برعاية زوجي العاجز

تتصدر نداءات الاستغاثة في الشمال السوري عناوين الصحف، احصائيات وندوات وتوصيات وتصل القضية إلى أروقة الأمم المتحدة والدول المانحة، ولكن لا مجيب لثلاث نساء يقطعن يومياً مسافة عشرين كيلو مترًا للعمل.

 

السكن

 

تقول “أم محمد”، أسكن أنا وجارتي أم عبدو، وهذه ابنتي الكبيرة عمرها عشر سنوات في مخيم احتيملات، كنا في مخيم الدفاع المدني حول مارع، في خيم من شوادر بلاستيكية، قبل تجميع المخيمات في هذا السجن الكبير.

في مارع كانت الحياة أيسر داخل المدينة، فهناك ورشات في البيوت والمسافة قريبة، كنا نعمل بها، وكان وضع المنظمات أفضل، تعيننا على تدبير شؤون الحياة، قالوا لنا سننتقل إلى مخيم الكرفانات.

 

العوز:

 

نعمل هنا منذ سنة في ورشة لتعبئة “ليفة السنار وريتكس” أنا زوجي متوفي ولا معيل لي وأم عبدو زوجها عاجز.

 

تضيف” أم عبدو” زوجي مقعد في الخيمة، بعد أن بترت ساقه إثر قذيفة، قبل نزوحنا كان يشرف على زراعة أرضه ونعيش منها،

 

في مخيم مارع كانت المنظمات تعمل بشكل أفضل، فسلل إغاثة ومياه وخبز مجاني، وأهل الخير من مارع كنا بين أعينهم،

فيتفضل علينا بعضهم من محاصيل البطاطا والفول، وكنت أعمل ولكن بشكل متقطع، وقليل.

 

العمل

 

وتكمل أم محمد، في مخيم احتيملات توقفت عنا الإغاثة بشكل كامل، أول أيام سكننا وعدونا اليوم وغدًا، ولم نر شيئًا، صبرنا

الشهر والشهرين ونصف سنة، بعت بطارية الخيمة ولوح الطاقة فظلم الجوع أشدّ من ظلام الليل، حتى اضطررنا للخروج والبحث عن عمل.

 

صاحب العمل

“ماهر أبو حسين” أيضا مهجر من ريف ادلب الجنوبي، يقول هذه المهنة تحتاج عمال تعبئة، وغالبًا ما يكون عمالها من النساء

والأطفال، ولكن الأجور ولادية، أي قليلة، لأن العمل سهل، والمنتج قليل الربح، وكساد في الأسواق.

 

الرحلة اليومية

 

ويكمل “أبو حسين” نبدأ عملنا التاسعة صباحاً، وننتهي الرابعة مساءً، بأجر 35 ليرة يومية للعامل، أعرف صعوبة المشوار اليومي عليهن، ولكن ليس بوسعي أكثر من ذلك.

 

وتكمل أم عبدو نخرج الثامنة من المخيم لنصل في الوقت المحدد، وأحيانا نتأخر، ننتظر أي سيارة عابرة لتحملنا معها.

 

الأطفال:

لديّ خمسة أطفال بين العاشرة والأربع سنوات، أتركهم برعاية زوجي العاجز، نفطر سويا قبل ان أخرج من المنزل، وعندما أعود أطبخ لهم ما تيسر، أو نأكل مما بقي من غداء يوم سابق.

 

في الخيمة

 

لوحة سريالية تجمع الفقر بالبؤس بالانتظار، يجلس “حسن أبو عبدو” ذو الأربعين عامًا وحوله خمسة أطفال، ينتظرون ما يسكت جوعهم ويجبر نفسهم بكلمة حنان من أمهم الغائبة.

 

صمت الرجل وصفناته تنبي عن حجم الألم الذي ينخر صدره، بأن يقعد شاب وينتظر امرأته أن تعيله وتعيل أطفاله.

 

الجيران

 

تقاربت المعاني مع اختلاف تعابيرهم وأجمعوا، أنّ النظام الذي شردهم والعالم المتحضر الذي خذلهم، يتحملان ذنب طفلة في

العاشرة من عمرها، تمشي كل يوم عشرين كيلو مترًا، لا لتدرس مع بنات صفها وتلعب، بل لتعمل مع أمها تساعدها في إطعام

أخواتها الأخريات، وجارتها التي تركت أبناءها برعاية أب عاجز.

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist