أكد ممثل المملكة المتحدة الخاص بسورية “غاريث بايلي” في لقاء حصري لـ”السورية نت”، موقف بلاده الرافض لوجود بشار الأسد في مستقبل سورية، وأشار إلى أن المملكة المتحدة لا تزال تدعم المعارضة السورية، ومبادرة المبعوث الأممي “ستافان دي ميستورا” لـ”تجميد القتال” في سورية على أن تكون حلب هي البداية.
واعتبر “بايلي” أن إيران لم تقدم أفكاراً جيدة وجادة للحل السياسي في سورية، وقال إن بلاده لا تعتمد كثيراً على الموقفين الروسي والإيراني حيال القضية السورية، لأن هاتين الدولتين ليستا ضمن مجموعة أصدقاء سورية.
وعمل “بيلي” سابقاً كسفير في السلك الدبلوماسي البريطاني لما يقرب من 20 عاماً، وهو شخصية معروفة ومرموقة في الوسط الدبلوماسي، مختص بشكل أساسي بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفيما يلي نص اللقاء:
ـ مستر بيلي كيف تنظر الحكومة البريطانية إلى مبادرة المبعوث الأممي “ستافان دي ميستورا” حول تجميد القتال في سورية؟
بصراحة علينا جميعاً أن نوفر كل الدعم للسيد “دي ميستورا” لأنه لا يوجد أفكار جيدة جداً خلال هذه الفترة الانتقالية في سورية. لذلك فمن جهة المملكة المتحدة نحن مستعدون لتوفير كل الدعم والتأييد للمبعوث الأممي “دي ميستورا”، وهذا موقفنا الثابت.
ـ من وجهة نظركم هل تعتقدون أن هذه المبادرة ستنجح في سورية؟
ـ نريد ذلك، ونريد لهذه المبادرة أن تنجح، طبعاً هناك مخاطر، وكلنا يعرف بوجودها. على سبيل المثال كلنا يعرف أن النظام في سورية مستعد لاستغلال أي فرصة لإعادة تسليح وتدريب قواته، ليمارس الضغط على المقاومين بكل أنحاء سورية وليس في حلب وحدها، ولكن بنفس الوقت فالمبعوث الأممي “دي ميستورا” يعلم أن هناك تحديات أمام مهمته، ويعرف موقف النظام، ويعلم أن تجميد القتال في حلب ليس أمراً سهلاً وبسيطاً.
ـ إذا تبين لكم أو للمجتمع الدولي أن تجميد القتال في حلب سيجعل منها حمص ثانية، ما هو موقف المملكة المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام؟
ـ لو حدث هذا الشيء، لا سمح الله، يجب علينا قبل هذا أن نتجنب حدوثه. ما حدث في حمص مأساة، وكارثة بالنسبة للشباب الذين خرجوا من حمص. دعونا قبل كل شيء نركز على هذه المبادرة، وأن نعمل على ألا تسمح بتكرار تجربة حمص، هذا أولاً.
ثانياً، أما لو حدث نفس ما جرى بحمص فإن رد المجتمع الدولي سيكون حازماً جداً تجاه النظام. كلنا نعرف الصعوبات والتحديات في مجلس الأمن ونعرف الصعوبات بالنسبة للعقوبات الإضافية ضد النظام، وهذا واضح وضوح الشمس، لكن علينا جميعاً أن نمارس كل الضغط الممكن على النظام فيما لو حدث هذا الأمر.
ـ هل تتوقعون فرض عقوبات في حال خرق النظام الاتفاق؟
أنا أتوقع هذا، سيكون هذا موقف المملكة المتحدة، لكن هذا موقف دولة واحدة فقط، وهناك دول أخرى لديها موقف مغاير، ولكني شخصياً أعتقد أن على المجتمع الدولي أن يتوحد في موقف واحد حول هذا الأمر، ويمارس الضغط على النظام.
ـ ألا تعتقدون أن مبادرة “دي مسيتورا” تعيد بعض الشرعية لنظام الأسد؟
كلنا نعرف طبيعة هذا النظام، وأنه ديكتاتوري طاغي، وهو مسؤول عن قتل أكثر من 200 ألفاً من الأبرياء السوريين، وأعتقد أن المبادرة لا تعطي الشرعية للنظام، وإذا كان هناك من يقول بهذا فأنا أرفضه، ومع ذلك دعونا نركز على مبادرة “دي ميستورا” لتخفيض مستوى العنف في حلب، ولذلك نحن نوفر الدعم له بهذا الخصوص حتى ينجح “دي ميستورا” بمبادرته، لكن شرعية النظام أمر آخر، وليس هناك شرعية للنظام إطلاقاً، وشخصياً لا أرى ربطاً بين مبادرة “دي ميستورا” لتخفيض مستوى العنف في حلب من جانب وبين شرعية النظام في جانب آخر.
– الاتحاد الأوروبي يكرر دائماً أنه لا مستقبل للأسد في سورية هل يمكن أن تقبل الدول الأوروبية بحل يكون الأسد جزءاً منه في المستقبل؟
ـ بالنسبة لنا في المملكة المتحدة فموقفنا ثابت وليس هناك مستقبل للأسد في سورية، وكذلك يمكنني الاعتماد على البيان الأوروبي الذي سجل موقفاً واضحاً بهذا الخصوص. وإن كان هناك إشاعات حول إمكانية التراجع عن هذا الموقف، فإني أعتقد أن موقف المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي موقف ثابت.
– هناك كثير من المبادرات تطرح الآن سواء المبادرة الإيرانية أو المساعي الروسية للحوار بين المعارضة والنظام، كيف تنظر المملكة المتحدة لهذه المبادرات؟
المملكة المتحدة لا ترى مبادرة إيرانية، نريد مثل هذه المبادرة لكننا لم نرها. أما بالنسبة لموسكو لا أعرف التفاصيل حول مبادرتها، هناك نشاطات واجتماعات وكلمات ولكن حتى الآن ليس هناك تفاصيل مفيدة أو جديدة. وإذا رجعت للنقطة الأساسية والجوهرية فإن بيان مؤتمر جنيف، بالنسبة للمملكة المتحدة ولدول الاتحاد الأوروبي وللمجتمع الدولي موقفها مكتوب على ورق، ولهذا فإن مؤتمر جنيف يبقى منطلقاً لأي عملية سياسية في سورية.
ـ أشارت الحكومة البريطانية قبل أيام إلى ضرورة أن تكون إيران جزءاً من الحل في سورية وأن تشارك في الحل، هل ترى المملكة المتحدة أن إيران جادة في إيجاد حل سياسي في سورية؟
ـ المهم هو وجود اتفاق سوري على حل سوري، وإذا كان لإيران أفكار جيدة وجادة ومرتبطة بحل سياسي من غير وجود بشار الأسد فنرحب بهذا النوع من الأفكار، ولكن حتى الآن أنا لا أرى أفكاراً جديدة مفيدة من جهة إيران خلال الأسابيع والأشهر الماضية، ولكني أرى أن لإيران موقفاً ثابتاً لتوفير دعم لنظام بشار الأسد. فإذا كان هناك أفكار جديدة فنحن نرحب بها، والمملكة المتحدة منفتحة وترحب بأي أفكار جديدة، ولكننا لا نرى مثل هذا الشيء في هذه الفترة.
– هناك خلافات بين الدول المؤثرة بالملف السوري، حول كيفية الحل في سورية، باعتقادك إلى متى سيتبقى هذه الخلافات موجودة بين هذه الدول؟
هناك إشاعات كثيرة حول مستقبل الأسد وما هو الانتقال المطلوب في سورية، والدبلوماسيون معتادون على الاعتماد على أوراق وبيانات تحدد مواقف ثابتة، ومن جهتي في عملي على الملف السوري اعتمد على بيانات مجموعة أصدقاء سورية، ولا أستطيع الاعتماد كثيراً على الموقف الروسي أو الإيراني لأن هاتان الدولتان ليستا ضمن مجموعة أصدقاء سورية.
أصدقاء سورية موقفهم ثابت، فليس هناك مستقبل لبشار الأسد في عمليات سياسية مستقبلية بالنسبة للانتقال السياسي في سورية. وليس هناك إمكانية لبقاء بشار الأسد خلال فترة انتقالية، هذا خارج إطار تفاهم مجموعة أصدقاء سورية، ففرنسا والمملكة المتحدة وبلدان مجموعة أصدقاء سورية مواقفهم ثابتة بهذا الخصوص.
– كيف تصف علاقة بريطانية اليوم مع المعارضة السورية؟
ـ بالنسبة للمعارضة السورية نعترف بالائتلاف الوطني كممثل شرعي ووحيد للمعارضة، وأمامنا مشروع من ثلاث نقاط:
أ ـ تقوية قدرة المعارضة على مواجهة الأزمة، حيث نساعد الائتلاف والحكومة المؤقتة على توفير كل الدعم للسوريين.
ب ـ نبذل جهوداً في مجموعة أصدقاء سورية، لتدعيم وحدة موقف المجموعة فيما يخص القضية السورية.
