تتزايد تهديدات المسؤولين في الحكومة التركية بقرب ضرب وحدات الحماية الكردية في مدينة عفرين السورية وسط خلافات متواصلة بين موسكو وأنقرة حول مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في مؤتمر سوتشي، حيث تتطلع موسكو إلى مشاركته في المؤتمر، بينما تصر تركيا التي تصنفه منظمة إرهابية بوصفه الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني على رفض حضوره، الأمر الذي ربطه بعض المحللين بالتهديدات التركية التي اعتبروها مجرد حرب كلامية.
وفي هذا الإطار يعتقد الباحث في العلاقات الدولية محمد حامد في حديثه لـ«القدس العربي»، أن تركيا لن تضرب عفرين إلا بالتنسيق مع روسيا وضوء اخضر إيراني، حيث لدى أنقرة يقين بأن واشنطن لن تتخلى عن حليفهم الاكراد في سوريا.
ويضيف أن القضية الكردية لا تزال الشاغل الاول للامن التركي، حيث أن هناك موقفا تركيا صارما تجاه بناء أي كيان كردي في شمال سوريا، لكنه لا يرى الظروف مواتية لعملية عسكرية تركية في عفرين، حيث أن التفاوض في سوريا أصبح أولوية قصوى بين الدول الفاعلة والأزمة في طريقها للحل وفق قوله.
وأكد على أن سيطرة تركيا على عفرين أمر مهم بالنسبة لها، حيث ستمنع التمدد الكردي، وبالتالي ستنتهي فكرة إقامة دولة كردية، إلا أن أمريكا وروسيا ترغبان في تهدئة كل الملفات في سوريا بما فيها الملف الكردي.
التصريحات التركية
من جانبه قال المحلل السياسي السوري خليل المقداد إن تصريحات المسؤولين الأتراك الأخيرة بشأن عملية عسكرية ضد الاتحاد الديمقراطي الكردي في عفرين لا يعول عليها، منوهاً إلى أن التصريحات التركية على مدار السنوات السبع الماضية فيما يتعلق بشأن السوري كانت ذات سقف عالٍ، إلا أنها لم تترجم إلى أفعال على الأرض.
ويرى في اتصال هاتفي مع «القدس العربي»، أن التصريحات التركية تأتي من باب التهديد فقط، حيث أن الوقت مناسب لها، لأن الجميع يحتاج اليوم لتركيا من أجل إنجاز تسوية سياسية في سوريا.
بدوره قال الباحث في العلاقات الدولية جلال سلمي لـ«القدس العربي»: إن تركيا دولة إقليمية لا تجيد القوة او العون الذاتي الحقيقي لاتخاذ قرار اقتحام عفرين بدون توافق روسي أمريكي لا يلوح في الأفق في الوقت الحالي على الأقل.
الورقة الكردية بيد روسيا
ورأى سلمي أن الظروف السياسية والميدانية غير مواتية لعملية عسكرية تركية في عفرين؛ لعدة أسباب أهمها رغبة روسيا في ابقاء الورقة الكردية بيدها كاداة ضغط على تركيا، في إطار مسعاها للوصول الى عملية تسوية تواكب طموحها، وتركن روسيا الى الهاجس. ولفت إلى الولايات المتحدة ترفض مثل هذه التحركات التي تأتي في ضوء حاجة الولايات المتحدة لورقة ضغط في عملية التسوية. وأوضح أن الأصول الكردية لمدينة عفرين، لا تمنح تركيا اي حق شرعي لاقتحام هذه المدينة، بخلاف المدن الاخرى التي تتسم بعروبتها، وتمكن تركيا من سياق ذريعة مبدأ مسؤولية الحماية لها، بالإضافة إلى الحملة الإعلامية السوداء التي قد تهاجم الهوية التركية التي لا تحتمل مثل تلك الحملات التي أرهقتها اقتصاديا.
أما المحلل السياسي طلال الجاسم فيعتقد أن الضغوط السياسية قد تتحول إلى مناوشات في عفرين لكنه كما يعتقد انها لن تتحول إلى مواجهة حقيقية لأن الطرفين يعلمان بأن التكلفة ستكون باهظة.
وتوقع عودة المسار السياسي بين الأكراد والحكومة التركية الذي كان معمولاً به قبل الثورة السورية بالرغم من وجود توافق ايراني روسي تركي بالتنسيق مع النظام السوري إلا أن العقبة الأمريكية لن تسمح بذلك حالياً والاكراد سيقبلون بأمتيازات محدودة لأنهم يعلمون أن الامريكيين يمكن أن يتخلوا عنهم وفي هذه الحالة لن يستطيعوا مواجهة المحيط بالكامل.
ورأى الجاسم أن روسيا ستجد مخرجا مرضيا للطرفين وقد يكون ذلك مدخلا للعودة إلى طاولة المفاوضات، حيث علمنا أن الدعوات ستوجه بصفة شخصية لتجنب الغضب التركي لأن تركيا ممسكة بأوراق هامة، منها عدم إعطاء الايعاز للفصائل العسكرية والمعارضة المحسوبة عليها للمشاركة في مؤتمر سوتشي في الوقت الذي تتطلع فيه روسيا لحضورهم ذلك المؤتمر.
«القدس العربي»