لا ينفك إعلام النظام بكافة أشكاله عن الإشادة ببطولات جيشه وقواه الرديفة الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل دحر إرهاب المسلحين المتعالين على أمن الوطن والذين يسعون لخرابه وتدمير بناه ومنشآته وغيرها من الأعمال التخريبية، وكأن منابره الإعلامية خصصت لتمجيد تلك البطولات بالإضافة لبعض المسرحيات الاستعراضية الهادفة لإبراز عضلات المسؤولين فيما يخص أعمالهم الخيرية وجهودهم البناءة التي تصب في خدمة الشعب، وبالطبع على حساب الشعب.
وكما هو معروف فإن مخصصات النظام السوري المادية من الناحية العسكرية معظمها تنفق لشراء معدات وأسلحة وجزء بسيط منها يصرف كرواتب لقواته المقاتلة في صفوف جيشه، وقد تكون رمزية مقارنة بالواقع المعيشي المتردي وسط موجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، ولعل ذلك يبرر ظاهرة السرقة والنهب أو كما يسميها السوريون “التشليح” التي يقوم بها عناصره على الحواجز المنتشرة في الطرقات.
أما بالنسبة للتعويضات المالية التي تصرف لأسر قتلى قوات النظام فهي متفاوتة تبعا للقتيل، ويعتبرها النظام رمزية لأن دماءهم بحسب زعمه لا تقدر بثمن، وبناء على ذلك ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بما قام به أحد مسؤولي النظام بتكريم أسر قتلاهم وتقديم رؤوس الماعز والأغنام كهدية رمزية لهم، ليعاودوا بعدها لتكريم غيرهم بساعة تحمل شعار الجيش العربي السوري، فاعتبرها مؤيدو النظام إهانة بحق من بذلوا دماءهم في سبيل بقاء النظام فترة أطول في الحكم، وطال هذا العمل المشين بحقهم انتقادات لاذعة وبالأخص من ذوي الطائفة العلوية.
وبحسب صحيفة “البعث” التابعة للنظام، فقد أطلقت مؤسسة “لأجلك سورية” مشروع قلب واحد بالتعاون مع فرع حزب البعث العربي الاشتراكي ومحافظة طرطوس لاستهداف ألف أسرة من ذوي الشهداء لمدة عام، وأوضح حسين العلي محامي المؤسسة أن فكرة المشروع انطلقت عرفاناً بالجميل لما قدمه شهداء سورية الأبرار ولتخفيف الأعباء المادية عن ذويهم ومساعدة الدولة في التكافل والتضامن الاجتماعيين وشملت المبادرة 100 من ذوي الشهداء حيث تم توزيع 100 بطاقة صراف، وسيصرف لكل واحد منهم مبلغ 20 ألف ليرة شهرياً لمدة عام (من دون عمل) مدفوعة من تجار وصناعيي حلب على أن تستكمل لاحقاً لتشمل ألفاً منهم، “بحسب ما نقلت الصحيفة”.
والجدير بالذكر أنه عندما قرروا صرف رواتب شهرية لأسر قتلى قواتهم لم تكن من ميزانية الحكومة، بل على نفقة كبار تجار وصناعيي مدينة حلب، وربما ردا للجميل بعد أن انتصروا في حلب وشردوا أهلها وأخرجوهم من ديارهم بقوة السلاح رغما عنهم لا بقوة جنودهم بحسب ما يدّعون.
ولعل الهدف وراء هذا الخبر الترويج الإعلامي لهذا الدعم واستجرار دعم مشابه بغية “تبييض صفحتهم” أمام الأنصار والموالين وتأكيد حرصهم وتقديرهم لتلك الجهود المثمرة لأبناء قتلاهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لمَ تم تقديم الرواتب لأبناء طرطوس بالتحديد؟ هل لأنه “على رأسهم ريشة” كما يقال، أم لأنهم أحق بها نظرا لارتفاع نسبة القتلى من مناطقهم؟
المركز الصحفي السوري – سماح الخالد