تفسير علمي يربط بين حرائق الساحل السوري والحرائق في فلسطين

تراكم الغازات والمواد القابلة للاشتعال التي نوهنا عنها سابقاً، بما فيها الغازات الكبريتية الناجمة عن قصف قوات النظام لمناطق أخرى بعيدة نسبياً، والقادمة وفقاً لمتجهات قوى المنخفضات الجوية المحلية (من الشرق إلى الغرب) ربما تكون السبب المباشر والوحيد لهذه الحرائق الحاصلة اليوم في الساحل السوري والأراضي الفلسطينية.

اندلعت قبل أيام عدة حرائق في عدد من الغابات في الساحل السوري التهمت مساحات واسعة في مناطق متفرقة ومتباعدة في ريف القرداحة وريف جبلة وطرطوس وبانياس في وقت واحد تقريباً.

أصابع الاتهام تعددت منها من أشار إلى تجار الفحم والحطب، ومنها من أشار إلى يد خفية لتعمل لمصلحة الثوار غايتها إرباك النظام لهدف ما.

إلى أن وصلت تلك الحرائق لتضرب الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، ولتضرب معها عرض الحائط بكل تلك التكهنات والفرضيات والاتهامات التي ساقتها وسائل الإعلام، وتفتح الطريق أمام التفسيرات العلمية لتلك الظاهرة التي من المحتمل أن تنتقل إلى مناطق أخرى في شرق المتوسط، وفق ما ذكر لـ “اقتصاد”، الدكتور هزار شتات، المتخصص بقيادة وتوزيع حقل الجهد الكهربائي في المشاريع الكبرى ومدير المشاريع الكهربائية في مجموعة مؤسسات الشرمان في الخليج.

وفي محاولة منه لإيجاد تفسير علمي لانتشار تلك الحرائق، ووصولها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، يقول د. شتات: “عندما قفز الحريق بقدرة قادر نحو الأراضي الفلسطينية كان علي أن أعيد حساباتي وأبتعد عن الفرضيات والاتهامات، فما من ترابط أو اتصال جغرافي بين مناطق الحريق مما يعطي قرينة قوية على وجود سبب آخر”.

وتزامن هذا مع شكوى الناس في شرق المتوسط برمته من تكهربهم دون سبب، من كل شيء، ومن بعضهم البعض.

 الكهرباء السكونية

يستطرد د. شتات: “عدت بذاكرتي إلى مادة الكهرباء السكونية وحاولت إيجاد رابط ما ممنهج بين كل ما يجري وعلاقته بالكهرباء السكونية، خصوصاً وأن هذه الكهرباء بالذات مسؤولة عن حوالي 12% من الحرائق التي تلتهم الغابات سنوياً”.

ويتابع: “عن طريق موقع طقس عالمي حصلت على بعض الباروميترات المتعلقة بالكتل الهوائية لشرق المتوسط خلال الأيام الأخيرة، ومن موقع آخر متخصص بالتلوث البيئي الحامضي، أشار من بعيد إلى قدرة الانفجارات المتلاحقة التي تحدثها الأسلحة المستخدمة من قبل النظام السوري في مناطق جغرافية محددة على تغيير الطبيعة القلوية للتربة المحيطة، وانتقال هذا التأثير عبر الكتل الهوائية المحلية إلى مناطق جغرافية أبعد”.

هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 697x522px.

حقل الكهرباء السكونية في الغابات (بين الأشجار)

الرياح الشرقية والتربة الحامضية

ويضيف د. شتات: “ولما كانت الكتل الهوائية المحلية (غير المتعلقة بالمنخفضات القطبية والمرتفعات الاستوائية) في بلادنا، تنتقل خريفاً من الشرق إلى الغرب حيث تكون الرياح الشرقية هي السمة المميزة لخريف الساحل السوري والسواحل الأخرى التي على الاتجاه الجيوديسي نفسه فإنه يمكن أن يبرر بشكل ما تلك الطبيعة الحامضية للتربة في السنوات الأخيرة، وربما ساهم بتركيز هذه الحامضية تفسخ الأوراق وبقايا نفايات الطبيعة الملوثة أصلاً منذ سنين، وهو ما يفسر الموت الجماعي الغريب لخلايا النحل برمتها في الساحل السوري قبل سنين دون أي تفسير واضح من وزارة الزراعة في ذلك الوقت”.

ويوضح د. شتات: “يعتبر موت النحل قبل سنين, والمن الأبيض الذي أصاب أشجار الليمون في الفترة نفسها، أول مؤشر حي على التحول الحامضي لمناخ الساحل السوري”.

هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 704x486px.

بارامترات احصائية

التحولات البيئية السريعة بسبب الحرب واستخدام النظام للغازات

واصل الدكتور شتات في توضيحه المفصّل: “ربما كانت التحولات البيئية ستحصل بصورة أبطأ لولا تلك الحرب المسعورة التي يشنها النظام وأعداؤه على امتداد الأرض السورية طيلة السنين العجاف الماضية، فالغازات ذات التركيب الحامضي والكبريتي المصاحبة للتفجيرات والقصف، والتي انتقلت عبر الكتل الهوائية المحلية باتجاه الساحل قد ساهمت بشكل مؤثر في تغيير توازن تربة الساحل الخصبة، وهذا نصف المشكلة, والنصف الآخر يكمن ببساطة بطبيعة تشكل الكهرباء السكونية”.

ويشرح: “على سبيل المثال عند دلك قضيب الايبونيت (لدين بلاستيكي) بالصوف، تنشأ شحنة كهربائية سالبة على الايبونيت تنتظر التفريغ، بينما نحصل عند دلك قضيب زجاجي بقطعة حرير على شحنة موجبة متراكمة على قطعة الحرير حيث إن الشرارة الناتجة عن التفريغ لكلا الشحنتين هي الشرارة نفسها التي تشعل القداحات غير العاملة على أحجار القدح (القداحات الالكترونية)”.

هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 705x487px.

لمحة عن الطقس خلال الأيام الثلاثة القادمة في محافظة اللاذقية

الحر والجفاف وتأخر تساقط الأمطار

وعن نشوء الشحنات السكونية وأثرها البيئي ذكر الدكتور شتات: “تنشأ الشحنات السكونية بنوعيها في الأجواء الحارة والباردة على السواء شريطة وجود الظرف الملائم الذي يكمن في بطء تصاعد الكتل المشبعة ببخار الماء صيفاً (يكون الجو عندها في ذروة القيظ وثقيلاً)، وبالانتقال الأفقي للكتل الهوائية الباردة وغير الرطبة شتاءً فتصطدم كمطرقة بكتلة هوائية صاعدة أو هابطة فوق الجغرافيا البحرية المشبعة ببخار الماء دافعةً هذه الكتلة بعيداً باتجاه البحر ويكون الجو حينها جافاً جداً لدرجة تخريشه للأنف عند التنفس”.

ويختم د. شتات: “في هذه الأجواء النموذجية لتشكل الشحنات السكونية يتأثر البشر والشجر، حيث تعمل حركة الناس واحتكاك ملابسهم الصوفية والمصنوعة من البوليستر على تراكم الشحنات السكونية على أجسادهم منتظرة التفريغ، كما يعمل احتكاك أوراق الشجر بالأغصان بفعل الريح على خلق الشحنات نفسها، حيث أن شرارة التفريغ التي تجد أرضاً غنية بالأحماض وغاز الميتان وغيره من الغازات السريعة الاشتعال الناجمة عن التفسخ وتراكم الغازات والمواد القابلة للاشتعال التي نوهنا عنها سابقاً، بما فيها الغازات الكبريتية الناجمة عن قصف قوات النظام لمناطق أخرى بعيدة نسبياً، والقادمة وفقاً لمتجهات قوى المنخفضات الجوية المحلية (من الشرق إلى الغرب) ربما تكون السبب المباشر والوحيد لهذه الحرائق الحاصلة اليوم في الساحل السوري والأراضي الفلسطينية”.

عروة سوسي – اقتصاد

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist