ما الذي يحول الربيع الى صقيع

في تونس تم تنحية الرئيس زين العابدين بن علي سريعا عن الحكم، فحمى المجتمع التونسي من الاقتتال ومن الانقسام، وأخذ الصراع منحى سياسي غير عنفي, بل وتعاونت القوى الإسلامية والديمقراطية وتنافست فيما بينها مما حقق لتونس انتقال سلمي للسلطة حمى تونس و مجتمعها.

وفي مصر حيث بقي الجيش موحدا، ولم يتدخل الى جانب الرئيس، وأدرك خطورة مايجري وعواقب وقوفه الى جانب رئيس لايملك شرعية شعبية أصلا،وخطورة مواجهة التظاهرات بالسلاح،فانتقلت مصر الى عملية سياسية حمت مجتمع مصر من الاقتتال الأهلي, ولولا سلوك الأخوان المسلمين وسعيهم لسرقة الثورة، ثم الاستئثار بالسلطة والاسراع لأخونة الدولة واقصاء الاخرين, لسارت العملية السياسية على نحو أفضل ولما أتاحت للجيش أن يتدخل ويستولي على السلطة بهذه الطريقة, ورغم ذلك فمصر تسير في طريقها السياسي، ولكن مع عنف محدود يسعى له الاخوان المسلمون.

في اليمن أدى تمسك علي صالح بالسلطة الى انقسام الجيش، ولكن هذا الانقسام أضعف علي صالح ومنعه من استخدام الجيش ضد الشعب، ثم جاءت المبادرة الخليجيةبثقل الخليج لتشجع أطراف أخرى يمنية على قبول تنحي علي صالح وانتقال السلطة، ولكن احتفاظ علي صالح وعائلته بمراكز قوية منعت الانتقال الكامل للسلطة وانتقال المجتمع اليمني الى عملية سياسية تنظم مستقبله, وفتحت الباب لتدخل ايران الثقيل واستخدامها للحوثيين المتحالفين مع علي صالح, مع ترك دول الخليج لليمن وحيداً لمواجهة التحدي الجديد (الحوثي علي صالح) لتختلط الأوراق ثانية وتهدد اليمن باقتتال داخلي.

في ليبيا أدى تمسك القذافي بالسلطة ولجوئه للحل الأمني، واستخدامه للجيش الليبي ضد المتظاهرين أدى الى تحول الصراع الى صراع مسلح فتح الباب لتدخل اجنبي بأشكال مختلفة, خاصة لقوى إقليمية لتمويل ودعم قوى إسلامية متطرفة، مما فتح الباب نحو اقتتال داخلي لم ينتهي بعد، وقد دمر حتى الآن جزءا كبيرا من قدرات ليبيا ومازال, وفي ليبيا لم تجد ايران مواطىء قدم لها لذا فقابلية الحل موجودة.

في سوريا اجتمع العاملان مع بعض, الأول تمسك الرئيس بالسلطة واستخدامه للجيش ضد المتظاهرين, والثاني تدخل إيران المباشر في الصراع في سوريا، ودعمها المطلق لنظام الأسد منذ اليوم الأول، ودفعها فيما بعد لوحدات طائفية مذهبية من لبنان والعراق وغيرها للذهاب للقتال الى جانب الرئيس, إضافة لارسال ضباط وخبراء حروب من ايران ذاتها. فقد أدى اجتماع هذان العاملان الى تعقيد الازمة السورية بشكل استثنائي وتحولها الى كارثة سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية مازالت مستمرة.

اذن العامل الذي شكل مفرق في سير الصراع في هذه البلدان هو:

  • إمااجتماع عوامل متعددة تفضي الى تنحية الرئيس راضيا أو مرغما، وهو رأس النظام القائم، مما يفتح الطريق أمام التغيير عبر صراع سياسي سلمي يحافظ على الدولة والمجتمع، ويفتح طريق المستقبلأمام البلاد،
  • وإما تمكن الرئيس من التمسك بالسلطة بأي ثمن كان، وامتلاكه لقوات عسكرية موالية له، وليس للوطن، واستخدامه لهذه القوات ضد المتظاهرين وضد الحراك المطالب بالتغيير وانتقال السلطة، مما يفتح باب التدخل لاعبين خارجيين اقلميين ودوليين من كل حدب وصوب، ويحول البلد إلى العوبة، وفي النهاية يفتح باب جهنم على هذه الدولة ويدمر الدولة والاقتصاد والمجتمع

 

 

مكتب الاعلام والدراسات

اتحاد الديمقراطيين السوريين

Next Post

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist