أمهل رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أمس(الأربعاء) رئيس إقليم كاتالونيا الانفصالي خمسة أيام لتوضيح موقفه من مسألة الإعلان عن الاستقلال، بحسب مصدر حكومي.
وقال المصدر إنه إذا أكد كارليس بوتشيمون أن الإقليم انفصل عن إسبانيا، فإن الحكومة ستمهله خمسة أيام إضافية، تنتهي في 19 أكتوبر (تشرين الأول) لإعادة النظر قبل أن يتم تعليق الحكم الذاتي لكاتالونيا.
وأكدت الحكومة الإسبانية في وقت سابق اليوم الأربعاء أنها تدرس «كل الخيارات» خلال اجتماع طارئ تعقده الأربعاء بعد ساعات على إعلان قادة كاتالونيا أن الشعب فوضهم إعلان الاستقلال لكنهم قرروا تعليقه ما أدخل البلاد في أزمة سياسية عميقة.
ووعد راخوي باستخدام كل السلطات الموكلة إليه لمنع استقلال كاتالونيا، ما يغرق البلاد في أسوأ أزمة منذ عقود.
ورفض استبعاد فرض الحكم المباشر على هذه المنطقة التي تحظى بحكم ذاتي تقريبا، في خطوة يتخوف كثيرون أنها يمكن أن تؤدي إلى عنف.
ودعا راخوي إلى اجتماع طارئ للحكومة بعدما أعلن رئيس كاتالونيا الانفصالي كارليس بوتشيمون مساء أمس (الثلاثاء) أنه قبل تفويض الشعب بأن تصبح منطقته «جمهورية مستقلة» بموجب نتيجة الاستفتاء الذي جرى في كاتالونيا في 1 أكتوبر.
لكنه سارع إلى تعليق إعلان الاستقلال لكي يفسح المجال أمام المفاوضات مع الحكومة المركزية وذلك في خطاب ألقاه أمام برلمان كاتالونيا وأشاع حالة ارتباك لدى كثيرين.
وأعلن مصدر حكومي إسباني الأربعاء رفض الكشف عن اسمه أن الحكومة تدرس «كل الخيارات» للرد على أزمة كاتالونيا، مضيفا أن «الحكومة مجتمعة، وتدرس كل الخيارات».
وكانت إسبانيا حبست أنفاسها قبل جلسة البرلمان الكاتالوني الثلاثاء نظرا لأهمية الإقليم، خصوصاً أن سكانه البالغ تعدادهم 7.5 مليون نسمة منقسمون بشدة على مسألة استقلال إقليم كاتالونيا والتي أثارت قلقا شديدا أيضا في الاتحاد الأوروبي.
وتجمع آلاف الأشخاص أمام مبنى البرلمان في برشلونة مساء الثلاثاء ولوحوا بأعلام كاتالونيا ويافطات كتب عليها «ديمقراطية» وكانوا يأملون أن يعيشوا ليلة تاريخية في منطقة تبقى شديدة الانقسام حول الاستقلال.
لكن الدولة الإسبانية تمسكت بموقفها الرافض لأي وساطة أو أي محادثات إلى حين تخلي قادة كاتالونيا عن عزمهم الاستقلال.
وقالت نائبة رئيس الحكومة سورايا ساينز الثلاثاء: «لا أحد يجب أن يتوقع فرض وساطة من دون العودة إلى الشرعية أو الديمقراطية».
وأضافت أن الرئيس الكاتالوني كارليس بوتشيمون «لا يعرف أين هو، ولا إلى أين يسير» بإقدامه على هذه الخطوة.
من جهته اعتبر وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس الأربعاء أن الاستقلال الذي أعلنته كاتالونيا مع وقف التنفيذ هو «خداع» سيؤدي إلى «مواجهات» اقتصادية واجتماعية.
وعبرت ماريا روزا برتران المقيمة في برشلونة عن معارضتها تأجيل الانفصال. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أرى الأمر أسوأ لأن المعاناة تطول، التردد وعدم اليقين هما أسوأ ما يمكن أن يحدث لنا».
وبعد خطابه أمام البرلمان، وقع رئيس كاتالونيا وحلفاؤه إعلان الاستقلال أمام المجلس، لكن صلاحيته القانونية لا تزال غير واضحة.
وبالتالي تكون إسبانيا وكاتالونيا قفزتا نحو المجهول فيما تؤكد مدريد باستمرار أن إعلان الاستقلال لا يمكن أن يكون موضوع نقاش.
ومضت كاتالونيا في الاستفتاء حول الاستقلال رغم أن القضاء الإسباني اعتبره غير دستوري.
وقامت الشرطة باقتحام مراكز اقتراع وضربت بعض الناخبين كما أغلقت بعض المكاتب.
وقال مارك كازيس الطالب في برشلونة الثلاثاء: «لم أكن أتوقع إعلان الاستقلال مساء الثلاثاء بسبب كل الإجراءات التي بدأتها الحكومة الإسبانية مع تصرفات الشرطة والتهديدات».
وأيد نحو 90 في المائة من الذين شاركوا في الاستفتاء الانفصال عن إسبانيا لكن الكثير من الكاتالونيين المعارضين للاستقلال قاطعوه.
وألقت الأزمة بثقلها على الأعمال في إحدى أغنى مناطق إسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
فقد نقلت عدة شركات مقارها لكن ليس موظفيها من كاتالونيا إلى أقسام أخرى في البلاد.
لكن سوق المال الإسبانية سجلت ارتفاعا صباح الأربعاء بنسبة 1.16 في المائة على أمل تحقيق تقدم في حل الأزمة.
كما تأثر اليورو بالأزمة، حيث سجل ارتفاعا طفيفا أيضا بعد إعلان بوتشيمون وحقق مكاسب في جلسات التداول الآسيوية الأربعاء. لكنه لا يزال أقل بسنتين من أعلى مستويات سجلها الشهر الماضي بسبب عدم الاستقرار السياسي.
الشرق الأوسط