زمان الوصل:
قبل أزيد من عشرين عاما اعتقل نظام حافظ “والد بشار” الفارس عدنان قصار، لأنه كان “الفارس الذهبي” الحقيقي، وليس الرائد الركن المظلي الفارس باسل حافظ الأسد!
عدنان قصار عاد إلى الواجهة اليوم، بعد أن أطلق من سجون النظام ونال حريته، ومعها لقب عميد المعتقلين الرياضيين في سوريا، إلى جانب لقبه الرسمي كابتن المنتخب السوري للفروسية بحسب ما انفردت به “زمان الوصل”…
بدأت مأساة “قصار” مع نظام الأسد ذات يوم من عام 1993، حيث طوقته عناصر من أمن النظام وهو يهم بالخروج من نادي الفروسية بعد انتهاء تدريبه اليومي، وعلى الفور تم اعتقاله بتهمة حيازة المتفجرات ومحاولة اغتيال باسل الأسد!، وتم تحويله للأمن العسكري ومنه إلى سجن تدمر.
قبل عام من اعتقاله بدأ بوادر التوتر ترتسم في علاقة “القصار” بـ”باسل”، فخلال الجولة النهائية لبطولة الفروسية بالدورة العربية ارتكب ابن حافظ الكبير العديد من الأخطاء ضمن منافسة الفرق، ثم جاء “قصار” ليختتم الشوط بدون أخطاء، ويساهم بفوز المنتخب السوري باللقب، ومن هنا بدأت يظهر الوجه الحقيقي لـ”باسل” تجاه “زميله” الذي يتولى كثيرا من المهام بحكم كونه “كابتن” منتخب سوريا للفروسية. وهو ما لم يرق لابن حافظ فبدأ يتدخل في مهام “الكابتن”، ولما رأى علائم الانزعاج وعدم الرضوخ بادية من “قصار” قام باسل باستخدام سلطاته وسلطات أبيه المطلقة لتدبير تهمة كبيرة بحق “قصار” وتغييبه في السجن، لضمان غيابه عن مشهد الفروسية بشكل كامل!
ولأن نظام الأسد اعتاد “إكرام” المتميزين، فقد اختار أن يودع “قصار” في أقذر سجن عرفته سوريا بل والمنطقة كلها، وهو سجن تدمر، دون ان يكلف النظام نفسه حتى بإجراء محاكمة ولو صورية لـ”قصار”.
ويقال إن “باسل” أرسل إلى “قصار” لرسالة فحواها: “لولا الخبز والملح لأمرت بإعدامك.. لكنني سأعفو وسأكتفي بسجنك”!
لكن الاعتقال لم يكن نهاية المطاف في مسرحية الثأر التي يتقن آل الأسد لعب أحط أدوارها، فبعد عام من اعتقاله تقربيا وفي يوم مصرع باسل الأسد بحادث سيارة، قام زبانية النظام بتكبيل “قصار” ووضعه في كيس خيش ورميه في ساحة سجن تدمر، والتعاقب على ضربه ساعات طويلة، ما تسبب له بكسور في مختلف أنحاء جسده، قبل أن يضعوه في زنزانة انفرادية، وبقي قصار يتعرض لنفس حفلة التعذيب في نفس اليوم من كل عام تقريبا، دون أن يعلم “قصار” سبب هذه الهمجية المفرطة تجاهه، حتى عرف بعد مرور 5 سنوات أن حفلة تعذيبه تصادف ذكرى هلاك باسل.
لم يتخلص “قصار” من طقوس التعذيب ومن أجواء سجن تدمر الوحشية، حتى سنة 2000 وهي السنة التي اعتلى فيها بشار سدة الرئاسة والتي ورثها عن أبيه، ومهد له طريقها مقتل أخيه باسل!، ففي هذه السنة تم تحويل “قصار” من “تدمر” إلى سجن صيدنايا حيث توقف تعذيبه هناك، وتمكنت عائلة فارس فرسان سوريا من زيارته لأول مرة، ويبدو أن هذا جعلهم يتأملون خيرا، فقدموا طلبا لإطلاق سراح ابانهم، فكان رد بشار الأسد في منتهى الوقاحة، قائلا: “من حبسه هو الوحيد الذي يمكنه أن يطلق سراحه” في إشارة إلى استحالة ذلك، لأنه الذي أمر باعتقاله هلك.
“أبو توفيق” الذي كان فارسا في ميدان الرياضة، ظهرت أخلاق فروسيته في سجون آل الأسد، فبذل جهودا لتعليم بعض المعتقلين اللغة الأنكليزية، بصفته خريج أدب انكليزي من بريطانيا. كما استغل الفراغ القاتل في “مغازلة” الخيول التي حرمه آل السد من امتطائها، فكان يرسم الخيول بالفحم أو ينحتها على قطع الصابون.
بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، وضمن مسلسل نقل السجناء من مكان لآخر، تم نقل “قصار” من سجن صيدنايا إلى معتقلات أخرى، قبل أن ينتهي به المطاف في سجن عدرا.