الطلاق.. ظاهرة تفرض نفسها بقوة في المناطق المحررة.. ما الأسباب؟

قيل: “أبغض الحلال إلى الله الطلاق”, ومن المعروف أن عقد الزواج هو عقد مقدس عند جميع الشعوب في العالم, وهو الأمر الهام الذي دعت إليه, وحضت عليه جميع الرسالات السماوية والكتب المقدسة, وقد بيّن الدين الإسلامي الحنيف أهمية الزواج وضرورته الحتمية لبناء الأسرة والمجتمع, وحدد هذه المسألة بمجموعة من السنن والقوانين وأطّرها بتشريعات واضحة وصارمة تحفظ الحقوق وتبيّن الواجبات لكل من الزوج والزوجة, وفي النقيض تعتبر حالة الطلاق, بمثابة إنهاء عقد الزواج وهي الحل الأخير للمشكلات والمعضلات التي تعترض مسيرة الحياة الزوجية لكل من الزوجين, وأيضاً تعتبر مسألة الطلاق هي مسألة حساسة لدى جميع المجتمعات على درجات اختلافها في الثقافة والدين, إلا إنها مسألة مباحة كحل أخير يضمن أيضا انفصال الزوجين مع حفظ الحقوق والواجبات المترتبة على كليهما, ومع ذلك يعتبر حل الطلاق هو حل غير مستحب لما له من آثار سلبية كبيرة تطال بنية الأسرة التي تعتبر النواة الأساسية لتشكيل المجتمع.
وفي سورية قبل الثورة, تحدثت العديد من التقارير والتحقيقات والتي قام بها مجموعة من الحقوقيين عن زيادة ملحوظة في حالات الطلاق مستندين إلى أرقام وإحصائيات صادرة عن دور القضاء والمحاكم الخاصة بالأحوال المدنية في مختلف المحافظات, فبعد عام 1995م ازدادت حالات الطلاق بنسبة 4 بالمائة عن النسب المئوية التي سبقت العام المذكور, أما بعد الثورة فقد أكدت مجموعة من التقارير غير الرسمية والتي قامت بها بعض المنظمات الحقوقية المحلية المستقلة أن حالات الطلاق تزداد يوما بعد يوم في المناطق المحررة كظاهرة مستغربة نوعا ما من قبل الأهالي أنفسهم والمعنيين بهذا الأمر.
يحدثنا المحامي محمد عقيل عن انتشار هذه الظاهرة في ريف حلب الغربي المحرر قائلاً: “للأسف انتقلت هذه الملفات المعنية بأمور الدعاوي الخاصة بمسألة الطلاق من محاكم الأحوال المدنية إلى المحاكم الشرعية المنتشرة في مناطقنا, ولكن الغريب في الأمر الزيادة الملحوظة في أعدادها يوماً بعد يوم, في ظاهرة من المفترض ألا تكون موجودة وسط ظروف الحرب, لأن مخلفات الحرب كانت ذات تأثير كبير على بنية الأسر السورية, وها نحن اليوم أمام ظاهرة أشد فتكاً بالأسرة والمجتمع وهي كثرة حالات الطلاق, لذلك أود أن أنوه إلى هذا الأمر داعياً الجميع إلى الوقوف عنده من أجل إجراء دراسات وبحوث شاملة تطال هذه المسألة بهدف إيجاد الحلول المناسبة لها, ولكن أستطيع أن ألخص لكم بعض الأسباب التي لاحظتها والتي تسبب انتشار هذه الظاهرة, منها التباين الواضح بين أعداد الذكور والإناث في المناطق المحررة ما أدى إلى تقوية رغبة الرجال بتجديد رغبتهم بالزواج حتى ولو كان على حساب طلاقهم من زوجاتهم, وأيضاً انتشار الفوضى الاجتماعية ونقص الوعي المجتمعي, ونقص فرص العمل والبطالة وانتشار الفقر بين أوساط الأسر التي أصبحت ضمن دائرة كبيرة من المشاكل الاجتماعية اللّامتناهية, إضافة إلى موجات النزوح الداخلي وما أحدثت من اختلاط مناطقي واضح”.
تقول إحدى الدراسات إن نسبة الطلاق ارتفعت في المناطق المحررة إلى نسبة تصل إلى حدود 11 بالمائة, في ظاهرة خطيرة تزداد مع تقادم شهور الحرب, ما يدفع الحقوقيين السوريين اليوم إلى توجيه نداء عاجل بضرورة تضافر الجهود لإيجاد الحلول المناسبة للحد من انتشار هذه الظاهرة التي تهدد أغلى ما نملك وهي الأسرة السورية.
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist