استدعت انعاكسات الأزمة السورية تضافر جهود السوريين أجمع، سواء المتواجد داخلها أو المغترب عنها منذ زمن بعيد أو قريب، في محاولة لإرساء الدعائم الاقتصادية المتبقية، أو لإعانة الشعب الذي بات أكثر من 80% منه فقير وفق منظمة الأسكوا.
أكد المحامي ماهر العطار لجريدة البعث التابعة للنظام في العام الماضي، “ضرورة وجود ضمانات قانونية وتشريعية للمغترب والمستثمر السوري تكفل له حرية استثمار أمواله مع شركائه في سورية، سواء أكان مستثمراً سورياً كقطاع خاص أو مع القطاع الحكومي العام”، لأن معظم الذين اغتربوا سابقاً لم يجدوا في المشاريع الاستثمارية المطروحة من حكومة النظام، عوامل لنجاح خططهم العملية على أرض الواقع من ناحية “الإدارة ونظام العمل” من جهة و”تحديث القوانين والتسويق لها” من جهة أخرى، فضلاً عن الضرائب والضغوط الكبيرة المضطرين لتنفيذها.
مبادرات عدة أطلقها المغتربون السوريون للنهوض بالليرة السورية التي انهارت مؤخراً بشكل كبير، فهبوط الليرة السورية أثر طردياً على معيشة الشعب السوري في زمن الحرب، مما جعل أموال المغتربين المصروفة للداخل تساعد بشكل غير مباشر في صمود الأفراد أمام الغلاء الفاحش لكافة المستلزمات الضرورية، بشكليها الفردي والجماعي، لذلك أطلق مجلس الأعمال السوري الإماراتي على موقع أخبار السوريين، مبادرة لجمع العملة السورية من بلاد الاغتراب، وإعادتها إلى الوطن، عقب عجز المؤسسات المالية والحكومية التابعة للنظام عن تدارك هذا الهبوط الحاد.
إلا أن أكثر الموارد المالية للمهاجرين مع اندلاع الثورة السورية، أضحت تصب في حساب عائلاتهم في الداخل السوري لأنها أحوج من النظام الذي سلب أرزاق الشعب على مدار خمسين سنة، فإما يأتي المغترب إلى سوريا حاملاً معه مبلغاً مالياً يعيل أسرته، أو يرسل حوالات بمبالغ كبيرة لإقامة مشروع صغير يستفيد منه عدد كبير من الأفراد.
سهام من مدينة إدلب تقول:” شهرياً يصلني من 50 إلى 100 دولار، من إخوتي في لبنان، لأستطيع تلبية حاجات أطفالي رغم ظروف الحياة الصعبة بما أنني المسؤولة الوحيدة عنهم، بعد وفاة زوجي مؤخراً “.
60 ألف شخص سوري في قطر وحدها، يقابلها الآلاف في السعودية بحسب ما ذكر الائتلاف السوري المعارض، لو أنها تزج مشاريعها ضمن الأراضي السورية من خلال تسليم إدارتها لمقربيها، بدلاً من إرسال مليارات الدولارات المجموعة باسم السوريين، والتي لا يصلهم منها إلا القليل وتتشتت معظمها بين رؤوس النظام كما فعلوا بالإغاثات الواردة إلى المناطق المحاصرة من قبلهم، و المستغلين لوضع الفوضى المنتشرة من جهات مختلفة.
أبو محمد أحد أهالي حي الوعر الحمصي الخارجين من الحصار يقول:” مئات آلاف الدولارات بُعثت باسمنا، لمن صرفت؟ فكل من يدعي إغاثتنا، هو من يسرقنا خفية أو علناً، جزء ضئيل لنا، وثروة هائلة لهم”.
مشكلة جديدة واجهت المغتربين الراغبين بمساعدة أهاليهم الماكثين في سوريا، أوقفتهم عن تحويل الأموال، ألا وهي رسوم التحويل المرتفعة نسبياً، والسرقات الكثيرة التي حصلت في بعض مكاتب التحويل، مثلاً تم إيقاف عمل مكاتب ” اكسبرس تورز ” في مختلف المحافظات التي كانت فعالة فيها، بتهمة سرقة مبلغ كبير تم تحويله من الخارج إلى سوريا.
” صيت غنى ولا صيت فقر ” مثل يلائم حالة الشعب السوري الذي أصبح العالم كله يتسول باسمه، فيبني جامع المال القصور، ويزداد الشعب السوري بؤساً في بحر الأكاذيب الإنسانية والصفقات الاقتصادية.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن