أمراض وحوادث وإصابات يومية يقابله إهمال وتردي يسود أغلب المشافي الحكومية، تفاقمت مشاكل تلك المشافي في ظل الأزمة، فمع غياب الرقابة الصحية تحولت تلك المشافي في أغلب المحافظات السورية، لأماكن موبوءة تنقل الأمراض للمواطنين، في ظل نقص بالكوادر الطبية والأدوية وسيارات الإسعاف، جعل من بعضها مأوى للصراصير و للقطط.
اتباع الإسعافات الأولية هي إحدى البدائل للطرق العلاجية في مشافي القلب وجراحته في مناطق سيطرة النظام، وسط أخطاء طبية وتسيب في الدوام قد يودي بحياة المريض. وتعج غرف الإسعافات بالمراجعين والمرضى في كافة المشافي الحكومية داخل سوريا، وتتم معالجتهم بإسعافات أولية بسيطة فالدواء واحد لأغلب المرضى ” مسكن ألم ومضاد تشنج وتضميد جرح” للتخفيف السريع من ازدحام المراجعين، عدا المريض الذي يكون مقربا من أحد المسؤولين، فيكون حافزا للأطباء والممرضين للعمل بشكل جدي.
في مشفى ابن سينا المدمر حالياً، كان هناك وفيات بشكل يومي لعدم وجود كوادر طبية وأدوية علاجية، تقول أم سمير: ” كان زوجي مريض قلب واتصلت بالإسعاف لأن وضعه لا يحتمل انتظار السيارة لأكثر من عشر دقائق، استقليت سيارة أجرة ودخلنا قسم الإسعاف وسط أسئلة كثيرة من أحد الأطباء غير المختصين، كان بحاجة لصدمة كهربائية تنقذ حياته ولكن ما من طبيب مختص يداوم في الفترة المسائية، ليأتي الموت ويخطفه في ظل مشاعر الطبيب الباردة الذي اعتاد على مشاهدة الموت يوميا”.
أما عن النظافة، فكل ما يقوم به المستخدمون في المشافي هو تنظيف الأرض دون تعقيم، وإفراغ سلل القمامة من محتوياتها، ولكن باقي المعدات تبقى بدون تعقيم.
يقول أحد المتدربين من طلاب المعهد الصحي في مشفى جراحة القلب الجامعي بدمشق: ” التعقيم في المشفى نادر ولا يستخدم إلا داخل غرفة العمليات الوحيدة، وبقية الأقسام والغرف يتم تعقيمها بشكل سطحي، بالإضافة لعدم وجود عوازل بين المرضى، التي تخفف من نقل الإنتانات بين المرضى، كل ذلك كان عاملا مساعدا في زيادة تفشيها حيث يمكن أن يلتقطها المريض بعد العمل الجراحي”.
وعن إمكانية إنقاذ بعض المرضى يقول أحد الأطباء العاملين سابقا في ذلك المشفى: ” كان يمكن إنقاذ العديد من المرضى لو توفرت كوادر ومواد طبية لازمة وزيادة الرقابة على العاملين”.
نقص الأجهزة وخصوصا المنيتورات والأجهزة اللازمة للعمل الجراحي، أجهزة كثيرة متواجدة في هذا المشفى لكنها متوقفة عن العمل ولا أحد يفكر بإصلاحها فما من عمليات تجرى في المشفى سوى “القثطرة القلبية”، أسباب تدفع بالأطباء لاستجرار المرضى إلى عياداتهم الخاصة لاستنزاف مبالغ مالية طائلة منهم تحت وطأة الحاجة للعلاج.
أيمن شقيق أحد المرضى في مشفى الباسل لجراحة القلب يقول : “بعد أن أجرى الطبيب المختص قثطرة قلبية لأخي بمبلغ رمزي، أخبرنا أنه بحاجة لعمل جراحي في الصمام والشريان وقدرات المشفى محدودة في هذا الوقت، وقام بإرسالنا لعيادة مدير المشفى بحجة أنه يمكننا الاستغناء عن الجراحة إذا بقي أخي تحت مراقبة الطبيب في مشفاه الخاص وللأسف توفي أخي بعد شهر من بدء معالجته”. على مريض القلب أن ينتظر دوره لإجراء القثطرة القلبية في كافة مشافي سوريا الحكومية مهما كانت حالة المريض حرجة، باستثناء أقارب الضباط والمسؤولين.
تعم الفوضى في العمل داخل المشافي الحكومية فما من جدية فيه، يبدو جميع العاملين في المشافي أنهم يتعاملون بطريقة ودية ومحبة تصل درجتها للتغاضي عن التدقيق على الدوام الإلزامي والتأخير والهروب في أول وآخر ساعتين من الدوام، وتلجأ بعض الممرضات لإحضار أطفالهن الصغار معهن إلى الدوام خاصة في الفترة المسائية، وبعضهن يقمن بنسج الصوف عوضا عن تفقد المرضى. نقص الكوادر و المشافي التي تحول بعضها إلى ثكنات عسكرية وعدم الرقابة وقتل بعض الأطباء بحجة معالجة معارضين له، دفع أغلب الأطباء للهجرة، و من بقي منهم يحاول أن يجمع ثروة من أوجاع وآلام المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة، كل تلك الأسباب تزيد عدد الوفيات في تلك المشافي المهملة بامتياز.
المركز الصحفي السوري –سلوى عبد الرحمن