بقلم الكاتب محمد فخري جلبي
وجدت جماعة مايسمى حلف (الممانعة والمقاومة) وجيشها من الكتاب المرتزقة ضالتهم من جديد بعد فقدان البوصلة لفترة وجيزة تجاه الرياض ، ونقطة أرتكاز أسمنتية ضخمة تتمكن من خلالها من مهاجمة الرياض جراء زيارة الملك سلمان لموسكو وتوقيعه صفقات عسكرية جديدة تفوق حاجة الجيش السعودي لخمسة أجيال قادمة ( هذا بالطبع دون أن نتوقف عند صفقات الأسلحة المهولة المبرمة بين الرياض وواشنطن ) !!
في حين أن حزب الممانعة (المؤلف من حزب الله وسوريا وإيران ) قد تناسى عن عمد ممانعة ومقاومة الكيان الصهيوني وأستبدل العدو الأفتراضي بأخر مستحدث يدعى الشعب السوري الطامح للأنعتاق من حظيرة العبودية الأسدية ؟؟ فهيئة الملاحة الجوية الأسرائيلية لا تعتبر الهجوم على الأهداف السورية عملا عسكريا يستوجب أخذ الحذر والحيطة ، بل على العكس تماما !! فلقد أصبحت تلك الضربات الجوية مجرد تدريبات روتينية لسلاح الجو الأسرائيلي وذلك تزامنا مع أتجاه فوهات المدافع الأسدية نحو المدن والقرى السورية بعد نشوب أزمة كونية بين الشعب المتعطش للحرية والقيادة الرافضة لمجرد فكرة الحوار والنقاش مع الرعية .
ومايمكن أستنتاجه من تحليل نتائج لقاء الملك سلمان وبوتين ، بأن الدول العظمى تتبع سياسة ( صف مشكلات ) أمام الدول الضعيفة مما من شأنه جعل تلك الدول تتسابق إلى أحضان الدول الكبرى لطلب الحماية والمؤازرة هذا بالطبع بعد دفع الجزية المترتبة لقاء ذلك .
وقبل التطرق لأسباب وجدوى زيارة سلمان لموسكو يتوجب علينا ذكر بعض النقاط الحساسة وطرح أسئلة جوهرية تصب في بئر الضعف والهوان العربي على الساحة الدولية !! فقد بدا لافتا سماع الجمهور العربي دوي أنفجار الغام الشجب والأستنكار والأمتعاض من زيارة سلمان إلى موسكو من قبل حزب الممانعة بسبب دفع الملك بضع المليارات من الدولارات ثمنا لفنجان الشاي الذي قدمه له بوتين ، وذلك على غرار الهجوم الشرس على هامش صفقات ترامب مع الرياض والتي تجاوزت أعتاب أربعمائة مليار دولار .
كما تدفعنا الحملة الشرسة الموجهة ضد السعودية جراء الزيارة الأخيرة لمعقل بوتين وبكل براءة لطرح بعض الأسئلة الخجولة على حزب الممانعة والمقاومة ..
كيف يحلل حزب الممانعة ضم سوريا للسجل العقاري الروسي ويحرم مجرد زيارة للقيادة السعودية ؟؟
بالأضافة وعقب كي الوعي العربي بضرورة الأنبطاح في حضرة قادة الدول الكبرى ، ماهو العائق أمام الرياض لممارسة طقوس الأنصياع لموسكو ودفع الجزية السنوية كماتفعل معظم الدول العربية ؟؟
بالطبع سوف يتم أتهامنا بالعمالة والتواطؤ مع العدو العربي ( السعودية ) بسبب أفتقار حزب المماتعة للحجج الدامغة التي توصلهم للأجابات الشافية لتلك الأسئلة العفوية .
زيارة سلمان لمعقل الشيطان !!
أن الواقع المأساوي العربي المتمثل بالتعامل مع الدول الكبرى والذي نحاول أخفائه بقشة ، من شأنه أن يفضي إلى شرق أوسط ضعيف ممتلىء بالعبيد المرتهنين للأرادة الدولية بشكل أعمى ، وبالنسبة للمعنيين للخروج من هذه الحالة الرثة وبحكم الأمر الواقع لايشكل علاج المرض نقطة أهتمام بالغ الأهمية يجب التركيز على جوانبها .
وبناءا عليه ، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برفع إبريق الشاي ليصب لضيفه الملك سلمان بن عبدالعزيز الشاي الروسي الشهير في لقطة فريدة فتحت الباب أمام الملك سلمان لتوطين الأنظمة العسكرية المتطورة عبر صفقات سلاح غير مسبوقة بين الرياض وموسكو ، كما شددت على تعزيز سبل التعاون السياسي والأقتصادي والعسكري بين البلدين على المدى الطويل .
كما أشتملت المذكرة على أن يتعاون الطرفان لوضع خطة لتوطين صناعة واستدامة أجزاء من نظام الدفاع الجوي المتقدم ، تضمنت نظام الدفاع الجوي المتقدم (S-400) وأنظمة كورنيت إي أم وراجمة الصواريخ توس- ون أيه وراجمة القنابل (AGS-30)، وسلاح كلاشنكوف أيه كيه 103 وذخائره .
