اجتمعت على أرض حلب الجريحة أطماع دول، وتصفية حسابات حرب باردة بائدة، وحرب باردة قد تتحول لدرجة الغليان، دونك عن غرباء مختلفي الأهداف والأسباب التي جمعتهم في هذه البقعة من الأرض، لكن قاسما مشتركا وحيدا يطفو على السطح هو السيطرة على أرضها وتهجير شعبها المسالم، فموقعها وقيمتها التاريخية وعظمتها المشهودة لها على مر عقود جعلتها هدفا أول لشن هجماتهم عليها وبتشجيع من نظام هدفه الرئيس البقاء على سلطة زائفة سقطت من أول رصاصة أطلقت على صدور المدنيين العزل، وأول قذيفة عمياء طالت منازل الأبرياء من الأهالي ممن لا حول لهم ولا قوة.
نظام أسدي ساهم منذ سنين في خدمة إيران وأذنابها كحزب الله وميليشياته، وكان عونا للروس فمدّ لهم أيادي العون مقابل مصالح مجتمعة بين السلطة والأرض، تتنحى فيها إنسانية الشعب صاحب الأرض وسيد المكان.
ومع إرادة أهالي حلب وصمودهم المشهود أمام الطامعين تتزايد صناديق القتلى المحمولة بحافلات الخيبة إلى إيران، لتعلن عن عجزها أمام إرادة ودفاع الأهالي المستميت على أرضهم وأرض أجدادهم.. فقد أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن مصرع الجنرال بالحرس الثوري الإيراني “اللواء غلام رضا سمائي” أثناء مواجهات إلي جانب نظام بشار الأسد ضد المعارضة السورية في حلب، الأربعاء الماضي، وبالطبع بمقتل “سمائي” ومن قبله “همداني” وغيره كثر، يرتفع عدد القتلى الإيرانيين في سوريا إلى 312 منذ العام الماضي.
اللواء غلام رضا سمائي (58 عاماً) من منطقة حيدرية تابعة لمدينة مشهد لقي مصرعه وهو يقوم بواجب إرهابي خلال أداء مهمة استشارية لدعم قوات بشار الأسد.. والجنرال “سمائي” يعد من المحاربين القدامى في الحرس الثوري، حيث تقلد مسؤوليات عسكرية مهمة في السنوات الماضية الأخيرة.
ولدنا لقائنا مع أبي بلال (50 عاماً) أحد عناصر الثوار بالريف الجنوبي لمدينة حلب، مستفسرين عن استمرار مقتل القيادين والعسكريين الإيرانيين في حلب، صرح لنا عن رأيه بكلمات تعلو عليها نبرة الخطاب قائلاً “جاؤوا لأرض حلب دفاعاً عن الظلم والباطل وهم يظنون أن لقتل الأبرياء السنة أجر حسب معتقداتهم الطائفية متناسين أن أهل الأرض يدفعون بأنفسهم للموت من أجل الدفاع عن أرضهم وأرواح أهلهم الأبرياء.. هم يتسابقون للسلطة والجبروت، ونحن نتسابق للحرية والجنة.. لن نيئس وسنعمل بكل ما يمنحنا الله به من قوة الصبر والعزيمة إلى إرسالهم جثثاً هامدة لموطنهم بصناديق فاقعة اللون تنذر عن غبائهم في إتباع من سقطت سلطته منذ سنيين”.
جاء الجنرال “سمائي” إلى سوريا بعد 30 عاماً من الخدمة في صفوف الحرس، فهو حرسي عتيق، التحق بهذه القوات كمتطوع مع ميليشيات الباسيج للمشاركة في الحرب الإيرانية – العراقية.. وفي مسيرة خدمته تسلم قيادة مجموعة الاستخبارات في فرقة المدفعية والكتيبة الصاروخية التابعة للحرس، كما قاد كتيبة المدفعية في لواء “نصر” الخامس، وبمقتله في حلب الجريحة على أيدي المعارضة تنتهي مسيرة حياته على أرض سورية، ليعود محملاً مع طموحاته الفاشلة أمام قوة من كان الحق معه، رغم تكالب قوى البغي والشر بأكملها عليه.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد