أكد مصدر عسكري في قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية وصول تعزيزات عسكرية إلى محاور القتال غربي مدينة سرت وسط ليبيا، في حين وجهت نداء أخيرا لمشايخ المدينة لتجنيبها ويلات الحرب، وسط تحذيرات ودعوات دولية للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ونقل مراسل الجزيرة عن المصدر العسكري أن أمراء المناطق العسكرية الوسطى وطرابلس والغربية، اتفقوا على دعم محاور قتال غرب سرت لشن هجوم على قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمختلف أنواع الأسلحة.
وكان الطيران الحربي والطيران المسير التابع لقوات حفتر قد حلّقا بشكل مكثف في أجواء منطقة أبوقرين شرقي مدينة مصراتة دون توجيه ضربات لمواقع قوات الوفاق بالمنطقة.
وفي الوقت ذاته، أعلن الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق فجر اليوم الأربعاء استهداف مليشيات حفتر ومرتزقته جوا مداخل مدينة سرت.
وقال المتحدث باسم الجيش محمد قنونو في تصريحات نشرتها “عملية بركان الغضب” التابعة لحكومة الوفاق على فيسبوك، إن قواته مستمرة في تنفيذ العمليات بالضرب بقوة وحزم لكل بؤر المتمردين في سرت، وفقا لخطة غرفة العمليات.
وأضاف أنه منذ شهور ونحن ننادي مشايخ وأعيان سرت لتحكيم العقل وتجنيب المدينة ويلات الحرب.
وتابع “اليوم نرسل النداء الأخير.. فلن نتراجع عن إعادة بسط سيطرة الدولة على سرت”.
وكان مصدر عسكري قال إن قوات الوفاق أعادت التمركز في منطقة مفرق النخلة غرب سرت، ويأتي ذلك وسط مقاومة تبديها قوات حفتر التي يدعمها طيران أجنبي نفاث ومسير، وفق تأكيد مسؤولين ليبيين.
وسيطرت قوات حكومة الوفاق على مناطق الوشكة وبويرات الحسون غرب سرت، وجارف والقبيبة جنوبها، لكنها تعرضت لغارات من طائرات حربية نفاثة تردد أنها روسية، وأخرى مسيرة زودت بها الإمارات حليفها حفتر، وتسببت تلك الغارات في مقتل عسكريين بالإضافة إلى سبعة مدنيين.
مقابر جماعية
ورصدت وسائل إعلام ليبية اليوم الأربعاء نزوح عشرات العائلات من منطقة غرب مدينة سرت في وسط الشمال الليبي، جراء قصف عشوائي متواصل تنفذه قوات الجنرال حفتر.
وقالت إن هذا النزوح جاء على خلفية مواصلة مليشيا حفتر القصف العشوائي لليوم الثاني على وادي جارف.
من جهة أخرى، بثت قناة فبراير المحلية مقطعا مصورا لمقبرة جماعية تم العثور عليها اليوم في مدينة ترهونة التي تقع على بعد ثمانين كيلومترا تقريبا جنوب شرق طرابلس.
مواقف دولية
وعلى الصعيد الدولي، أعربت سفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى ليبيا، عن مخاوف من احتمال حدوث أزمة إنسانية أخرى في مدينة سرت وسط الشمال الليبي.
وحذرت السفارة من أن ما سمتها الجهات المتطرفة قد تستغل التصعيد المستمر، ودعت أطراف النزاع في ليبيا إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
وفي هذا السياق أيضا، دعا بيان مشترك لمسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ووزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، الأطراف الليبية والدولية إلى وقف فوري لجميع العمليات العسكرية، والانخراط بشكل بنّاء في مفاوضات “5 + 5”.
وحث البيان الذي صدر أمس على انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمعدات العسكرية الموردة إلى الساحة الليبية.
كما دعا إلى الانخراط بشكل بناء في الحوار الليبي الذي تقوده الأمم المتحدة، لتمهيد الطريق لاتفاق سياسي شامل وفق المعايير المتفق عليها في مؤتمر برلين.
انشقاق
في هذا السياق، قال موقع إنتلجنس أونلاين الفرنسي إن هناك شرخا كبيرا وقع بين داعمي حفتر ولا سيما الإمارات ومصر وفرنسا.
وكشف الموقع الذي يهتم بالشؤون الاستخبارية أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد تعب من رؤية إنفاق أموال الإمارات على قوات حفتر دون جدوى، حيث يتولى أبناء حفتر الثلاثة عملية صرف الأموال في الوقت الذي تواصل فيه قواته طلب مزيد من العتاد الحربي.
وأشار إلى أن الخلافات بين الضباط الاماراتيين وقادة قوات حفتر وصلت إلى حد الاشتباك الجسدي في الفترة الأخيرة.
كما أشار الموقع المعروف بمصادره الموثوقة إلى انزعاج القاهرة من تراجعات حفتر الأخيرة، واقتناعها بتركيز جهودها على شرق ليبيا وتعويلها على رجل ثقتها، عقيلة صالح.
كما راجعت فرنسا حساباتها، حيث أوقفت عملية المساعدة في تشغيل مروحيات حربية فرنسية تسلمتها قوات حفتر من جنوب أفريقيا.
من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن مخططات حفتر وداعميه لاحتلال طرابلس وليبيا قد تم إفشالها.
وأضاف في مؤتمر صحفي أن حكومة الوفاق نجحت في هزيمة من سماهم المرتزقة الذين يعملون لدى دول، لاحتلال ليبيا.
المبادرة المصرية
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن السبت الماضي عن مبادرة تشمل وقفا لإطلاق النار في ليبيا بداية من صباح الاثنين.
وفي حين أعلنت كل من السعودية والإمارات وروسيا والأردن دعمها للمبادرة، فقد اعتبرها مسؤولون ليبيون محاولة لإنقاذ حفتر، مؤكدين أنه لا يمكن استئناف الحوار السياسي إلا بعد استعادة مدينة سرت وقاعدة الجفرة.
وردت تركيا اليوم على المبادرة المصرية على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، بأنها ولدت ميتة.
ونقلت صحيفة حرييت التركية عن جاويش أوغلو أن الهدف من هذه المبادرة هو إنقاذ حفتر بعد انتصارات حكومة الوفاق الأخيرة.
كما وصف الدعوة التي جاءت ببيان القاهرة لوقف إطلاق النار بغير الصادقة والتي لا يمكن الوثوق بها.
وقال الوزير التركي إن حفتر هرب من توقيع وقف إطلاق النار في موسكو وبرلين وإنه لا مكان له في أي اتفاق مستقبلي لحل سياسي.
وأكد أن الوقف الدائم لإطلاق النار يجب أن يكون تحت مظلة الأمم المتحدة وبمشاركة كافة الأطراف الليبية.
وذكر أن أنقرة ستجري محادثات مع موسكو بشأن ليبيا في الأيام المقبلة، خاصة بعد إرسالها مقاتلات إلى شرق ليبيا.