ج ـ ثالث شيء وأهم شيء بالنسبة للمملكة المتحدة، أن أمامنا حرباً طويلة الأمد لا سمح الله، ولكن هذا شيء واضح كما أظن، ولهذا نحاول أن نوفر إمدادات إنسانية للسوريين مباشرة أو عن طريق شركائنا على الأرض من المنظمات الخيرية.
وبهذا الخصوص تركز المملكة المتحدة أغلبية مساعداتها المالية على الدعم الإنساني، ووفرنا خلال هذه الأزمة وحتى الآن ملياراً ومئة مليون دولاراً لمساعدة السوريين.
ـ طالبت المعارضة السورية بإنشاء مناطق آمنة للسوريين هل تدعم بريطانية هذا الطرح؟
نحن منفتحون لمثل هذه الأفكار، لكن وبوضوح ليس هناك إمكانية لمشاركة بريطانية في مثل هذا النوع من المشاريع خلال الفترة المقبلة، فكما تعرفون فإن المملكة المتحدة تشترك بعمليات عسكرية في العراق، وليس لدينا سماح من البرلمان البريطاني للقيام بعمليات عسكرية داخل سورية، لهذا السبب أتردد في التعليق على الموضوع لمعرفتي بأنه ليس لدينا سماح من البرلمان البريطاني للقيام بأي عمليات عسكرية في سورية، ومع ذلك المملكة المتحدة منفتحة على كل هذه الأفكار، ونعلم أن هناك مباحثات بين دول أخرى لبحث إمكانية إقامة منطقة حظر جوي.
ـ هل هذا يعني أن موقفكم هذا شبيه بموقفكم من التصريحات التركية عندما قالت إنها لن تتدخل ما لم تفرض منطقة آمنة في شمال سورية؟
ـ نحن لدينا إذن من البرلمان البريطاني بأن تقوم طائراتنا بعمليات عسكرية داخل العراق، وبالنسبة لسورية الحديث عن منطقة آمنة هو بالنسبة لي حديث نظري، يجب أن يكون لدينا قبل كل شيء مناقشات داخل البرلمان البريطاني بخصوص العمليات العسكرية بسورية.
– يكثر الحديث الآن داخل أوساط المعارضة السورية على أنه قد تخرج كيانات بديلة عن الائتلاف السوري، ما هو موقف المملكة المتحدة من أي كيان معارض جديد؟
ـ السوريون هم أصحاب القرار بهذا الخصوص، حالياً المملكة المتحدة تعترف بالائتلاف الوطني كممثل وحيد للسوريين، لكن فيما لو حصل في المستقبل مناقشات بين المعارضين السوريين من كل الأطراف لأن يكون هناك كتلة جديدة تمثل السوريين فسوف نأخذ هذا بعين الاعتبار. لكن الآن نحن نوفر الدعم للائتلاف على اعتباره الممثل الوحيد للسوريين.
ـ وهل ستدعمون الحكومة المؤقتة الجديدة بقيادة أحمد طعمة؟
ـ الشعب السوري يحتاج إشرافاً مدنياً لتقديم الخدمات المتوفرة من الدول المانحة، وبالنسبة للبرامج البريطانية المتوفرة على الأرض فنحن بحاجة لشركاء سوريين لنعمل معهم على إيصال دعمنا وتوفيره للسوريين بطريق سلمي وضمن القوانين الدولية، وبالنسبة للحكومة المؤقتة فكان موقفنا من البداية بضرورة وجود حكومة رسمية على الأرض، وبالفعل هناك حكومة ووزارات جيدة في كل المجالات، على سبيل المثال فإن الحكومة البريطانية مستعدة كل الاستعداد لتوفير المساعدة المطلوبة لوزارة المجالس المحلية، لأن المجالس المحلية في سورية شيء مطلوب وضروري، والمملكة المتحدة بحاجة إلى شريك على الأرض.
ـ هل لدى المملكة المتحدة خطة لاستقبال لاجئين سوريين في هذه المرحلة؟
نحن استقبلنا 90 سورياً وهذا عدد محدود جداً مقارنة بدول أوروبية أخرى، وهذا بسبب السياسة البريطانية تجاه اللاجئين، فنحن نرى أنه من الأفضل توفير المساعدة للاجئين قرب الحدود السورية، لتبقى فرصة عودتهم لبلادهم في الوقت المناسب موجودة، ولذلك نركز دعمنا للاجئين على الأرض في الدول المجاورة كتركيا ولبنان والأردن.
طبعاً هناك دول أوروبية ودول أخرى لها رأي مختلف حول استقبال اللاجئين، لكن هذا ليس موقفنا فنحن نركز على تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين في الدول المجاورة لسورية.