المركز الصحفي السوري_محمد الحاج احمد
لطالما هاجر السوريون الى بلاد الغرب بحثاً عن فرص العمل لكنها الحرب وحدها اليوم هي من تجبرهم على ذلك ليخوضوا رحلة المخاطر عبر البحر مغامرين بحياتهم للوصول إلى أوروبا بواسطة قوارب وسفن قديمة قد لا تكمل في الغالب رحلتها إلى بر الأمان.. لكن تبقى الهجرة غير الشرعية بالنسبة إلى السوريين أفضل من الموت في بلادهم، أو الذل في مخيمات اللجوء.
محمد الشعار شاب من ريف دمشق قرر السفر الى اوروبا بعد أن ضاقت به سبل الحياة في ظل ظروف الحرب القاسية يقول :كان علي اختيار طريق للعبور الى اوروبا وفي ظل الضيق المادي من الطبيعي أن أختار طريقا غير مكلف كثيراً فما كان لي الا العبور الى ايطاليا مروراً بالجزائر ثم ليبيا لأخوض غمار البحر الأبيض المتوسط.
تمكنت وصول الجزائر لتبدأ رحلتي الشاقة ,مكثت عدة أيام ثم انتقلت عن طريق البولمان الى وادي سوف لتستغرق الرحلة أكثر من اثنتي عشر ساعة ,جلسنا في احد الفنادق ليقلنا المهرب محمد صالح في صبيحة اليوم الثاني الى منطقة اخرى تسمى الدبداب في جنوب شرق الجزائر بالقرب من الحدود الليبية والتي تبعد أيضا مسافة أكثر من اثنتي عشر ساعة ,بعدها كان علينا أن نكمل طريقنا سيراً على الأقدام لأكثر من ثماني ساعات لنعبر الحدود بعد دفع مبلغ قدره ثلاث ماءة وخمسين دلاراً أمريكياً,استقبلتنا في الجهة الاخرى عصابة يقودها المهرب ربيع وقاموا بنقلنا بسيارات دفع رباعي الى وكرهم على مشارف مدينة دغامس ,لقينا منهم معاملة سيئة أعادت الينا ذكريات الامن السوري ومعتقلاته البغيضة ,مكثنا لمدة يومين ثم نقلنا بالشاحنة الى مدينة زوارة لقاء مبلغ أربع ماءة دولار ليتم تسليمنا للمهرب يوباس الذي احتجزنا لمدة اثني عشر يوماً في قبو فيه غرفتين صغيرتين وصالة وقد كنا ست عائلات,ثم تم نقلنا الى الشواطيء لنركب زورقاً مطاطياً ليقلنا الى المركب الموعود فاذا به قارب صيد مهترئ يتسع كحد أقصى لثلاث مئة شخص ,وضعنا على متنه كنا سبع مئة وخمسين شخصاً اربع مئة وخمسين سورياً ومئتين وخمسين افريقياً وثلاثين فلسطينياً وعشرين من جنسيات مختلفة.
بعد طول عناء سار بنا القارب في غياهب البحر لأكثر من خمس وعشرين ساعة ليبدأ الماء بالتسرب الى داخله ليجنح أيضا باتجاه تونس كان الغرق والموت محتمين لولا أن الله بعث لنا ناقلة نفط دنيماركية لتبدأ بانقاذنا من الغرق بزورق واحد وعدة حبال وطاقم بسيط فهي غير مجهزة لمثل هذه الحالات,لم ينج الجميع من الغرق فقد فقدنا تسعة عشر شخصاً من بينهم نساء وأطفال
لايعلم السوريون المهاجرون في البحر اي مصير ينتظرهم قد يكون هربا من الموت الى الموت,هذه الطريق تفضي الى ايطاليا لتكون بوابة للعبور الى اوروبا وهي ليست طريقة جديدة للهجرة الغير شرعية لكنها جديدة على السوريين فقط ,فهذه الهجرة يطلق عليها الجزائريون اسم “الحراقة” وهي الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر والتسمية اطلقت نسبة للحرق فالمهاجر السري لدى وصوله القارة الاوربية يقوم بحرق جميع الاوراق الثبوتية من جواز سفر وماشابه ذلك حتى لاتتمكن سلطات الهجرة من طرده لبلد اقامته فتضطر لاطلاق سراحه.
عند الحديث عن الهجرة الغير شرعية الى اوروبا عليك ذكر البوابة الثانية اليها وهي بلغاريا والتي يسلكها السوريون بنسبة أكبر لقربها من تركيا التي أضحت ملغاة الحدود مع سوريا ويسهل العبور اليها ,لكن ذلك لايعني خلوها من المخاطر فالكثير من السوريين تعرضوا للاعتقال هناك ولاشهر عدة لينطلقوا الى اليونان ليخوضوا البحر ومخاطره بطريقة لاتختلف عن هجرة “الحراقة”
اصبحت هذه الهجرة باب رزق لبعض المهربين وعلى وجه الخصوص في مدينة اسطنبول التركية, هؤلاء المهربون في معظمهم من السوريين ذاتهم وهناك مهربون أتراك ,ولايخلو الامر من عمليات نصب واحتيال يتعرض لها السوريون من هؤلاء.
محمد شاب سوري من ريف ادلب كغيره من السوريين سئم الحياة تحت وطأة الحرب وقرر السفر الى المانيا استطاع الوصول الى أحد المهربين ليعده بالوصول اليها,
بعد معاناة شاقة وتكاليف باهظة اصبح داخل بلغاريا ليجد نفسه وحيداً بعد ان دفع للمهرب تكاليف وصوله الى المانيا مسبقا , مكث لفترة من الزمن حتى استطاع التعرف الى مهرب آخر ليساعده بالعبور الى المانيا.
هكذا تلاحق المعاناة السوريين الى مابعد حدود الحرب لتذلهم في مخيمات اللجوء وتعرضهم للمخاطر في طريقهم للبحث عن الحياة والسلام والأمان.