تين وزيتون كفرنبل يموت عطشا
كفرنبل مدينة وناحية إدارية تابعة لمنطقة معرة النعمان في محافظة إدلب، تقع غربي المعرة 13 كم، بلغ عدد سكانها 15.455نسمة في 2004، حسب إحصاء المكتب المركزي.
تشتهر المدينة بزراعة الأشجار المثمرة، خاصة التين والزيتون حيث يعيش من مواسم هذين المحصولين ثلثا العوائل الموجودة فيها، خاصة بعد أن ارتفع ثمن التين وزيت الزيتون كثيرا هذه الأيام.. مثلها في ذلك مثل كثير من المواد الغذائية والسلع الأخرى.
وقد ترافق ارتفاع أسعار هذين المحصولين بمشاكل كثيرة، تعرضا لها حتى أصبحا مهددين بخطر الزوال مستقبلا، خاصة إذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه.
سنوات الجفاف التي مرت على المنطقة خاصة في خضم الثورة جعلت أشجار التين والزيتون ضعيفة الإنتاج مصفرة الأوراق مصابة بعدد من الأمراض (حب الزيتون صغير جدا، ومتجعّد) فهي تعتمد على مياه الأمطار (الري بعلا) وحتى إن فكرنا بالسقاية فالتكاليف باهظة وخاصة أن المدينة تشرب من المياه الجوفية عبر الآبار الارتوازية.. وقد زادت أسعار المياه في السنوات الأخيرة بسبب غلاء المحروقات، ويشتكي الأهالي هناك بأن تكلفة مياه الشرب والاستخدام المنزلي كبيرة، فكيف بالسقاية؟!
أيضا كان للحرب دور بارز، فقد كانت فترة تواجد حواجز النظام في كفرنبل فترة سوداء أثرت في الزرع والضرع، حيث تضررت الكثير من الأشجار، ومرضت نتيجة الرصاص الطائش المتفجر أو نتيجة للقصف الجوي والبراميل المتفجرة، بما ينبعث عنها من غازات، وفي هذا الصدد تقول “أم عدنان” أرملة في الستينات من عمرها، معروفة بحبها للأرض ونشاطها الدائب فيها: “كان الحاجز قبالة بيتنا، وبيتنا وسط الزيتون(البستان) ولما كانت تصير الطقطقة مع الثوار، خاصة الرش بعد ما يقنص إسماعيل الشمعة وترفع يديها للأعلى داعية-الله يتقبله من الشهداء- شي عسكري كان ينصاب شجرنا كتير، الأغصان كلها تكلخت (تكسرت أغصانها) ويبست وحب الزيتون صار ضعيف كتير، النا موسمين بيجيب الكيس 6لتر، بعد ما كان يجيب 14لتر).
كما أن الحرب جعلت تأمين مستلزمات الزراعة؛ المبيدات الحشرية والسماد اللازم أمرا صعبا وباهظ التكلفة، يقول”فراس المنصور” المهندس الزراعي والمدرس في كلية الزراعة بجامعة حلب “تعرضت مساحات واسعة من أشجار التين في هذا العام إلى إصابة شديدة بآفة خطيرة، هي حلم التين والعنكبوت الأحمر، تؤدي الأعراض الشديدة إلى تساقط كامل للأوراق، وتشوه للثمار، وعدم النضج”، ويتابع المنصور “يُنصح بالرش بالمبيدات المختصة وأن تكون المكافحة جماعية، في المناطق المصابة، علينا مناشدة الجهات المختصة، لوضع خطة لاستئصال هذه الآفة، لأن التهاون في مكافحتها قد يهدد مستقبل زراعة التين في كفرنبل”.
وهكذا نرى أن القطاع الزراعي في سوريا ليس بأحسن حالا مما هي عليه باقي القطاعات البشرية في سوريا، فكفرنبل هنا مثال لا أكثر، ولا ننسَ محاصيل ريف حماة وأراضي خان شيخون ذات المياه الوفيرة، وسهول الزربة مرورا بذهب الغاب ومحاصيله، كيف أثرت عليها سنوات الحرب الست، فقد أقدم النظام على اتلاف محاصيلها، والتقليل من الإنتاجية، بالحرق تارة والحصار تارة أخرى، وبقطع طرق المواصلات مرارا.
تين وزيتون كفرنبل يستغيث ومحاصيل سوريا في حال أسوأ، البلد يتجه إلى فجوة غذائية كبيرة بعد أن حقق الاكتفاء الذاتي لسنوات عدة، بل واشتهر بالتصدير.. فهل من مجيب! فهل من خطة لدى المنظمات المحلية أو الدولية، لمساهمة في الحد من هذا الخطر المحدق، وهل لدى الحكومة الانتقالية المقدرة على مواجهة المجاعة إلى جانب الحرب الدائرة مذ سنوات.. سؤال برسم كل من يهمه الأمر؟
شاديا الراعي- المركز الصحفي السوري