدواجية ودعم جماعات “قوات سوريا الديمقراطية” وذاك ترفضه تركيا بشكل قاطع كون مخطط “قوات سوريا الديمقراطية” يعزلها عن العمق الاستراتيجي مع الدول العربية وبالطبع هذا ما تخشاه تركيا التي أسرعت للتدخل في الوقت المناسب.
مما يطرح السؤال المحير هل ” أردوغان” سيتجاوز هذه النقطة مع الأمريكيين؟
ربما هناك انعطافا واضحا من القيادة الجديدة من قبل “ترامب” نحو تركيا لتجاوز هذه النقطة الهامة، لكن لابد من تجاوز العقدة مع النظام السوري وضرورة التنسيق معه خاصة وأن روسيا لا تستطيع أن تفرط بكل ما كسبته مؤخراً (العلاقة الجديدة مع تركيا)
أما عن معارضي النظام السوري فيكمن السؤال الواضح جلياً لديهم، كيف لنا أن ننسق مع نظام نريد نحن حماية منه؟.
هل سينسقون معهم ليحتموا من قصفهم؟!
ربما ترتبط إقامة الأماكن الآمنة بجنيف لاحقاً وبالتنسيق مع كل المنظمات والأطراف التي تشارك في الأعمال العسكرية في سوريا.. علّ حلولاً سياسية تلوح بالأفق لنقل السوريين لتلك المناطق ما تتيح لهم فرصة البقاء والحياة.
بيان الأحمد
المركز الصحفي السوري