قادتهم الحرب إلى تركيا ,وأجبرتهم على ترك منازلهم ,والعيش في ظروف صعبة وحرمان دائم .
فما عادوا يحملون من طفولتهم سوى الاسم فقط ,غابت عن ملامحهم الابتسامة وحلت مكانها ملامح البؤس والشقاء ,وأصبح الشارع هو الملاذ الواسع والمخيف لهؤلاء الأطفال .
آية .. طفلة سورية في العاشرة من العمر ,دفعتها سوء الأحوال الأمنية إلى الهروب مع عائلتها إلى مدينة الريحانية جنوب تركيا لتنال من الغربة أمرّ ما فيها ,وتتخذ التسول والتجول في الشوارع عملاً لها ولأخواتها الأربعة .
ليس هم فقط ،بل الكثير من الأطفال يتجولون في الشوارع للبحث عن إحسان السيارات والمارة ويلتقطون ماتيسر لهم , مشاهد تدمي القلب والعين.
التقيت ببعض منهم في الأيام القليلة الماضية .
كانوا متلهفين جداً للحديث عن حياتهم وعن عملهم اليومي من تسول وبيع محارم ,ومسح سيارات وكم كان هذا شاقاً ومتعباً عليهم .
لكن الفقر والأزمات الاقتصادية ,وإهمال الأهل أجبرهم على هذا ولم يملكو خياراً آخر.
فبعض أرباب العمل يستغل حاجة الأطفال ,و ذويهم للعمل في ظروف لا تناسب أعمارهم
ووفقا للأرقام الرسمية التركية فإن 60% من الأطفال السوريين ضمن سن التعليم الإلزامي لم تتوفر لهم الظروف الملائمة لاستكمال التعليم , ويبلغ عدد الأطفال السوريين المحرومين من التعليم 390 ألف طفل من أصل 650 ألف من أطفال اللاجئين السوريين في تركيا.
أما من الناحية القانونية ,فإن قانون العمل التركي يحظر عمل الأطفال تحت سن 15 ويفرض عقوبة السجن لعام كامل بحق أرباب العمل الذين يُشغّلون الأطفال ,كما يُغرّم صاحب العمل بمبلغ يتجاوز 350 دولار أمريكي ,فضلاً عن العقوبات التي تطال ذوي الأطفال العاملين .
لذا تبقى الحاجة ملحة أن تقوم المنظمات التركية والتطوعية والسورية ببدء خدماتها وبرامجها لهذه الفئات للمساهمة في إعادة دمجهم في المجتمع ,وتأهيلهم نفسياً بسبب الصعوبات والأزمات التي مروا بها .
لكن بالرغم من هذا كله كانت أعينهم مليئة بالأمل و تتطلع لمستقبل أفضل و تغيير قريب
ف ” طاهر” بائع المحارم الصغير يحلم أن يصبح مهندساً و” يوسف ” يريد أن يصبح معلماً .
أما ” آية ” تحلم أن تكون ممرضة لتعالج مرضى و مصابين الحرب من أبناء وطنها .
يوماً بعد يوم تتناقص فرص إنقاذ أطفال الشواع من براثن التسول والفقر ,و إنقاذهم مسؤولية تقع على عاتقنا نحن أولاً كسوريين نتقاسم هم الغربة ,ونعيش الألم ذاته .
وأخيراً يظل الحل الشافي لهذه الآفة ,هو مكافحة الفقر ,و الجوع وشدة الحاجة .
المركز الصحفي السوري- لبنى الحجي