سوريات من مخيم الهول يواجهن الرفض في الرقة

بعد أن وضعت الحرب أوزارها في سوريا تواجه العديد من النساء اللاتي قررن العودة إلى بلداتهن رفضا من المجتمع الذي لا يعرف إن كن انضممن باختيارهن إلى صفوف المتطرفين أو أجبرن على ذلك، ومع وصمة “داعشية” صارت حياة هؤلاء عسيرة عليهنّ وعلى أطفالهن في غياب المساعدات والتآزر.وفق جريدة العرب 

الرقة (سوريا) – قبل سنوات عادت نورا الخليف إلى مدينتها الرقة في شمال سوريا، آملة في حياة طبيعية بعيداً عن مخيم الهول الذي يؤوي أساساً عائلات أفراد تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها وجدت نفسها وسط مجتمع يرفضها حتى باتت تتحسر على حياة الخيام.

الخليف البالغة من العمر 31 عاماً هي واحدة من بين الآلاف من العائدين على دفعات من مخيم الهول إلى بلداتهم في شمال شرق سوريا بموجب اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية ووجهاء العشائر في الثالث والعشرين مايو 2019 لإعادة النازحين من النساء والأطفال إلى بلداتهم، وجاء ذلك بعد عقد ملتقى في بلدة عين عيسى بريف الرقة حمل اسم “ملتقى العشائر”.

ومنذ عودتها قبل ثلاث سنوات، انتقلت الخليف للعيش في منزل أهلها المتواضع في حي شعبي عند أطراف مدينة الرقة التي شكلت لسنوات أبرز معقل للتنظيم المتطرف في سوريا.

وتقول نورا التي انقطعت قبل خمس سنوات أخبار زوجها السعودي الجنسية المنضوي في صفوف التنظيم إن “غالبية جيراني يقولون لي ‘أنت داعشية’”، وكلمة داعش المتعارف عليها هي اختصار لتسمية تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.

أكثر من تسعة آلاف سوري غادروا مخيم الهول بموجب اتفاقات بين العشائر وقوات سوريا الديمقراطية

وتضيف نورا وهي أم لطفلين “نريد أن ننسى، لكن الناس يصرّون على إعادتنا إلى الوراء. منذ أن غادرت مخيم الهول لم أشعر بالراحة على المستويين المالي والنفسي”.

ويؤوي المخيم الواقع في محافظة الحسكة نحو 56 ألف شخص بينهم نازحون، لكن غالبيتهم من أفراد عائلات التنظيم من سوريين وأجانب نُقلوا إليه على مرّ سنوات مني خلالها التنظيم بهزائم متتالية على يد المقاتلين الأكراد المدعومين أميركياً، وآخرها في مارس 2019 في بلدة الباغوز في أقصى الشرق السوري.

وتقول الخليف التي كانت في عداد آلاف تم إجلاؤهم من الباغوز “كان مخيم الهول أرحم علينا من الرقة”.

وتوضح “غادرت المخيم من أجل طفليّ وتعليمهما، لكن الوضع هنا ليس أفضل (…) أشعر بالندم لأنني غادرت المخيم”.

وأنشئ المخيم في التسعينات لاستيعاب خمسة آلاف لاجئ عراقي، وضم 35 ألفًا من السوريين، ومثلهم تقريبًا من العراقيين، وحوالي عشرة آلاف من 30 إلى 40 دولة أخرى.

ومنذ عام 2019 غادر أكثر من تسعة آلاف سوري مخيم الهول بموجب اتفاقات مع العشائر بهدف إعادة السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.إلا أن كثراً واجهوا أوضاعاً معيشية صعبة في الخارج، فبعدما كانوا يعتمدون على المساعدات في المخيم، بات تأمين لقمة العيش مهمة صعبة في بلد يشهد أزمة اقتصادية حادة جراء النزاع المستمر منذ أكثر من 11 عاما.

وإن كان حلم الخلف السفر خارج البلاد، فإن وضعها المالي لا يسمح لها بذلك وقد وجدت نفسها مضطرة للعمل في تنظيف المنازل.

وتقول “ترفض بعض العائلات حتى أن أنظف بيوتها بسبب ارتدائي للنقاب”.

وتتابع “يرفضنا المجتمع، حاولت أن أندمج فيه لكن دون جدوى”.

وكفل تركي السوعان أحدُ شيوخ عشائر الرقة 34 عائلة قادمة من مخيم الهول على أمل مساعدتها على الاندماج في مجتمعاتها، لكن المهمة لم تكن سهلة.

ويقول “أعرف أهاليهم، هم من المنطقة، لكنهم رغم ذلك يواجهون عدم تقبل المجتمع لهم كردة فعل على تصرّفات تنظيم داعش المتطرف وممارساته”.

لكنّ بعض سكان الرقة يلقون باللوم على العائدين من المخيم، ومن بينهم سارة إبراهيم (29 عاماً) التي ترى أن “أفراد عائلات كثيرة ممن غادروا مخيم الهول منغلقون على أنفسهم ولا يتعاملون مع جيرانهم”. وفي الوقت ذاته “ترفض الكثير من عائلات الرقة التعامل معهم”، على حدّ قولها.

وتضيف “من شأن ذلك أن يدفعهم ربما إلى التطرف في المستقبل”.

وخشية من أن تطالها وصمة العار، أخفت أمل (50 عاماً) المتحدرة من حلب على جيرانها الجدد أنها كانت من قاطني مخيم الهول الذي غادرته قبل سبعة أشهر مع بناتها الأرامل وأحفادها. وكانوا جميعهم من مناصري التنظيم الذي بقوا معه حتى آخر معاركه في الباغوز.

وتقول “لا يعرف جيراني في الرقة أنني كنت في مخيم الهول، أخاف أن يأخذ الناس فكرة سيئة في حال عرفوا أنني عشت في الباغوز والهول”.

وتضيف “رغم قساوة الهول لكن الناس كانوا يعرفون بعضهم وقلوبهم على بعضهم، أما هنا في الرقة فلا توجد حنيّة”، مشيرة إلى أن الفرق الأساسي هو الأمان الذي يتمتعون به في الرقة مقارنة مع المخيم الذي يشهد بين الحين والآخر فوضى أمنية وجرائم اغتيال.

وتقول “ثمّة أشخاص ما زالوا لا يتقبلون أنني كنت أقطن في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية”.

وتضيف “طالما أنا مرتاحة في حياتي، فلا داعي لأن يعرف الناس أين كنت”.

ومنذ فرارها من الباغوز، لا تعرف أم محمّد (45 عاماً) شيئاً عن زوجها، وانتقلت قبل سبعة أشهر من مخيم الهول الى الرقة.

وتتساءل السيدة التي تشكو قلّة الحيلة والظروف الحياتية الصعبة “إلى متى سيعتبرنا المجتمع ‘دواعش’ ويرفضنا؟”.

وتضيف “كل ما أريده هو العيش براحة وأمان”.

المركز الصحفي السوري

عين على الواقع

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist