حذّر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني الفريق الركن محمود عبدالحليم فريحات من “حزام بري” تطمح إيران إلى تركيزه يربط بينها وبين لبنان.
وأكد فريحات في حوار مطول بثته إذاعة البي بي سي البريطانية، مساء الجمعة، قلق الأردن من تقدم ميليشيات الحشد الشعبي باتجاه منطقة تلعفر غربي مدينة الموصل.
وهذا أول لقاء لفريحات مع وسيلة إعلامية غربية منذ توليه منصبه في أكتوبر 2016، كما أنه أول موقف يصدره مسؤول رفيع المستوى في الأردن حيال مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
ويعكس تحذير رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني وجود هواجس أردنية من أن الهدف من تولي الحشد الشعبي مهمة استعادة تلعفر الواقعة على الحدود السورية من داعش، ما هو إلا مخطط إيراني يهدف إلى تركيز حزام بري يبدأ منها ليمر عبر العراق فسوريا لينتهي بلبنان الذي تسيطر ذراعها الرئيسية حزب الله على مفاصل الحياة فيه.
والحشد الشعبي هو تحالف لميليشيات شيعية تشكل في العام 2014 تحت ذريعة مقارعة تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن سرعان ما كشف هذا التحالف عن وجهه الحقيقي وهو أنه ما هو إلا “جزء من مخطط إيراني” يستهدف المنطقة.
ومع انطلاقة معركة الموصل منذ شهرين تقريبا أنيطت بالحشد مهمة التدخل في بلدة تلعفر، تحت ذريعة منع فرار عناصر تنظيم داعش إلى داخل الأراضي السورية.
وأثار الأمر جدلا كبيرا آنذاك، حيث طالبت عدة جهات إقليمية بضرورة تحييد الحشد عن معركة الموصل وبخاصة تلعفر إلا أن الضغوط الإيرانية نجحت في فرضه كأمر واقع.
وتشكل بلدة تلعفر مسألة، غاية في الأهمية بالنسبة لإيران بسبب موقعها الجغرافي الذي يجعلها بمثابة محطة طريق مركزية تضمن استمرار وصول التجهيزات المادية والحشود البشرية القادمة من إيران إلى سوريا ولبنان.
ويتجاوز وجود ميليشيات الحشد الشعبي الأراضي العراقية حيث يسجل حضورها في العديد من المناطق السورية على غرار “عصائب أهل الحق” و”حركة النجباء” التي شاركت بقوة في معركة حلب التي حسمت لصالح النظام السوري الحليف لطهران.
وإلى جانب الميليشيات العراقية توجد لإيران ميليشيات باكستانية وأفغانية في سوريا أحدثت الفارق في أكثر من معركة ضد فصائل المعارضة هناك.
ويبقى حزب الله اللبناني القوة الأجنبية الضاربة لإيران حيث تعتبره ركيزة أساسية في أجندتها التوسعية بالمنطقة العربية.
ويستبعد متابعون أن تقدم إيران على إخراج هذه الميليشيات من سوريا، رغم أن هذا ركن أساسي في الاتفاق الروسي التركي الذي تمت صياغته للتمهيد للحل السياسي في سوريا، فتلك الخطوة ستنسف بالضرورة الحزام البري الذي حذر منه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني محمود عبدالحليم.
وهناك قناعة إيرانية أن الحرب على النفوذ بالمنطقة ستزداد شراسة وهي بالتالي لن تتراجع عن أجندتها وتثبيت موقع قدم لها في لبنان وسوريا المطلين على البحر المتوسط.
ومعلوم أن الصراع المسلح الذي اندلع في سوريا في العام 2011 حمل معه أبعادا مختلفة تتجاوز رغبة الشعب السوري في التحرر من دكتاتورية النظام القائم، وأحد جوانب هذا الصراع اقتصادي ومرتبط أساسا بملف الغاز.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد، في لقاء مع صحيفة “إيل جورنالي” الإيطالية، إن رد سوريا على قطر بـ”لا” لإنشاء خط الأنابيب “كان أحد العوامل المهمة التي أدت إلى اندلاع الأزمة”.
وأضاف “كان هناك خطان سيعبران سوريا، أحدهما من الشمال إلى الجنوب يتعلق بقطر، والثاني من الشرق إلى الغرب إلى البحر المتوسط يعبر العراق من إيران، كنا نعتزم مد ذلك الخط من الشرق إلى الغرب”.
ويقر الأسد ضمنيا هنا بأنه كان جزءا من مشروع إيران في مد نفوذها في المنطقة، وأن ببقائه سيضمن استمرار سوريا كحلقة من حلقات التمدد الإيراني.
ويتخوف محللون عرب من أن التحذير الأردني أتى متأخرا، وإن كان يبدي البعض الآخر أملا في أن تتمكن الدول العربية من تجاوز خلافاتها ووضع استراتيجية واضحة للتصدي للمشروع الإيراني الذي يوازي خطره تهديد التنظيمات الجهادية.
وجدير بالتذكير أن الأردن كان السباق في التحذير من اعتزام إيران إنشاء هلال شيعي يمتد من العراق مرورا بسوريا وصولا إلى لبنان. جاء ذلك في خطاب للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في ديسمبر عام 2004.
المصدر:صحيفة العرب