لم يكن وقع الرصاص على مسامع السوريين ليلة رأس السنة اعتياديا، ربما لأنه يذكرهم بواقع الحرب التي أدمت قلوبهم وأثقلت جراحهم، أو لأنه رمز لآلة القتل والدمار الذي يرافق حياتهم البائسة، تلك الحياة التي سلبت منها الفرحة وانعدمت فيها أدنى مقومات العيش الرغيد والإنسانية الميتة داخل نفوس القوّاد والمسؤولين تجاه الشعب.
تباينت الآراء والمشاعر عند اقتراب موعد رحيل العام “2016”، فقد كان عاما داميا موجعا لكثير من السوريين فكم من شهيد زف فيه، وكم من معتقل ومعتقلة أمضوا أياما قاسية في غياهب سجون النظام يعدون أيامهم، وكم من عائلة هجرت قسرا من بيوتها تاركة وراءها ذكرياتها وأحلامها ومذكرات وطن سلب منهم رغما عن إرادتهم في سبيل بقاء نظام الأسد في الحكم ومؤشرات لحدوث تغيير ديمغرافي مدروس في تلك المناطق.
وانشغل مؤيدو النظام وشبيحته بالاحتفال في العام الجديد وإطلاق الرصاص والأعيرة النارية فرحا بنصرهم في الآونة الأخيرة، فتسبب رصاصهم الطائش بتكسير زجاج السيارات المرصوفة أمام الملاهي الليلية التي قصدوها لإحياء ليلتهم بالأغاني الهابطة والرقص، ما أدى لتذمر أصحابها واستيائهم من الفوضى التي سادت مدينة دمشق ليلة رأس السنة، فضلا عن حالة الخوف والهلع التي أصيب بها الأطفال والأهالي في بيوتهم من كثرة الرصاص المطلق في منتصف الليل.
فعلق أحد المواطنين من مدينة دمشق قائلا:” بالنسبة للشخص الي عمبتقوص مبارح ممكن سؤال؟، لو هجم العدو الصهيوني الغازي عليناكنت قوصت بالهوا متل ما عملت امبارح، أو كنت قوصت عليه وهزمته شر هزيمة ، أو كنت هربت متل اللصوص وتركت ما وراءك من أسلحة وغنائم، ولا كنت مديت أيدك للسلام عليه، وعم الفرح والسلام الشامل، بس بدي أفهم حق الرصاص اللي انصرف امبارح دافع حقو من جيبتك، ولما رح يتصاوب حدا أو ينكسر زجاج بيت أو سيارة، رح تحس بتأنيب الضمير ولا عادي ، بدبي حرقوا بالمليارات ألعاب نارية للدعاية ، ونحنا ولعناها بالملايين بالعيارات النارية للمرجلة، كنتو تمرجلو عالجبهات مو هون”.
ستة أعوام من الحرب كانت كفيلة بازدياد معاناة السوريين وبالأخص في المناطق المحررة من قبضة النظام، فاستقبل البعض عامهم الجديد في مخيمات النزوح واللجوء في حالة يرثى لها، والبعض الآخر تفاءل بقرار وقف إطلاق النار واستقبل العام بالدعاء بالفرج القريب علّه عام يحمل في طياته فرحا طال انتظاره فأطلقوا عليه عام الجماعة في دعوة من أهالي تلك المناطق لتوحد الفصائل ونصرة المظلومين وتحسين واقع الشعب المعيشي فيها.
عام جديد أطلّ على السوريين ومازال النظام يزداد فسادا ووحشية في التعامل مع شعبه الثائر في وجه الظلم، فهل سيشهد هذا العام نقلة نوعية في تاريخ الثورة بشكل إيجابي؟، أم أنه سيكون أكثر دموية من سابقه وسيختلف عنه بعدد الضحايا والمجازر؟.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد