بعد “المونة” الصيفية …المحروقات هم آخر

 

في ريف إدلب الجنوبي حيث يقطن “أبو محمد “رجل أربعيني يسند ظهره المتعب عند المغيب، بعد نهار عمل شاق وطويل إلى الطرف المغلق من باب بيته، يتأمل أطفاله الجالسين على مصطبة الدار؛ وهم يتضجرون من ارتفاع درجة الحرارة، متسائلين متى ستنتهي موجة الحر! ويستدركهم قائلا “حمدو ربكن ياعيال، هلق عم نتحمل الشوب، بس بكرى البرد شو بيتحملو؟؟”

لسان حال “ابو محمد ” كغيره من سكان المناطق المحررة، والذين يرقب أحدهم بهلع وهم كبير أوراق “الرزنامة” وهي تودع أيام الصيف مسرعة، والخريف بات على الأبواب.

هؤلاء السكان الذين ماانفكوا طوال الصيف دأبا وعملا تحت حرارة الشمس القوية لتأمين لقمة المعيشة، وبعد أن شارفوا بشق الأنفس على الانتهاء من موسم المؤن، حتى جاءهم الآن هم آخر؛ ألا وهو تأمين محروقات التدفئة الخاصة بالشتاء.

ويدور في رأس كل رب منزل ألف سؤال حول”كيف، ومتى، ومن أين ؟، فرص العمل الآن أقل من ذي قبل، والمردود المادي ضعيف، والمحروقات ؟ ياويلي من ارتفاع الأسعار الذي يزداد باليوم مع قرب حلول فصل البرد ولربما إلى الانقطاع المتوقع في أي لحظة؛ خاصة أن النفط يقع تحت سيطرة جهات متعددة؛ ويتعلق مدى إمكانية الحصول على مشتقاته بلعبة”شد الحبل” وتوازن القوى المسيطرة و”حسب السوق منسوق”.

وليس الحطب بأحسن حال، فقد ارتفعت ثمنه هو الآخر أضعافا مضاعفة خلال سنوات الحرب العجاف بعد أن بات مصدرا للتدفئة والطبخ وتسخين المياه، أضف إلى أنه تعرض لاستنزاف كبير، وقضي على معظم الغابات والأحراش، حتى الحراج لم تسلم، ودائما يسارعك الناس بالقول” البرد كافر، شو منترك ولادنا يموتو؟”

ومن شدة الحاجة ولسوء مواسم الزيتون في السنوات الأخيرة بات الفلاحون يقطعون أشجار حقولهم لتكون حطب تدفئة يدرأ عن أبنائهم قر الشتاء.

تقول” أم منصور ” وهي أم لأربع أطفال” عبينا السنة الماضية برميل شال معنا شهرين، وبعدها صار حتى ورق الشمنتو مازوتنا وندفى علي ! السنة الله يعلم بالحال، هلق بنص آب البرميل ب60الف، لك حتى ورق الشمنتو يمكن ماعاد نحصل علي لان تركيا حطت ضرايب على دخول المواد من عندا “.

وتتابع بحرقة”انا مستعدة لشوب سنة كاملة ولابرد ليلة مافي شي دفي ولادي فيه”.

واقع تأمين تدفئة الشتاء مؤلم وهو هم يؤرق ليالي السوريين على امتداد المناطق المحررة، ويجعل لياليهم تلتهب أكثر من وقع موجات الحر المتوالية.

ويبقى الأمل وحده قوتا يحدو معيشتنا بأن يكون الغد أفضل.

شاديا الراعي -المركز الصحفي السوري.

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist