محمد الشامي – المركز الصحفي السوري
عندما خرج الشعب السوري بثورته، كان من نافل القول إنها ثورة على الفساد والمحسوبيات والبيروقراطية.
وكان لا بد لثورة أصيلة أن تمنح شعباً متعطشاً لمثالية مقبولة في المؤسسات، بعيداً عن ما نخر فيها من تراكمات سنين النظام الذي أوغل في جعلها منفعة شخصية لبعض الزمر، على حساب باقي طبقات الشعب.
ولكن مع الأسف لن تجد في واقع مجتمع الثورة ما يجعلك تنتشي بمدينتك الفاضلة التي تفترضها، فهنا أنت أمام مدينة محسوبيات وتحزبات وتهميش للكفاءات وتقديم لبعض المنتفعين الذين خدمتهم علاقاتهم وتواصلاتهم بغض النظر عن مستواهم وتحصيلهم العلمي وأهليتهم.
قابلنا إحدى الخريجات الجامعيات وسألناها عن موضوع التوظيف ولماذا لم تحصل على فرصة عمل فقالت لنا: “بعض المتقدمين عندهم واسطة وأنا ليس لدي واسطة ولا يوجد رقابة على هذا الموضوع ”
ولدى سؤالها عن دور الفصائل في عمليات التوظيف أجابت: ” ليس للفصائل دور بها الأمر ”
أما عن رأيها لحل هذه المشكلة فكان رأيها أنه: “يجب أن يكون هناك خبراء ولجنة تبحث في هذا الموضوع”
خريج آخر غير موظف لم يجاوز فرضية الواسطة في التوظيف، لكنه أضاف سبباً آخر في عرقلة الحصول على الوظيفة وهو الشهادات المزورة، فبعض الأشخاص يزورون شهادات وعن طريق علاقاتهم يحصلون على فرصة عمل أما أصحاب الكفاءة العلمية الحقيقية فيهمشون.
بدوره قال خريج من كلية الرياضيات إن السبب بكونه غير موظف هو أن المنظمات يعتمدون على المعارف ويوظفون أقاربهم واقترح تشكيل وحدة رقابة أمنية على المنظمات لحل هذه المشكلة.
ورأى بعض من قابلناهم ضرورة تشكيل لجنة لمعرفة الشهادة المزورة وأنه يجب على مجلس التعليم العالي أن يضع المنظمات تحت رقابته.
مشكلة أخرى يمكن للمتابع أن يلاحظها وهي سيطرة بعض أصحاب العلاقات الذين لا يحملون أي شهادة تعليمية على إدارة بعض المنظمات، حتى أن بعض هؤلاء المدراء يعمل تحت إدارتهم أصحاب شهادات علمية بصفة عمال ورواتبهم قليلة.
يقول محمود وهو طالب هندسة كهربائية سنة ثالثة إنه يعمل كعامل عادي في تحميل المواد وشحنها بالسيارات براتب زهيد ضمن إحدى المنظمات ومدير تلك المنظمة لا يحمل أي شهادة.
ويعمل سمير وهو مهندس معماري، ضمن إحدى المنظمات ومديره التنفيذي في العمل لا يحمل شهادة، ولكن له علاقات وارتباطات جعلته مديراً في تلك المنظمة.
يقول سمير عن هذا الأمر: “المثير للسخرية أن أكون مأموراً من قبل شخص لا يحمل أي شهادة وأنا أحمل شهادة في الهندسة، إن هذا الوضع مثير للاستياء.
أما محمود فيقول متحسراً: ” نحن متعلمون ونحمل شهادات علمية ويعاملونا كأننا عمال عتالة”
هذا هو واقع الحال في سوق العمل الذي يعج بالتناقضات، حيث تم تهميش أصحاب الخبرة والشهادة وتصدر المشهد بعض من أسعفتهم علاقاتهم ومحسوبياتهم، ليجعلوا من المؤسسات دكاكين نفعية لمصلحتهم الشخصية، على حساب من تعبوا سنوات في تحصيلهم العلمي.