الأول من يناير (كانون الثاني) 2018
بقلم الكاتب محمد فخري جلبي
في زماننا ، صُدِّقَ الكاذبُ، وكُذِّبَ الصادقُ، واؤتُمِنَ الخائنُ، وخوِّنَ الأمينُ، وتكلَّمَ الجاهلُ، وسكتَ العالم !! وبات للأقنعة محلات فاخرة تتباهى بصناعتها المقيتة ، وللجامعات فروع تمنح منتسبيها شهادة النفاق من الدرجة الأولى ، وتولى زمام قيادة المجتمع البشري لحثالة البشر ، فقد ولى زمن الأخيار إلى دون رجعة .
وماهي إلا بضعة أيام قليلة ويبدأ سكان العالم الغربي بمراسم أحتفالية باذخة تخص توديع عام 2017 وأستقبال عام جديد ، فهناك ( في العالم الغربي ) يحكم قواعد الحراك الأنساني ضوابط ومحددات تخلق ظروف مثالية وأحوال مواتية تتيح للجنس البشري تحقيق أهدافه وتطلعاته بكل أريحية مما من شأنه
خلق أجواء من الفرح والأبتهاج أحتفاءا بما تم أنجازه خلال عام من المثابرة والأجتهاد ، وبينما تبقى المسافة بين ماتراه الشعوب الغربية وبين أنظمتها قريبة جدا وتتقاطع في عدة نقاط يعاني سكان المجتمعات الضعيفة من أتساع الشرخ وتباعد المسافات بين مطالب الجماهير ورؤى الأنظمة الحاكمة التي تحمل على عاتقها تنفيذ أجندات الدول المتحكمة بمصائر تلك الدول .
وفي خضم الأكتشافات العلمية المتطورة التي رافقت هذا العام والتي ستنال الأطراء الصاخب من قبل صفوة المجتمع البشري في الجانب المضيء من العالم ، سوف تتعمد هذه الفئة السادية على عدم إبراز حالات التكلس والوهن التي أصابت ضمير المجتمع الدولي قياسا لتحركاته المعيبة تجاه مجمل المأسي والنكبات التي أصابت الجانب المظلم من كوكب الأرض ( والدول العربية تقبع في ذاك الجزء الكئيب من كوكبنا ) .
ومما لاشك به أيضا ، بأن العالم تحت قيادة تلك الفئة يسير بخطى ثابتة نحو الأسوء فيما يتعلق بضمير المجتمع الدولي الذي يعبر بوضوع عن رغبة صناع القرار في العالم على دفع عجلة الخراب في الدول المتواجدة ضمن مرمى أستهداف الدول الوازنة للدول الضعيفة أقتصاديا وسياسيا وفكريا ، مما يشي عن نوايا شيطانية ولاأخلاقية تسعى لتهميش وإجهاض حقوق ومتطلبات الكتلة البشرية الضخمة المتعلقة بنيل حصتها من الحياة كمعظم سكان الدول الغربية ؟؟
وبينما يفسر بعض المؤرخين والأكاديميبن تحركات تلك الدول الكبرى تجاه الدول المستهدفة لدواعي ومقتضيات سياسية مصلحية بحتة ، يساور سكان الجانب المظلم من العالم القلق حول ديمومة كونهم ضحايا تلك المعادلة اللاأنسانية ؟؟
عام يتبعه عام تزدهر الدول الغنية وتزداد تقدما ورفاهية على حساب الدول الفقيرة التي تتفشى بها الحروب والأمراض والتي يكتنف الغموض مصيرها تحت مظلة القانون الدولي الذي يفقتر إلى البعد الأخلاقي والأنساني والقانوني .
ولنمر سريعا على الأحداث التي ضربت جنبات دول الشرق الأوسط خلال هذا العام الذي يطوي صفحاته الأخيرة على عجل .
الجمهورية اللاعربية الروسية السورية ؟؟
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس أن قاعدتي طرطوس وحميميم الروسيتين في سوريا تشكلان عاملا هاما لحماية المصالح الروسية ، وأوضح أن هاتين القاعدتين ستبقيان على الأراضي السورية للعمل بشكل دائم، مشيرا إلى أنهما تشكلان عاملا مهما في حماية أمن روسيا ومصالحها القومية في أحد الاتجاهات الإستراتيجية الرئيسية !!
وبينما كان يزعم البعض من داعمي التدخل الروسي في الأزمة السورية فيما مضى بأن الحليف الروسي جاء بغية القضاء على التنظيمات الأرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش ، مضى أولئك إلى سحب تصريحاتهم من منصات التواصل الأجتماعي وتبرير ماعجزوا عن حذفه من خلال التملق للجانب الروسي بأحقيته بالبقاء ضمن الأراضي السورية من أجل أرساء حالة الأمن والأستقرار في عموم أرجاء الخريطة السورية والتي يعجز عن تحقيقها من أذاق الشعب ويلات التفكير بالخروج على الحاكم والمطالبة بأبسط الحقوق الأنسانية !!
ولعل تصريح وزير الخارجية الروسي لافروف والذي سبق أعلان بوتين الرسمي بأحتلال الأراضي الروسية يفضخ النوايا الأستعمارية للكرملين جراء التدخل بالملف السوري .
حيث قال وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، خلال اجتماعه في موسكو مع رئيس تيار الغد السوري، أحمد الجربا، الأربعاء، إن المعركة الأساسية ضد “داعش” في سوريا انتهت، وفقاً لتقرير نشرته وكالة “ريا نوفوستي” و”سبوتنيك” ؟؟ وهنا بالتحديد نترك المجال لجيش المطبلين للحليف الروسي من أجل الدفاع عن أنفسهم عقب طرد التنظيمات الأرهاربية وبحسب تصريح وزير الخارجية الروسي وبقاء الأخير كمستعمر لاينوي الرحيل !!
ولسخرية الأقدار والأحداث ، يرفض البعض من السوريين بقاء القوات الأمريكية ضمن الأراضي السورية في حين يبيحون بقاء القوات الروسية والتي توزع الحلوى على الأطفال السوريين بمناسبة أعياد الميلاد ؟؟
وبطبيعة الحال ، وعندما تكون الدولة تحت وطأة الأستعمار تتوجه الأنظار وتتموضع ألات التسجيل إلى جانب رجالات تلك الدولة المستعمرة من أجل التعليق على مجريات الأحداث فهي من تتولى مقاليد الحكم !!
وفي تاريخ يوم 10 من الشهر الجاري ، صرح وزير الخارجية سيرغي لافروف لوكالة نوفوستي اعتبر فيه أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا بعد القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية غير قانوني، ويشكل عائقا حقيقيا على طريق التسوية السياسية ويهدد وحدة البلاد !!
أما وبالنسبة لأتباع حزب الرياء والتبطيل والتأمل والتعويل ، فللأسف فهم مايزالون خارج أجواء المشهد العام لمستقبل الملف السوري ؟؟ وهنا نسلط الضوء على قادة المعارضة السورية بالتحديد الذين وبخوا الثوار على أستخدام البنادق ونصحوهم بخلع البدلات العسكرية وأستبدالها بالبزات الرسمية بغية الدخول في متاهات المفاوضات العديمة الفائدة ؟؟
وفي حال أنتصار الثورة السورية
وهذا يعد ضربا من ضروب الخيال فينبغي محاكمة النسبة العظمى من قيادة المعارضة السورية بسبب قيامهم بأدوار مشبوهة أدت إلى تحويل مسارات الثورة المجيدة إلى مهاترات أكاديمية من خلال جولات المفاوضات المتعددة !!
وإلى هنالك ، وبغية التهرب من مسار جنيف التفاوضي الذي انتهت جولته الثامنة إلى فشل ذريع ، يحاول الروس جاهدين من أجل التهرب من الشرعية الأممية اجتراح مسارات بديلة للقضية السورية برعايتهم ورعاية نظام الملالي الإيراني وتركيا ، فبدأوا باجتراح مسار أستانا ووصلنا إلى أستانا ٨ !! ولم يكن مفاجئا ما تمخض عنه اجتماع أستانا حول سوريا في نسخته الثامنة ، لأن الراعي الروسي، بوصفه اللاعب الأساسي الأقوى في معادلة الصراع على سوريا، أرداه أن يكون بمثابة محطة في قطار الذهاب إلى مؤتمر سوتشي، لذلك جرى الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر “الحوار الوطني السوري” في سوتشي يومي 29 و30 يناير/كانون الثاني المقبل .
ومن عربات جنيف المكشوفة إلى حافلات أستانا ذات الرائحة الكريهة تشنق أمال السوريين على منصات مؤتمر سوتشي القادم ، وبينما كان السوريين يحلمون بالأطاحة بحكم القبضة الأمنية للأسد وقلب نظامه الفاسد أصبحوا الأن يواجهون الجيش الروسي بكامل عتاده !!
وعقب قراءة سريعة لمجريات الثورة السورية نستخلص الدرس التالي ..
أن من يصبر على الضيم ولا يتمرد على الظلم يكون حليف البطل على الحق وشريك السفاحين بقتل الأبرياء ، وعلى الرافضين لتلك المقولة والراغبين بتعديل مسارات الأمور الخروج في ثورات تهدف إلى قلب نظام الحكم وتغيير الأوضاع المتردية الراهنة ، وأن تم لهم ذلك فينبغي عدم الركون إلى دبلوماسي المعارضة وقواديها ؟؟ فمن خلال الأزمة السورية تبين بأن رجال السياسية لايصلحون لقيادة الثورات وإنما يأتي دورهم عقب أنتهاء حملة البنادق من القيام بأعمال تصفية رجالات الأنظمة الجائرة .
وأتمنى فيما أتمناه ، أن تشكل الثورة السورية فيما بعد منارة سامقة للثورات العربية تعطي الأمل والعبر للأجيال القادمة .
الدول الخليجية تزيد من وتيرة التسلح عام 2017 ؟؟
من يراقب ويحلل الصفقات العسكرية الضخمة الموقعة بين دول الخليج والدول الكبرى يصاب بالدهشة والحيرة ، ولايجد علاجا ليسكن ظنونه المرضية سوى أعتناق فكرة بأن دول الخليج تنوي محاربة دول العالم مجتمعة ؟؟
حيث أعلنت وزارة الدفاع الأميركية ( بنتاغون ) قبل عدة أيام بيع 36 مقاتلة من طراز إف 15 إلى قطر في صفقة تبلغ قيمتها ستة مليارات دولار، على أن تسلم الطائرات نهاية عام 2022 ، وأوضح البنتاغون أن الطائرات ستصنع في منشأة شركة بوينغ في سانت لويس بولاية ميزوري .
كما كشفت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، عن توقيع عقد لصفقة ضخمة مع السعودية، حسب ما ذكرت وكالة “رويترز” ، وقالت وزارة: الدفاع البنتاغون “إن شركة (بوينغ) الأمريكية، فازت بعقد دفاعي أمريكي بقيمة 480 مليون دولار، لتقديم خدمات دعم وإصلاح للقوات الجوية في المملكة العربية السعودية” ، وأضاف البنتاغون، إنه بالإضافة إلى هذه الصفقة، وقعت شركة “لوكهيد مارتن” أيضا على عقد دفاعي أمريكي هائل، وصلت قيمته إلى نحو 945 مليون دولار، يتعلق بصواريخ “باتريوت” الأمريكية لقطر، والسعودية .
كما تعد باكورة الصفقات العسكرية مع دول الخليج تلك التي وقعها رجل الأعمال برتبة رئيس لدولة عظمى ( ترامب ، رئيس الولايات المتحدة ) مع الرياض والتي تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار ؟؟
وعلى مايبدو بأن دول الخليح ( دول النفط ) ارتأت عدم أستخدام ترسانة أسلحتها المهولة لأستعادة حقوق الشعوب العربية المغتصبة وأخرها تلك المتعلقة بسلب مدينة القدس من أحضان الشعب الفلسطيني ووضعها رهينة لدى الكيان الصهيوني المغتصب ومحاولتها ( الدول الخليجية ) البائسة بتسويغ ماجرى من خلال القفز فوق حواجز الحقائق عبر أشهار واقع نصر عقيم تلخص بالفوز بقرار غير ملزم صادر عن الجمعية العامة للأم المتحدة !!
وربطا بمواقف الدول الخليجية التي تتحدث بلغة عدوانية عن علاقتها بدول الجوار وممارسة الضغط الشعبي والأعلامي للنيل من تلك الدول ( الشقيقة ) ، مما هوى بتطلعات الشعوب العربية من الأستفادة من تلك الصفقات العسكرية من أجل أعادة الأمور إلى نصابها !!
وأخيرا ، والحديث يطول عن أوجاع الأمة العربية وتحركات أنظمتها المرتهنة للخارج والتي عادت بسيل من الأنتقادات الشعبية الصامتة تجاه تلك التحركات الملتوية لصالح دول النفوذ على حساب أرواح الأبرياء ، ساترك لكم المجال هذه المرة لكتابة خاتمة لهذا المقال وذلك بعد قراءة التقرير الأتي …
أشارت صحيفة غارديان إلى بيان منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) يلخص عام 2017 بأنه سنة وحشية للأطفال الواقعين في مرمى النزاعات ، وقالت اليونيسيف إن أطراف الصراعات كانت تتجاهل بشكل صارخ القانون الإنساني الدولي وكان الأطفال يتعرضون للهجوم بشكل روتيني ، وأضافت المنظمة أن الاغتصاب والزواج القسري والاختطاف والاسترقاق قد أصبحت أساليب اعتيادية في الصراعات في جميع أنحاء العراق وسوريا واليمن، وكذلك نيجيريا وجنوب السودان وميانمار .
قضايا ساخنة – مجلة الحدث