حذر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأربعاء من “تصعيد خطير” إذا تم إرسال قوات برية إلى سوريا في تصريحات موجهة لدول عربية سنّية قالت إنها مستعدة لاتخاذ هذه الخطوة.
وتأتي تحذيرات العبادي متناسقة مع تحذيرات سابقة أطلقتها وفي وقت سابق هذا الأسبوع واحدة من أقوى الفصائل العراقية الشيعية المسلحة المدعومة من إيران والذي أرسلت مقاتلين بالفعل لدعم قوات الرئيس السوري بشار الأسد، من أن إرسال قوات عربية إلى سوريا أو العراق سيفتح “باب جهنم”.
والاربعاء قال وزير الخارجية السعودي إن بلاده ستكون مستعدة لإرسال قوات خاصة للقتال بينما تشن القوات السورية مدعومة بضربات جوية روسية هجوما كبيرا على المعارضة في محيط مدينة حلب.
وحققت الحملة الحكومية في حلب مكاسب ميدانية وقطعت خطوط إمداد عن جماعات معارضة تحارب للإطاحة بالرئيس بشار الأسد وتدعمها السعودية ودول خليجية أخرى.
ونقل بيان على موقع العبادي على الإنترنت قوله خلال زيارة لروما “دعا الدكتور حيدر العبادي إلى حل سياسي للأزمة السورية وعدم إرسال قوات برية إليها لأن ذلك سيؤدي إلى تصعيد خطير للأزمة.”
وقالت الإمارات الأحد إنها مستعدة لإرسال قوات برية للمساعدة في دعم وتدريب تحالف عسكري دولي مناهض للدولة الإسلامية في سوريا شريطة أن تقود الولايات المتحدة هذه الجهود.
وطالبت فصائل سورية معارضة الاربعاء الرئيس الأميركي باراك أوباما باتخاذ موقف أكثر صرامة لوقف حملة القصف الجوي التي تشنها روسيا في سوريا مع تنامي الضغط على واشنطن قبل جولة جديدة من مباحثات السلام هذا الأسبوع.
ومن المقرر أن تجتمع القوى العالمية في ألمانيا الخميس في محاولة لإحياء أول محاولة في عامين لإنهاء الحرب عبر طاولة المفاوضات بعد بداية متعثرة الأسبوع الماضي.
لكن مع دعم موسكو لمحاولات الحكومة السورية لتحقيق انتصار عسكري كامل على فصائل المعارضة المدعومة من الغرب يبدو الأمل ضعيفا في حديث ممثلي المعارضة ومسؤولين غربيين.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم المعارضة السورية إن أوباما قادر على وقف الهجمات الروسية. لكن المسلط لم يحدد كيفية لذلك.
وأضاف “إذا كان أوباما يرغب في إنقاذ أطفالنا فهذا هو وقت قول لا لتلك الغارات على سوريا.”
ويسعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل لوقف إطلاق نار ولإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية قبل اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ.
وقالت موسكو إن كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اتفقا الأربعاء على الحاجة لوقف لإطلاق النار في سوريا ونقل مساعدات إنسانية للمناطق المحاصرة.
روسيا تخدع كيري
لكن مصدرا دبلوماسيا بالأمم المتحدة قال إن روسيا “تخدع كيري” بغرض توفير غطاء دبلوماسي لهدف موسكو الحقيقي وهو مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد على تحقيق انتصار في ميدان المعركة بدلا من تقديم تنازلات على مائدة المفاوضات.
وقال المصدر الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن هويته “من الواضح للجميع الآن أن روسيا لا تريد في الواقع أي حل تفاوضي إلا ما يتيح للأسد تحقيق النصر.”
وقالت بثينة شعبان مستشارة الأسد في دمشق الثلاثاء إن هدف الجيش من العمليات العسكرية الجارية في شمال البلاد هو تأمين الحدود مع تركيا وإعادة بسط سيطرته على مدينة حلب مضيفة أنها لا تتوقع نجاح الجهود الدبلوماسية ما دامت هناك دول “تدعم الإرهاب في سوريا”.
وردا على سؤال حول أقرب موعد محتمل لوقف إطلاق النار قال دبلوماسي روسي طلب عدم الكشف عن اسمه “ربما في مارس/آذار، أعتقد ذلك.”
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن موسكو أرسلت لواشنطن خطابا هذا الأسبوع تعرض فيه وقف القصف في مطلع مارس/آذار وهو ما سيمنحها ثلاثة أسابيع أخرى.
الصراع على حلب
وحدد مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميتسورا 25 فبراير/شباط موعدا لعقد جولة جديدة من محادثات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف.
لكن في أقل من أسبوعين تسبب تقدم القوات الحكومية السورية وحزب الله والميليشيات الشيعية التي توجهها إيران وكلها مدعومة بضربات جوية روسية، في اختلال ميزان الحرب. وحوصر مقاتلو المعارضة داخل حلب المقسمة الآن بين الحكومة والمعارضة.
ودق هذا ناقوس الخطر بين مسؤولين غربيين ومن الأمم المتحدة يعتقدون أن هدف الحملة الروسية السورية الإيرانية هو تدمير مركز المعارضة التفاوضي في جنيف وقتل المعارضين في الميدان وتأمين أول انتصار عسكري كبير منذ بدأت موسكو قصف قوات المعارضة في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015.
وقال دبلوماسي غربي “سيكون من السهل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار قريبا لأن المعارضة كلها ستكون قد ماتت. هذا وقف إطلاق نار فعال للغاية.”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء إن 500 شخص على الأقل قتلوا من جميع الأطراف خلال المعارك بمحافظة حلب منذ بداية هجوم للجيش السوري والقوات المتحالفة معه في أوائل فبراير/شباط.
وذكر مسؤولون غربيون آخرون أن كيري بالغ في تقدير نفوذه وقدرته على إقناع الروس. وقالوا إن وزير الخارجية الأميركي يعتقد في ما يبدو بما أنه حقق ما اعتبره البعض مستحيلا بإبرام اتفاق نووي مع إيران، انه يستطيع أن يفعل ذلك مع سوريا.
وأشاروا إلى أن الحالتين مختلفتان. فمع إيران كانت روسيا تريد الحل السياسي بينما في سوريا تضغط موسكو من أجل انتصار عسكري للحكومة السورية.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير “الروس يلعبون لعبة القط والفأر مع كيري.”
وقال مسؤولون غربيون إنهم رغم أنه لن يكون من الصعب إقناع روسيا بالموافقة على زيادة المساعدات فإن موسكو ليست ملتزمة بشكل واضح بوقف شامل لإطلاق النار من شأنه أن يوقف الزخم العسكري لصالح الجيش السوري وداعميه الإيرانيين.
وتتوقع الحكومة السورية رغم تقدم قواتها في محيط حلب أن تكون المعركة صعبة. وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي إن معركة حلب لن تكون سهلة لأن جماعات المعارضة المسلحة هناك كبيرة ومدججة بالسلاح، لكن الحكومة لا تتوقع معركة طويلة للسيطرة على المدينة التي أصبحت نقطة مركزية في الحرب.
وقال الزعبي إن السعودية لن تستطيع تحمل النتائج إذا قررت إرسال قوات إلى سوريا كجزء من أي عملية ضد تنظيم الدولة الاسلامية بقيادة أميركية واصفا ذلك بأنه “مقامرة ومغامرة كبيرة”.
وحلب أكبر مدن سورية ومركزها الصناعي قبل بدء الحرب في عام 2011.
ورفض الوزير السوري التكهن بمدة زمنية للحملة العسكرية لكنه قال “أنا لا أعتقد أن معركة حلب ستطول” واصفا إياها بأنها مهمة “لأنها عملية تجفيف منابع الإرهاب القادم من الشمال من داخل الأراضي التركية.”
وذكر وزير الإعلام أسماء جماعات قال إنها تلقت صواريخ تاو الأميركية الصنع المضادة للدروع بالإضافة إلى جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية قائلا “هناك مجموعات إرهابية كبيرة. هناك لواء السلطان مراد ولواء السلطان سليم والكتيبة الألبانية والكتيبة الشيشانية والحزب التركستاني ذو الأصول الصينية. كلهم متمركزون هناك.”
وأضاف “لديهم صواريخ تاو لديهم دبابات لديهم مصفحات لديهم عبوات ناسفة لديهم الكثير من السلاح.”
وفي الوقت الذي تواجه جماعات المعارضة المسلحة ضغوطا في محافظتي اللاذقية وحلب لم تشن القوات الحكومية بعد أي هجوم كبير ضدهم في محافظة إدلب التي تقع أيضا على الحدود التركية وتعد معقلا لجماعات مسلحة بما فيها جبهة النصرة.
وقال الزعبي إن استعادة السيطرة على إدلب تمثل هدفا لكنه أشار إلى أن الهجوم هناك قد لا يكون وشيكا قائلا “إدلب من ضمن أهداف العملية العسكرية في كل الأحوال. العملية العسكرية الكلية. لكن في وقتها سيكون لها خطة خاصة بها.”
وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء إنه قد تنقطع الإمدادات عن مئات الألوف من المدنيين في حال تطويق أحياء حلب التي تسيطر عليها المعارضة.
افتراضات خاطئة
وقال كريستوفر هامر المحلل في معهد دراسة الحرب “لطالما كانت السياسة الأميركية تستند على افتراضات خاطئة. الافتراض الخاطئ الأساسي هو أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في سوريا.”
وتابع “نظام الأسد ليس مهتما بالحل السياسي. الروس ليسوا مهتمين بالحل السياسي. إيران ليست مهتمة بالحل السياسي. حزب الله ليس مهتما بالحل السياسي.”
وتقول روسيا إن ضرباتها الجوية تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية وليس المعارضة المدعومة من الغرب لكن مسؤولين أميركيين وأوروبيين يقولون إن هذا غير صحيح.
ورفض الكرملين مزاعم بأنه تخلى عن الدبلوماسية من أجل حل عسكري للأزمة قائلا إنه سيواصل تقديم دعم عسكري للأسد لقتال “الجماعات الإرهابية” واتهم معارضي الأسد بالانسحاب من المباحثات.
ولم تخف السعودية وقطر وتركيا رؤيتها بعدم وجود جدوى من التفاوض في ظل استمرار القصف الروسي وتقدم الجيش السوري على الأرض.
وعلى الجانب الآخر تعتقد طهران أن السعوديين وليس إيران أو روسيا أو الأسد هم العقبة الكبرى أمام السلام.
وقال مسؤول بارز مشارك في محادثات السلام السورية “هناك بعض الدول التي لا ترغب في عودة السلام إلى سوريا.”
ميدل ايست أونلاين