عرفت مناهج التعليم في سوريا ببعدها عن التعليم الحديث، وغياب جانب التعليم الديني حتى وصل بنا الحال أن ننهي دراستنا ولا نملك أدنى فكرة عن العلوم الشرعية في ظل شعار العلمانية الذي يرفعه نظام الأسد.
ومع انطلاق الثورة وخروج مناطق كثيرة عن سيطرة قوات النظام بدأت فعاليات حديثة لم يكن النظام يسمح بوجودها، وكان يعتقل كل من يطرح هذه الأفكار دون ترخيص أمني ومعرفة ما سيدرس في تلك الدروس، أما الآن فقد انتشرت الكتاتيب الشرعية والتي لم يكن لها وجود قبل الثورة، وتعلم هذه الكتاتيب كافة شرائح المجتمع علوم الدين والفقه، وقد تبنت تلك الأعمال منظمات وهيئات شرعية منها شام الإنسانية تحت مسمى المكتب الدعوي الذي كان له دوره في تأمين الكتب الشرعية ونشر لافتات دينية وتوعوية في الشوارع .
استهدفت هذه الكتاتيب الفئة الشابة الصغيرة بالدرجة الأولى، وأقيمت أيضا حلقات للنساء بكافة الأعمار، وجل اهتمامها فيما يتعلق بتلاوات القرآن من تجويد وفقه الدين، وقد قسمت إلى فئات حسب الأعمار، وكل ما تم اجتياز مرحلة من الأجزاء من التلاوات أقيم فحص اختبار يحدد من خلاله من سينتقل إلى المستوى التالي .
وفي خطوة مشابهة أصدر بشار الأسد مرسوماً رئاسياً يقضي بافتتاح مدرسة “شرعية شيعية ” للذكور والإناث معاً، لتدريس المذهب الجعفري، والذي لا يخالف المذهب الشيعي إلا من حيث التسمية الاعتبارية، و تتبع المدرسة إلى وزارة الأوقاف في حكومة النظام وبإشراف مختصين بحسب المصدر في قرية رأس العين شرق مدينة جبلة في اللاذقية، و تضم المدرسة صفوف طلاب المرحلة الثانوية من مواليد 1998 – 2001 ذكور وإناث على حد سواء، أما المناهج فتتضمن عشرة كتب خاصة بالمذهب الجعفري الشيعي فضلا عن المنهاج المقرر في الثانوية العامة .
ومع هذه الأحداث الدموية التي تمر بها سوريا، من نقص في الكوادر الطبية، فقد أقيمت أيضا معاهد طبية ويتم تدريب أغلب المتعلمين في المشافي، منها معهد معرة النعمان في المشفى الوطني بالمعرة، وفي حديث مع مدير المعهد قال: “الهدف الأول لهذه المعاهد هو تأمين الكوادر الطبية التي يتزايد الطلب عليها مع اشتداد المعارك الجارية والقصف اليومي المتجدد.”
ومع حرمان الكثير من التعليم في ظل الازمة الحالية، وخروج أكثر المدارس عن الخدمة، فقد انتشرت حديثا معاهد مجانية لتعليم مناهج دراسية تشمل لغات أجنبية (الإنكليزية والتركية) وعلوم الحاسوب، والتي زاد الطلب عليها في الوقت الحالي مستهدفة من لديه اهتمام في تعلمها بغض النظر عن مستواه التعليمي، بهدف الثقافة العامة، والحد من الجهل المنتشر بعد النقص الشديد في المدارس والمعلمين .
ولم يقتصر دور تلك الفعاليات فيما يخص العلوم الشرعية والطبية، فقد انتشرت أيضا مراكز لتعلم فنون الخياطة منها مركز مزايا والذي أنشئ منذ حوالي سنتين وقد خصصت له مراكز كثيرة منتشرة بأغلب مناطق ريف ادلب .
كان الدور الاساسي لتلك المعاهد والكتاتيب هو سد الثغرة التعليمية التي اضمحلت كثيرا في ظل الأزمة الحالية، وانتشار علوم جديدة كان النظام يحجمها عن العامة، ولعب قيام الثورة دورا إيجابيا في رعايتها وتطويرها.
المركز الصحفي السوري – سالم البصيص