في حينها، قال أوباما، حرفياً: “حتى الآن لم أعط أمر التدخل عسكرياً في سورية، لكن إذا رأينا نقلاً أو استخداماً لكميات من المواد الكيمياوية فذلك سيغيّر حساباتي ومعادلتي”. عشية مجزرة الكيماوي، كان النظام السوري في مرحلة تراجع ملحوظ، والمعارضة المسلحة في تقدم باتجاه دمشق، فأتت المجزرة الكيماوية بمثابة “خيار انتحاري” للنظام قبل أن يصل إليه مقاتلو المعارضة. هكذا ظنّ العالم، حتى الأوساط الأكثر حماسة للنظام في حينها.
لكن المجزرة أظهرت، من بين ما أظهرته، أن ليس هناك قرار دولي بإطاحة النظام ورأسه. هكذا حصل كل ما يخدم النظام وينقذه؛ دخلت روسيا وإيران بثقلهما العسكري الكامل إلى جانب دمشق، وراحا يفرضان شروطهما لاستسلام المعارضة، وبعدها، تسلم ستيفان دي ميستورا الملف السوري نيابة عن بان كي مون، فوجد فيه معارضون كثر حبل إنقاذ إضافياً للنظام من خلال تسوية بيان فيينا 2015 الذي دفن عملياً أسس جنيف 1 عام 2012.
كانت تحذيرات أوباما، قبل عام من المجزرة، رداً على اتهامات بين الفينة والأخرى للنظام السوري باستخدام جرعات تحمل مواد كيمياوية في منطقة وأخرى، لكن بدا واضحاً أن الرئيس الأميركي نفسه، لم يكن يتوقع أن يقوم النظام السوري الذي كان يخشى من معركة وشيكة على دمشق، بهجوم فاضح ليل 21 أغسطس/آب 2013، عبر استخدام غاز السارين، بشكل واسع، بعد أيام قليلة على وصول المفتشين الدوليين إلى دمشق، للتحقيق في هذا الشأن.
استنفرت الولايات المتحدة كما العالم بعد هذه المحرقة. ثلاثة أيام كانت كفيلة لتنبئ بهجوم عسكري محتمل ضد النظام السوري من جانب الولايات المتحدة، بعد تجاوز “الخط الأحمر” من دون أي اكتراث. أعلن وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، آنذاك، أن البنتاغون يقوم بعملية تحريك للقوات لتكون جاهزة في حال قرر أوباما تنفيذ عمل عسكري. وتزامن ذلك مع نشر البحرية الأميركية مدمرة رابعة مجهزة بصواريخ كروز في البحر المتوسط، فظنّ السوريون أنها “لحظة أفول النظام السوري بعد تجاوزه كل المحرمات الدولية”.
الروس أبعد من حماية النظام
حتى ذلك الحين، لم تكن لروسيا أطماع واضحة في سورية، كانت علاقة ارتباط تاريخي بدعم رئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد، والاستمرار على النهج ذاته مع رئيس النظام الحالي بشار الأسد، واتفاقيات مستدامة تتعلق بشراء الأسلحة. ويضاف إلى ذلك الدعم السياسي المتمثل بتعطيل القرارات الدولية الصادرة ضد النظام، باستخدام حق النقض “الفيتو”، في حين بدأت إيران مبكراً بدعم النظام السوري عسكرياً، وإرسال آلاف المقاتلين للمساندة البرية، فضلاً عن الدعم الاقتصادي والمالي.
العربي الجديد