استمرار القصف وانعدام الأمن والطمأنينة، قادت الكثير من العائلات إلى النزوح والهجرة القسرية باتجاه مناطق يوجد فيها أمن وقليل من الاستقرار، رغم كل ما يعانيه النازحون من محن وهموم من الطفل الرضيع إلى الشيخ الكبير إلى أي حد أصبح بهم الحال، الوضع التعسفي يتفاقم دون حتى أدنى أنصاف للحلول.
كيف أصبحت الأنوثة في المخيمات وكيف تتعايش النساء بشكل عام والشابات بالأخص، في الحياة اليومية تكاد الخيمة هي البيت الآمن بعد الهروب من القذائف، غالبا ما تتكون الخيمة الواحدة، من بيت متكامل تقسم إلى زاوية مطبخ وحمام في آن واحد وفي زاوية أخرى توجد بعض الأغطية والثياب وما تبقى منها هو موضع يكفي لنوم شخصين تنام به العائلة وتستقبل الضيوف به.
وللنصيب الأكبر لحظه الجيد من يملك خيمتين متجاورتين إحداهما يستخدم مطبخ وحمام والأخرى تستخدم كغرفة للعائلة وللضيوف وما بقي من الفسحة بداخلها لباقي الأغراض.
أي معاناة تحمل هذه الخيمة، كيف تقضي صاحبة الخيمة أعمال المنزل اليومية، سنمضي دقائق في هذه الخيمة ، مع التكبيرات الأولى تصحو لتعد الفطور لها ولزوجها وأبنائها، تخرج إلى الموقد يبدأ عناء اشعال النار متجاهلة ما يحيط بها سواء كان صيف أو شتاء مطر أو شمس، وما أقسى لهيبها الذي لا يشعر به إلا من كان له الحظ من الشقاء، وهذا ربما أصغر تفصيل لاسيما ما تبقى من أعمال يومية كالغسيل وتنظيف للخيمة لأرضها الترابية وكل ما يحيط بها من تراب.
ربما لو كان العمل المنزلي فقط لوحده لكان الأمر سهلا عليها لكن ما إن تنتهي من أمور البيت لترتدي خمارها وتنتظر السيارة لتنضم إلى نساء المخيم في أعمال ضمن ورشات في كل المجالات إن كانت زراعية أو خياطة أو تنظيف أي عمل مقابل أجر بسيط لا يكفي لقوت يوم تطعم أطفالها اليتامى أو من أفقدت الحرب آباءهم نحو المجهول.
تترك تلك الأم أطفالها ضمن حدود الخيمة بين حباة التراب وأشعة الشمس حتى تعو من العمل، كيف يكبر هؤلاء الصغار في غياب أمهاتهم، إذا كان طفل رضيع فهو سيكون مرافق لأمه إلى العمل متحملا كل الظروف الجوية، أما إذا كان أكبر بقليل يبقى مع إخوته داخل الخيمة.
طفل المخيم لا حقوق له يعيش الحرمان بكل ما تحمله الكلمة ولا سيما حرمان الأبوين، هذه حال الأمهات في المخيمات فما هو حال الشابات وكيف ينتهي مصيرهن،
البداية هي الزواج والزواج هو النهاية السعيدة والبداية البائسة لكل فتاة من عمر الأربعة عشر وما فوق، فهي ترى فيه الخلاص من تسلط الأهل وظلمهم، بالمقابل هو بداية لحياة مشابهة لحياة الأم.
الخروج من المنزل لوحده يعتبر من الكبائر، تمنع من التعليم، تمنع من العمل في القطاعات الخاصة والعامة، يسمح لها العمل ضمن ورشات مع وجود مرافق من عائلتها ربما هذا ما يقودها إلى الزواج.
ضمن المخيمات تموت الأنوثة بكل ما تعنيه الكلمة فهي تتساوى مع الرجل في كل الأشياء، تعمل يدها بيده مع أعباء المنزل، في هذه تموت الأنوثة وتموت معها الروح أيضا.
بقلم : خديجة الدرويش