وفي مؤتمر صحفي الجمعة ، رد الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف على سؤال أحد الصحافيين حول تفاصيل الصفقة لتزويد المملكة بأنظمة صاروخية متطوّرة من طراز “إس 400” بأن “التعاون الروسي السعودي في المجال التقني العسكري ليس موجهاً ضد دول أخرى، بل يتطوّر في مصلحة البلدين والأستقرار في الشرق الأوسط”. وشدّد على أن “أي قلق تبديه بلدان أخرى في شأن هذا التعاون لا أساس له”، وقال: “التعاون بدأ وسيستمر” .
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أدرج اسم التحالف العربي بقيادة السعودية على القائمة السوداء للدول والكيانات التي تنتهك حقوق الأطفال في اليمن ، ومما لاشك به بأن الأسلحة الروسية لن تستخدم في اليمن !! أو هكذا يبرر البعض تلك الصفقات الدموية ؟؟
في المقابل رفضت السعودية المعلومات والأرقام التي وردت في تقرير أممي يحمّل التحالف العربي الذي تقوده المملكة مسؤولية مقتل وإصابة 683 طفلا في اليمن، ووصفتها بأنها غير دقيقة ومضللة .
ودمجا برغبة الدول الكبرى بأغلاق أفاق الحلول في الشرق الأوسط ولاسيما بأن الرياض (محور النقاش ) تخوض حربا شعواء في اليمن وتقود حملة تأديبية ضد الدوحة ، تواظب تلك الدول الكبرى على توسيع رقعة الخلاف بين الدول العربية من خلال زيف التصريحات وفتح أبواب التعاون العسكري على مصراعيه ليتولد شعور مفاجىء بالقوة لدى كل طرف مفاده بأن النصر سيكون حليفهم أخر المطاف !!
ومما سبق نستطيع فهم أسباب قيام واشنطن مؤخرا بتمرير صفقة الدفاع الصاروخي ” ثاد ” مع السعودية .
وقالت وزارة الخارجية إنها ستنصح الكونغرس بأن أمتلاك السعودية لمنظومة “ثاد” سيؤدي إلى أستقرار الأوضاع في الخليج وحماية القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة الذين يواجهون تهديدا صاروخيا إيرانيا متناميا !! وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، الجمعة، أن وزارة الخارجية الأميركية وافقت على صفقة لبيع نظام ثاد الدفاعي المضاد للصواريخ للسعودية قيمتها 15 مليار دولار .
سورية الأسد تفقد هويتها ؟؟
(أن لم تستح فأصنع ماشئت ) ، ولعل هذا أقل مايقال بحق نظام دمشق والذي من خلال فانتازيا الهروب من الواقع وقع صك بيع الدولة للروس والإيرانيين من جهة ، ومن جهة أخرى يهاجم الرياض لمجرد زيارة تمخض عنها دفع الجزية المترتبة على آل سعود من أجل الأستمرار بالحكم !!
فالرياض لم ترفع العلم الروسي فوق مقراتها ، ولم تفرض اللغة الروسية على طلبتها ، كما أنها لم تمنح الشرطة العسكرية الروسية زمام الدولة للتحكم بها كيفما شاؤوا ؟؟
فمن جهة النظام السوري ، فقد جعل تعليم لغة حليفيه الرئيسيين، أي إيران وروسيا، لغتين في المدارس والجامعات، مع تركيز أكثر لصالح اللغة الفارسية التي أسس لها نظام الأسد الكثير من المعاهد التابعة للجامعات . ثم يأتي تعلم اللغة التركية ، ليشهد توسعاً هو الآخر ، بعد الأزمة السورية، لتنضم التركية إلى الفارسية والروسية، لتعكس حجم التدخل الأجنبي في البلاد، ومزاحمة هذه اللغات الثلاث، للغة العربية الأُم !!
وضمن ذات السياق ، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن عملية عسكرية كبيرة تدور في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا.
وأضاف أردوغان في كلمة له السبت أمام أعضاء في حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له “هناك عملية كبيرة في إدلب السورية اليوم وستستمر”. وقال “لن نسمح قط بممر إرهابي على طول حدودنا مع سوريا، سنستمر في اتخاذ مبادرات أخرى بعد عملية إدلب “.
وبعد الأشارات والتلميحات ، والصفقات والمعاهدات ، أصبح لزاما علينا في ظل التغييرات الجغرافيا والسياسية على الصعيد العربي تقبل واقع الأستعمار الجديد والذي نخوض غماره دون الأشارة إليه بشكل مباشر على أعتبار بأننا نمارس الحياة بأبسط معانيها دون الحاجة للتفكير بمن يسوق قطيعنا وأين ستكون المحطة القادمة !!
لقد فقدنا الروح الأنتقامية تجاه أعدائنا الخارجيين وأكتفينا بشحذ السيوف والهمم لمقارعة أعداء الداخل ( العرب ) ، حيث حشد الجماهير العربية خلف رايات الحرب الداخلية أمر سهل جدا على عكس التجييش لخوض حرب خارجية مع العدو الأساسي ، كان الله بعون أمة تختبأ خلف أصبعها وتزعم بأنها على خير مايرام .