تتراجع أهمية البشر يوما بعد يوم في مواجهة الروبوت الذي بات يزحف على مصدر رزق عمال في مصانع وخادمين وسائقين وموظفين وصحافيين، مهددا بحدوث ركود اقتصادي عالمي يضع مستقبل تنافسية السوق منذ الثورة الصناعية على المحك.
وسارع ملاك مصانع وشركات إلى تبديل عمال بإنسان آلي يمثل لهم عمالة أرخص ولا يحتاج إلى إجازة من العمل ولا يشعر بالمرض أو التعب، كما لا يجب الشركة على دفع ضريبة أجر للحكومة على كل روبوت تملكه.
ودعا بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، إلى “فرض ضريبة دخل على الروبوت من أجل تعويض أموال الضرائب التي تخسرها الحكومات على كل عامل يتم الاستغناء عنه لصالح الروبوت”.
ويهدف غيتس إلى تحميل أصحاب الشركات عبئا ماليا ثقيلا يشكل عائقا أمام الإسراع في أتمتة “تفويض الروبوت بالمهام” وظائف قد يشكل أشخاص كانوا يشغلونها في السابق عبئا اجتماعيا واقتصاديا ثقيلا على الحكومات المحلية.
ويقول غيتس، الميلياردير الذي صنف مؤخرا كأغنى شخص في العالم، إن “ضرائب الدخل التي يمكن تحصيلها على الروبوتات يمكن أن تحول إلى تمويل موظفين في قطاع الصحة وعمال آخرين في دور رعاية المسنين والأطفال، وهي قطاعات من المتوقع أن تبقى معتمدة على البشر لفترات أطول”. ويقض مستقبل الروبوت والذكاء الصناعي في سوق العمل مضاجع خبراء اقتصاديين قالوا إن السرعة التي يتم بها إدماج الروبوت في السوق ستغير تركيبة القوى العاملة، إذ من المتوقع أن يستولي الروبوت على أغلب الوظائف التي يعرفها الإنسان خلال العقود الثلاثة القادمة.
وقال غيتس، في مقابلة مع موقع “كوارتز” إن على الحكومات أن تجد طريقة يتم من خلالها تحصيل ضريبة على كل روبوت قادر على إنتاج سلعة.
وأضاف “على سبيل المثال العامل الذي يتقاضى دخلا قدره 50 ألف دولار سنويا من المصنع الذي يعمل به، يدفع ضريبة دخل وضريبة أمان اجتماعي وغيرهما. لو جاء الروبوت كي يقوم بنفس المهمة، فمن المنطقي أن نحصل على كل روبوت على نفس الضرائب التي يدفعها العامل”.
ويقوم منطق غيتس على التعويض والإحلال والتبديل. وإذا قامت الشركة باستبدال العامل بروبوت، على أن يقوم العامل بمهام أخرى، مثل التدريب أو الانتقال إلى قسم آخر في نفس الشركة، تصل إدارة الشركة إلى نقطة تعادل ضريبية لا تحتاج معها إلى دفع ضرائب على الروبوت.
ويقول غيتس “لكنك لا تستطيع أن تتجاهل هذا المبلغ الضخم من ضريبة الدخل المهددة بالضياع، لأن هذه الضريبة هي المصدر المالي الذي مكن الحكومات طوال الوقت من تمويل جيش العمال البشر في السابق”.
والأسبوع الماضي رفض البرلمان الأوروبي اقتراحا بقانون يشمل فرض ضرائب دخل على أصحاب الروبوت، كان سيتم توجيهها لتمويل إعادة تدريب العمال.
وواجه الاقتراح معارضة شرسة من قبل شركات توظف روبوتات وشركات تصنعها، إذ قالوا إن القانون الجديد “من الممكن أن يعيق الإبداع التكنولوجي”.
لكن على ما يبدو فإن غيتس يقبل إعاقة الإبداع كثمن لا مفر منه.
ويقول غيتس إنه “من السيء جدا أن تكون لدى الناس مخاوف على مستقبل الاختراعات بدلا من أن يكون لديهم حماس تجاهه. هذا يعني أنهم لن يوظفوا هذه الاختراعات في الاتجاه الإيجابي الذي يمكن أن يخرج عنها”.
وعكف الكثير من رجال الأعمال على أتمتة العديد من الوظائف طوال سنوات. ولعبت برامج وأنظمة تنتجها شركة مايكروسوفت نفسها دورا كبيرا في تعميم سياسة الأتمتة.
ودفع ذلك اقتصاديين إلى الدعوة إلى التوقيع على معاهدة عالمية يتم عبرها تأسيس نظام جديد يحصل من خلاله كل شخص على حد أدنى من الأجر لا يمكن التنازل عنه.
العرب اللندنية