– قلل مراقبون من مخاوف بعض السياسيين اللبنانيين من فشل التسوية التي ينتظر أن تقود رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى الرئاسة بزعم غياب الضمانات الإقليمية والدولية التي تدعم هذه التسوية.
وأشار المراقبون إلى أن الفرقاء اللبنانيين كانوا يبحثون عن تسوية تتجاوز الاصطفاف القائم بين شقي 8 و14 آذار، وأنهم فوجئوا بهذه التسوية إيجابيا لأنها راعت الكثير من التوازنات، والأهم من ذلك أنها قدمت الحل الذي ينقذ الجميع من ورطة المساعدة على تعطيل عمل المؤسسات لأشهر طويلة.
ومن الواضح أن هذه التسوية وإن كانت تسوية بين فرقاء الداخل فإنها تحوز على دعم إقليمي ودولي على اعتبار أن حل الأزمة السياسية في لبنان هو جزء من الجهود الدولية الباحثة عن حل سياسي في سوريا، وكجزء من ضمانات نجاح الحرب على الإرهاب في المحيط الإقليمي.
وكانت إشارات الدعم الدولي لهذه التسوية قد بدأت مع اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بفرنجية في باريس، ولم يكن ليتم اللقاء لولا دعم فرنسي سعودي، خاصة أن الرياض وباريس تابعتا تحركاتهما خلال الأشهر الأخيرة بحثا عن توليفة لحل يرضي مختلف الأطراف.
وأعلن السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري أمس أن المملكة تدعم تولي فرنجية رئاسة لبنان، وأن المبادرة لبنانية وليست سعودية.
وينتظر أن يتم بعد هذا تفعيل الهبة السعودية للجيش اللبناني ما يمكنه من الحصول على أسلحة فرنسية لمواجهة التحديات الأمنية التي فرضها تدخل حزب الله في سوريا.
وسيكون حزب الله مستفيدا بارزا من هذه التسوية باعتبارها ضمانة داخلية تطمئنه على وضعه المستقبلي سواء أبقي بشار الأسد في سوريا أم لم يبق، خاصة أن فرنجية نفسه من أنصار الأسد. لكن الرئيس المرتقب سيكون مضطرا، إذا تم إقرار التسوية، على أخذ مسافة من نظام الأسد في سياق رغبة لبنانية واسعة للنأي بالنفس عن الصراع في سوريا.
وليس خافيا أن حزب الله يعيش ورطة حقيقية في سوريا خاصة بعد أن فشل أمينه العام حسن نصرالله في تحقيق شعاراته بـ”النصر السريع”، وهو ما جعله يلجأ إلى مظلة الشراكة والاحتماء داخل الدولة.
وقبول الحزب بالدخول في التسوية، وإن كان اضطراريا، سيقوده لاحقا إلى اتخاذ خطوات هامة لإنجاحها، أهمها ترتيب انسحابه من سوريا، وربما ينقذه اجتماع نيويورك القادم حول سوريا بالدعوة إلى انسحاب القوات الأجنبية كأحد شروط إنجاح الحل، وهو ما سيوفر مخرجا للحزب وللبنان الذي يحتاج إلى هذه الخطوة التي يبرر بها المتشددون القادمون من سوريا هجماتهم على لبنان.
وواضح أن الضمانات الخارجية لإنجاح التسوية في لبنان تبدأ بالضمانات التي يقدمها اللبنانيون أنفسهم بخيار النأي بالنفس عن الأزمة السورية، خاصة أن ثمة قضايا إقليمية أخرى أكثر تعقيدا وأهمية من ملف لبنان مثل العراق واليمن وسوريا.
ويبقى التنازع الداخلي حول الضمانات مثل تركيبة الحكومة والثلث المعطل ووزراء رئيس الجمهورية والاستحواذ على تمثيل مذهبي حصري، فتلك قضايا جزئية لن يتم حسمها بضغوط ولا ضمانات خارجية، وهي تحتاج فقط إلى توافقات داخلية تستمد وجودها من روح التسوية والحاجة إلى إخراج لبنان من أزمة داخلية مزمنة تهدد استقراره.
صحيفة العرب